جذور تطرف الأديان و الجرائم المستمرة ضد الإنسانية / محمد إبراهيم باشا
-
أضحى تنظيم الدولة الإسلامية ( داعش)- في مرحلة ما– شغل العالم الشاغل ومصدر قلقه ومخاوفه، حيث دأبت أغلب وكالات الأنباء ومراكز الدراسات الاستراتيجية العالمية و الإقليمية على رصده و تتبع أخباره وإعداد البرامج الوثائقية عنه، للوقوف على أصول تأسيسه للأحكام الشرعية التي ركن اليها في فرض و تطبيق عقوباته، ضمن مناطق نفوذه السابقة في سوريا والعراق وليبيا وآلية إصدارها كما دأبت –الوكالات العربية والإسلامية منها – على مهاجمة التنظيم ونكران أية سبغة شرعية لتلك الأحكام وإصرار الغالبية الغالبة من علماء المسلمين على مخالفتها لروح الإسلام الحنيف واساءتها البالغة له، بالقدر الذي أستلزم محاربته ومواجهته فكريا وعسكريا واقتصاديا و سياسيا وبكافة الوسائل الأخرى، التي يمكن لها أن تكافحه وتمحو آثاره السلبية التي سببها للإسلام وللمسلمين، لدرجة أن الغالبية العظمى من المرجعيات الدينية والفكرية المشرقية قد برأت الإسلام من أفعاله وأحكامه مسبغين عليه صفة التطرف الشديد ومخالفة التعاليم الدينية فضلا عن تعرضه لهجوم مماثل من الكنائس المختلفة –الشرقية منها والغربية – ومن الدول الغربية و الولايات المتحدة الأمريكية حاملة لواء العلمانية والمدنية والحرية في العالم ، فقد جادل الجميع بطريقة التنظيم في تأصيل أحكامه و تنفيذ عقوباته ودفعتهم للتساؤل عن حقيقتها ومدى شرعيتها و توافقها مع الأصول الفقهية الإسلامية وخاصة ماتعلق منها بأحكام السبي و الرق و التحريق، بعد حادثة الطيار الأردني معاذ الكساسبة و سبي الايزيديات في قضاء سنجار وأثارت تساؤلي –كعلماني يريد الوقوف على حقيقة التطرف في كل الأديان – ودفعتني لمراجعة مصادر التشريع الإسلامي –من كتاب وسنة و اجتهاد…الخ – ومصادر التشريع المسيحي واليهودي والوضعي للتأكد من نظرتها لكلا من الرق والسبي والحرق – على وجه الخصوص – فتوصلت إلى بعض الحقائق التي أتشرف بتقديمها مبتدئا ببديهية مفادها أن تنظيم الدولة الإسلامية ( داعش ) يعرف نفسه على أنه تنظيم سلفي و أتباعه سلفيين والمعروف أن السلف هو مصطلح مثير للجدل بين الفرق الإسلامية، فعلى الرغم من اتفاق أغلب الفرق الإسلامية على المدلول العام للمصطلح، إلا أنه يثير الخلافات عند تفصيل معناه وأهميته فالسلف لغة بفتح السين واللام هو الأباء والأجداد، أما مصطلح السلف الصالح فهو تعبير يراد به المسلمون الأوائل من الصحابة و التابعين وتابعيهم، على أعتبار أنهم القدوة الصالحة والسلفية هي منهج إسلامي يدعو الى فهم الكتاب والسنة –بعضهم سلف الأمة وهم الصحابة والتابعون وتابعوا التابعين– باعتباره يمثل نهج الإسلام الأصيل والتمسك بأخذ الأحكام من القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة ويبتعد عن كل المدخلات الغريبة عن روح الإسلام وتعاليمه والتمسك بما نقل عن السلف ومن أهم الفقهاء المحسوبين على هذا المنهج أو التيار كلا من ابن تيمية وابن القيم الجوزية و محمد بن عبد الوهاب التميمي و محمد ناصر الدين الألباني وسيد قطب ..
