الرقم الكردي الصعب – امين قمورية

مقالات 0 admin

التاريخ النضالي لاكراد سوريا حافل. وانخراطهم في الحياة العامة نشيط. منهم من قاد المعارك ضد الاحتلال الفرنسي كابرهيم هنانو، ومنهم من قاد العمل الوطني والنقابي كخالد بكداش، ومنهم من تسلم اعلى المناصب في الدولة كفوزي السلو وحسني الزعيم. ناصروا التغيير ودفعوا مثل غيرهم من مناصري التغيير افدح الاثمان. التزموا الوطنية ولم تظهر لديهم مشكلة قومية الابعدما انهكهم تعاقب الانظمة الشمولية المشبعة بالتعصب القومي والرافضة للتنوع والاختلاف.
الانهيار السوري المستمر شكل فرصتهم المنتظرة. لم ينخرطوا في الانتفاضة كما كانت تشتهي المعارضة، ولم يناصروا النظام كما فعلت اقليات اخرى. انتظروا لحظة اهتزاز الكيان وتفككه ليطلقوا مسيرة فرض امر واقع في مناطق وجودهم. تصرفوا وكـأن ما يجري في المنطقة سيغير خريطتها ووجهها ويقيم فيها نظاماً جديداً متشابكاً في المصالح. لذا فإن ثمة فرصة تاريخية لتصحيح خطأ حرمهم حقوقهم القومية، فإذا كان سايكس – بيكو شتتهم بين دول عدة ولد بعضها من رحم هذا الاتفاق، فان اعادة رسم الخرائط مجدداً قد يعيد احياء حلمهم الذي لم ينطفئ باقامة دولة مستقلة… فهل فعلا حانت الساعة ؟ وهل ولى زمن الهزائم والانكسارات؟ افادوا من تفكك العراق وتلاشي القبضة السورية، وعبروا الى طموحاتهم من ثغرة الفراق مابين انقرة وطهران. لكن الخوف من صحوة الاكراد وظهور خريطتهم التي من شأن قيامها تغيير كل الخرائط في الشرق الاوسط، اعاد الوصل ما بين الرباعي الذي كان في السابق يختلف على اي شيء إلا على تبديد الحلم الاستقلالي للاكراد.
دخول القوات الكردية الى منبج اعاد خلط الاوراق وغيّر كل المعطيات. هذه المدينة ستكون جسرًا يربط بين القطاعات الثلاثة للمشروع الكردي الحلم، الجزيرة وعين العرب وعفرين. هنا حضرت المخاوف التركية من اقتراب تحقيق الحلم الكردي بإقليم مستقل في المحادثات بين الرئيس التركي ونظيره الروسي في بطرسبرج، وهنا ايضا تبدلت اللغة ما بين طهران وانقرة. وهنا استنفرت دمشق وشغلت محركات البازار السياسي. فهل معركة الحسكة في التوقيت والشكل وفي ظل الرد الاميركي الخجول، مدخل لاتفاق دولي على تحجيم دورهم ميدانيا على الاقل او انذارهم بالتريث وعدم الجموح؟ اوهل بات الأكراد الذين انعش احلامهم الاستقلالية والدعم الغربي على موعد مع خذلان جديد ؟
واضح أن رحلة الاكراد لاتزال طويلة وعنيفة. لكن لا يمكن النظر إلى مصير أكراد سوريا خارج مصير سوريا، فسوريا لن تعود كما كانت وهؤلاء لايمكن ارجاعهم الى ما كانوا قبل خمس سنوات. لقد بات الاكراد الرقم الاصعب في المعادلة، فإما ان ينالوا مرادهم وتاليا يشرعوا اسقاط حدود خرائط الاقليم المرسومة قبل مئة عام، واما ستظل لعنة التاريخ والجغرافيا تلاحقهم. وكلتا الحالتين ترتّب اثمانا باهظة.

النهار 23-8-2016

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة