جرمانا: بيان من أجل السلام بين السوريين
جرمانا: بيان من أجل السلام بين السوريين
لا يشك أحد أن عملية التحول إلى دولة حقيقية في سورية، بعد سقوط دولة الطاغية وميليشياتها، لن تكون سهلة وخلال ثلاثة الأشهر الماضية مرت هذه العملية بمنعطفات حادة أثارت رعب السوريين وخوفهم على أمنهم واستقرارهم وعلى تجربتهم الوليدة التي يخشون فشلها رغم كل ما يعانوه من شظف العيش والمعاناة اليومية في تحصيل مقومات الحياة الأساسية.
تشكل ضاحية جرمانا نموذجاً لتنوع سكاني، ليس نادراً وجوده في العاصمة دمشق وضواحيها، رغم بقاء الطابع التاريخي للضاحية والوجود التاريخي للدروز، لكن استمرار وجود بعض المجموعات التي تشكلت في زمن النظام البائد وإصرارها على مواجهة ورفض عملية تَكَون مؤسسات الدولة، من خلال طريقتها الميليشياوية وادعاء تمثيلها وحمايتها للمكون الدرزي كل ذلك لابد أن ينتج عنه بين فترة وأخرى أحداث مؤسفة يكون ضحيتها بعض عناصر الأمن والمواطنين المدنيين.
وحده دور الدولة التي تتشكل أجهزتها تدريجياً هو ما يمكن أن يحد من أو ينهي تلك الاحداث المأساوية على ان يكون ذلك بمراعاة الخصوصيات المحلية ولكن ليس على حساب إضعاف دور الدولة، وهو أمر يحتاج إلى جهد وصبر وتتحمل مسؤوليته أولاً أجهزة الدولة الأمنية والشرطية، التي يجب أن تعمل وفق معايير حقوقية ومهنية، وثانياً المجموعات التي كانت تعوض عدم وجود الدولة سابقاً، والتي يتوجب عليها الآن أن تتغير وتنتقل من دور الفصائل إلى دور الأجهزة بالاندماج مع مؤسسات الدولة الجديدة لتحمي أمن جميع المواطنين السوريين بغض النظر عن أصولهم والمناطق التي جاؤوا منها، فلا يعقل أن يكون لكل مكون في كل ضاحية من يحميه وينظم حياته اليومية.
لن نتعرض لتفاصيل ما جرى من أحداث جرمانا ومن خسارة بعض الأرواح وجرح بعض الأشخاص فذلك هو ما يجب أن تتم متابعته من خلال أجهزة الأمن والشرطة بهدف إحقاق الحق. وما جرى في النهاية من دخول أجهزة الأمن وبمشاركة شخصيات فاعلة من جرمانا والسويداء هو أمر يبعث على الاطمئنان ويعيد لجرمانا هدوءها وسلمها وحركتها الضاجّة بالحيوية.
وما يريده جميع السوريين هو الاستفادة من دروس الاشتباكات التي حصلت وذلك بمحاولة الانتهاء من أسباب حدوثها وبمنع تكرارها ليتفرغ الناس لمحاولة حل مشاكلهم المعيشية والمشاركة في بناء سورية الجديدة. إننا في تيار مواطنة، وحرصاً منا على عدم تكرار حوادث كالتي حصلت في جرمانا، ولقناعتنا بأن الوضع في سوريا لا يزال هشاً بعد سقوط الطاغية، و مرشحاً لحوادث مماثلة نرى أن الاتكال على التوافقات الاجتماعية والاعتماد على الوجاهات، سواءً الاجتماعية أو الدينية، ليست خياراً ناجعاً في كل الأوقات، وبناء عليه نعتقد أن الإجراء الأساسي الذي يرسخ حالة الاستقرار ويقطع الطريق على العبث بالأمن الوطني، هو الذهاب إلى مؤتمر وطني يؤسس لعقد اجتماعي جديد ويعمل على تحضير دستور يتبنى بشكل واضح مبدأ “المواطنة” والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، والعمل الجاد والسريع على إطلاق مسار للعدالة الانتقالية، والتأسيس لبناء جيش وطني وقوى أمنية وجهاز شرطة مبني على أساس التشاركية، وترسيخ حالة من الشفافية قادرة على طمأنة كافة المكونات الاجتماعية والطائفية والعرقية داخل المجتمع السوري، وبغير ذلك نعتقد أن حوادث كهذه وربما أخطر منها مرشحة للحدوث في أي وقت.
أخيراً إن السوريين أو بعضهم ليسوا بحاجة إلى حماية إسرائيل، التي تحاول الاستفادة من هشاشة الوضع العسكري والأمني وعدم انتشار أجهزة السلطة بشكل كاف، لتحاول إيجاد مدخل إلى الحياة الجديدة في سورية من خلال أحداث جرمانا كما حاولت سابقاً في القنيطرة والمناطق الحدودية.
تيار مواطنة مكتب الاعلام 04/03/2025
اترك رداً