-
يحسب للتنظيم – وعند تنفيذ أحكامه – ذكر النص الشرعي الذي ركن إليه في التجريم والعقاب –وفق منظوره في التفسير – وهوما فعله عند تطبيق عقوبة التحريق/معاذ الكساسبة / فعلى الرغم من وجود نهي عام عن هذه العقوبة، إلا أن جمهور أهل العلم أجازوا التحريق بالنار، على سبيل القصاص والعقاب بالمثل، فمن حرق غيره يجوز _على هذا القول_ أن يعاقب بالحرق قصاصا فاستدلوا بقوله تعالى / فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين / سورة البقرة الآية 194 :
-
وقوله تعالى / وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين / سورة النمل الآية 126 :
-
والقاعد الأصولية تقول أن إعمال النصين الصحيحين غير المنسوخين أولى من اهمال أحدهما فلهذا يرى جمهور الفقهاء جواز التحريق بالنار على وجه القصاص قال ابن الملقن : وقالت طائفة من حرق يحرق وبه قال مالك واهل المدينة والشافعي واصحابه واحمد واسحاق / الجامع الصحيح 18-61 /
-
ينسب كذلك لعلي ابن أبي طالب و لأبو بكر الصديق و خالد بن الوليد/رضي الله عنهم/ حرق مرتكبي اللواط وهو ما أكد عليه ابن القيم الذي قطع بثبوت الحادثة / الحدود والتعزيرات عند ابن القيم 175/
-
أما بخصوص السبي –وهو ما أثار ضجة عالمية كبيرة في أعقاب إقدام التنظيم على سبي النساء الايزيديات من قضاء سنجار – فان تاريخ التسري قديم ويعود إلى النبي إبراهيم الخليل، فقد أنجب من جاريته هاجر النبي إسماعيل، الذي أتت منه سلالة العرب، أما نشأة المصطلح في الإسلام فهو بعد غزوة حنين، حين أسر المسلمون عددا من نساء المشركين لكنهم حاروا في مسألة معاشرتهن، هل هي جائزة أم محرمة ؟؟ وكان هذا سببا لنزول آية والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم، وقد بقي حكم ملك اليمين معمولا به ولم ينسخ مع مرور الوقت قال تعالى :/ والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فأنهم غير ملومين / سورة المؤمنون الآية 5-6 – المعارج 29-30 / كما أن أبي سعيد الخدري قال النبي صلى الله عليه وسلم في سبايا أوطاس لا توطأ حامل حتى تضع ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة / رواه أبو داود والحديث صحيح – الشيخ الألباني في إرواء الغليل 187 /
-
عن أنس بن مالك قال: قدم النبي عليه السلام خيبر، فلما فتح الله عليه الحصن ذكر له جمال صفية بنت حيي بن أحطب وقد قتل زوجها وكانت عروسا فاصطفاها رسول الله ص لنفسه، فخرج بها حتى بلغنا سد الروحاء حلت فبنى بها / البخاري 2120 / … وكذلك الأمر بالنسبة لجويرية بنت الحارث من بني المصطلق ..
-
يا أيها النبي إن أحللنا لك أزواجك اللاتي أتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك وامرأة مؤمنة أن وهبت نفسها للنبي ان أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا مافرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت آيمانه لكيلا يكون عليك حرج وكان الله غفورا / سورة الأحزاب اية 50 /
-
وحيث أن الايزيدين ليسوا من أهل الكتاب– أي كفار من منظور التنظيم / وحيث أن مشروعية السبي ثابتة نصا لما سبق ذكره، مما ينفي عن التنظيم أية مخالفة شرعية، آخذين بعين الاعتبار عدم صدور فتاوي من المراجع الإسلامية العليا، بما فيها الأزهر الشريف تحرم السبي أو تمنعه حتى تاريخه، ولاتزال فتاوى السبي تدرس لطلبة العلوم الشرعية في كافة الجامعات الإسلامية.
