أوكار الدبور – فرحان المرعي
سيارة الأجرة، كانت تقلُّ بنا من دهوك إلى معبر فيشخابور، سيمالكا، على الحدود العراقية، السورية – بعد غزو داعش للأيزيديين الكرد في قضاء سنجار عام ٢٠١٤ ، غزوة، ندت لها جبين البشرية، كما كان عاراً على جبينها في
هذا العصر المتخم بقوانين حقوق الإنسان!!!! كيف تم إبادتهم، وسبي نساءهم، وعرضهم للبيع والشراء في أسواق(الدولة الإسلامية المزعومة) في الرقة والموصل، كما النعاج، غزوة، لا أقل من غزوات دولة الرسول في بدايات الإسلام الاولي!!!! – كنا ثلاثة ركاب، أيزيدي، سائق السيارة من الناجين من الغزو ، وانا المسلم، تحت السيف، أو الجزية ونحن صاغرون، أو بالوراثة، وآخر مسيحي، يا للصدفة، حضارة ميزوبوتاميا تلتقي في حافلة صغيرة، في أبها صورها بعد غزو داعش لسنجار!!!! سألت السائق :من أين جاءكم داعش، كيف هاجموكم، من هم،؟ رد متألماً، ساخراً، مستغرباً، : ليس من أي مكان، بل كانوا من جيراننا،( بعض) من إخوتنا العرب، نعرفهم وجهاً لوجه، كأنهم كانوا ينتظرون لحظة الصفر للإنطلاق، هاجمونا بالتزامن مع هجوم داعش، نهبوا بيوتنا ، وقتلوا شبابنا ورجالنا، وسبوا نساءنا؟! هنا كان عملية شحن طائفي وديني مقيت !!!!.
كنا صغاراً، نبحث في براري القرية، على أوكار الدبور، نغلقها في المساء، وفي ظهيرة الصيف القائظ من اليوم التالي، نذهب، ونتحرش بها، نهيجها، ونفتح الأوكار ، فتهاجمنا الدبور بشراسة، يلدغ هذا وذاك، تتورم عيوننا ووجوهنا، في معركة، نعود منها خاسرين خائبين!!!!
بعد الإنتصار العسكري على داعش، عام ٢٠١٩، من قبل قوات قسد، والتحالف الدولي، وإنهاء دولة الخلافة الإسلامية المزعومة في الرقة، تم اعتقال وأسر آلاف من عناصر داعش، وعائلاتهم،، يقال ان عددهم، خمسة آلاف، وبعض التقديرات، عشرة آلاف أو أكثر …. وتم تجميعهم في المعتقلات والمخيمات، وفي الحارات الآهلة بالسكان، في مدينة الحسكة، وجوارها، دون إيجاد حلول قضائية لهؤلاء المعتقلين المجرمين، ولا محاكمتهم في محاكم دولية، كون معظمهم أرهابيون عابرون للحدود، ولا إعادتهم إلى الدول التي جاءوا منها!!!! وحصل أكثر من تمرد في هذه السجون والمخيمات، آخرها، التمرد الذي حصل في سجن غويران،- لن نبحث في التحليل الأمني والعسكري لهذا الحدث- واتمنى ان لا يكون هناك أي شحن قومي في المنطقة، من تداعياته -بقدر ما نثير التساؤلات- لماذا هذا العالم، وخاصة الدول الفاعلة على ساحة الصراع السوري، تحتفظ بأوكار الإرهاب في بلادنا، تلعب بها، تحركها، وقت تشاء، عندما تقتضي مصالحهم ، المحلية والإقليمية والدولية، ولو كان ذلك على حساب دماء شبابنا، ولماذا هذا الحرص على حياة مجموعات إرهابية، قتلت، أجرمت، ذبحت البشر، وسبتْ واغتصبتْ النساء، لماذا هذا الحرص عليهم؟ بينما وأمام أعينهم، وبسلاحهم، قتل أكثر من مليون بريء من الشعب السوري، و هجر أكثر من عشرة ملايين ؟!
وفي النهاية، الثناء الذي نحصل عليه، نحن الكرد الذين، كانوا في المقدمة، في إقليم كردستان، (وشمال شرق سوريا)، قاتلوا داعش، وقدموا آلاف الشهداء، هو تغريدة على التويتر، من قبل رئيس دولة مثل امريكا: الكرد رجال شجعان!
فرحان المرعي – ٢٨-١-٢٠٢٢