-
أما بخصوص الرق الذي هو امتلاك الإنسان للإنسان ، فقد حدد الإسلام مصادره في مصدر واحد فقط هو رق الحرب الذي يفرض على الأسرى من الكفار وكذا على نسائهم وأولادهم.
-
يقول الشيخ الشنقيطي : / وسبب الملك بالرق هو الكفر ومحاربة الله ورسوله فاذا اقدر الله المسلمين المجاهدين الباذلين مهجهم وأموالهم وما أعطاهم الله لتكون كلمة الله هي العليا على الكفار جعلهم ملكا لهم بالسبي الا اذا اختار الامام المن أو الفداء لما في ذلك من المصلحة للمسلمين /
-
( أضواء البيان 387/3)
-
كما أن القاعدة المعروفة عند العلماء وكافة العقلاء أن الحق السابق لا يرفعه الحق اللاحق والأحقية بالأسبقية ظاهرة لا خفاء بها والمعنى أن المسلمون عندما غنموا الكفار بالسبي ثبت لهم حق الملكية بالنص، فاذا استقر هذا الحق وثبت ثم أسلم الرقيق بعد ذلك كان حقه في الخروج من الرق بالإسلام مسبوقا بحق المجاهد الذي سبقت الملكية له قبل الإسلام، بمعنى عدم جواز رفع الحق السابق بالحق اللاحق المتأخر عنه .
( اشهر ثورة للعبيد في التاريخ الإسلامي كانت ثورة الزنج في العصر العباسي في القرن التاسع )
-
تتضح لنا– مما سبق ذكره – حقيقة ثبوت السبي و الرق والتحريق في الإسلام وان تنظيم الدولة لم يجتهد بهذا الخصوص ولم يبتدع أي جديد، بل تمسك متطرفا بأحكام السلف الصالح وفقا لمنظوره الخاص. ومع ذلك فأنني أرى الرق عند المسلمين ،خير منه عند غيرهم وأن حال الأرقاء في الشرق كان أفضل من حال الخدم في أوربا، فأرقاء الشرق كانوا جزءا من الأسرة بعكس أقرانهم في الغرب، كما أن السبي والرق والحرق وجد كذلك في المسيحية واليهودية على نحو أشد وطأة، فالمسيحية لم تعترض على العبودية من وجهها السياسي ولا من وجهها الاقتصادي ولم تحرض المؤمنين على منابذة جيلهم في آدابهم من جهة العبودية حتى ولا المباحثة فيها ولم تقل شيئا ضد حقوق أصحاب العبيد ولا حركت العبيد إلى طلب الاستقلال ولا بحثت عن مضار العبودية ولا عن قساوتها ولم تأمر بإطلاق العبيد حالا وبالإجماع لم تغير النسبة الشرعية بين المولى والعبد بشيء، بل بعكس ذلك فقد أثبتت حقوق كل من الفريقين وواجباته .
-
فقد أمر بولص الرسول العبيد بطاعة سادتهم كما يطيعون المسيح فقال في رسالته الى أهل أفسيس / أيها العبيد أطيعوا سادتكم حسب الجسد بخوف ورعدة في بساطة قلوبكم كما المسيح لا بخدمة العين كمن يرضي الناس بل كعبيد المسيح عاملين مشيئة الله من القلب خادمين بنية صالحة كما للرب ليس للناس عالمين أن مهما عمل كل واحدة من الخير فذلك يناله من الرب عبدا كان أو حرا – الاصحاح السادس – 5/9
-
و لا يخفى عن الجميع الجرائم المروعة _من قتل وحرق وتعذيب وقطع _ المرتكبة من قبل محاكم التفتيش المنشأة من قبل الكنيسة الكاثوليكية في أوائل القرن الثالث عشر بأمر من البابا جرينوار التاسع والتي كانت السبب في مقتل الآلاف من اليهود والمسيحيين والمسلمين في أوربا بشكل عام وفي كلا من فرنسا واسبانيا بشكل خاص.
-
يقول غوستاف لوبون في كتابه حضارة الغرب : / يستحيل علينا أن نقرأ دون أن ترتعد فرائضنا من قصص التعذيب والاضطهاد التي قام بها المسيحيون المنتصرين على المسلمين المنهزمين فلقد عمدوهم عنوة وسلموهم لدواوين التفتيش التي أحرقت منهم ما استطاعت من الجموع حيث اقترح القس بليدا قطع روؤس كل العرب دون استثناء فمن لم يعتنقوا المسيحية بما في ذلك النساء والأطفال وهكذا تم قتل 3 ملايين من العرب /
-
كما استمرت محرقة محاكم التفتيش موقدة حتى القرن الثامن عشر، حيث اقترفت جرائم يندى لها جبين الإنسانية وتهون أمامها جرائم داعش ( إذا تمت المقارنة بموضوعية بين جرائم الطرفين ) ومنها على سبيل المثال لا الحصر حادثة قتل جان فرانسوا لابار التي حصلت في عصر التنوير ، حيث قطعوا يده لأنه كسر الصليب واقتلعوا لسانه ثم حرقوه حيا وقد كان شابا لا يتجاوز 19 من عمره وقد استغل فولتيير هذه الحادثة وهاجم الأصوليين المسيحيين هجوما شديدا وحادثة حرق الفيلسوف ميخائيل سيرفتيوس حيا لأنه شكك بعقيدة التثليث والحوادث التي وقعت في فرنسا بين عامي 1562- 1598 عندما هاجمت الجماهير الكاثوليكية أفراد الأقلية البروتستانتية في مختلف المدن والأرياف وكان أن حصلت المجزرة الشهيرة باسم مجزرة سانت بارتيليمي التي ذهب ضحيتها اكثر من /5000/ شخص وما تبعه من فرار البروتستانت الفرنسيون إلى مختلف أنحاء أوربا، إلا أن اكثر الجرائم وحشية هي الجرائم التي تعرض لها سكان مونتاليو سنة 1308 والتي انتهت إلى قتل أغلب سكانها، بمن فيهم القس بياركليرج و أميرة القرية بياتريس دي بلانزو و بيار موري والاخوين اوتير (المبشرين البروتستانت )، بأوامر رئيس محكمة التفتيش آنذاك المدعو برناردو جودناز، الذي أصبح لاحقا البابا بندكيت الثاني عشر كما أن الجرائم المقترفة بحق المسيحيين المتحولين واليهود من قبل محاكم التفتيش والرهبان الدومنيكان التي أنشأت في اسبانيا سنة 1478 والتي قضت على مايقارب من 15% من سكان اسبانيا أكبر بكثير من إمكانية حصرها بمقالة أو دراسة وكذلك جريمة إعدام الطالب بومبونيو في 22 أغسطس 1556 من خلال سلقه حيا في وعاء من القطران والزيت المغلي في ساحة نافونا بأوامر من البابا بولس الرابع، مما يؤكد حقيقة المقولة التي كانت رائجة حينها / تنصر أو تموت / ويؤكد أن محاكم التفتيش فرضت الكاثوليكية والارثوذكية على العالم أجمع لمدة تزيد عن 600 سنة .
-
أما العبودية والرق والسبي في اليهودية فقد كانت أحكامها أشد وأعتى منها في المسيحية والإسلام. يقول سفر الخروج في الاصحاح 21 – 2/12 :
/ إذا اشتريت عبدا عبرانيا فست سنين يخدم وفي السابعة يخرج حرا مجانا أن دخل وحده فوحده يخرج إن كان بعل امرأة تخرج امرأته معه إن أعطته سيده امرأه وولدت له بنين وبنات فالمرأة وأولادها يكونون للسيد وهو يخرج وحده ولكن إذا قال العبد احب سيدي وإمراتي وأولادي لا اخرج حرا يقدمه سيده إلى الله ويقربه إلى الباب أو إلى القائمة ويثقب سيده اذنه بالمثقب يخرمه الى الابد /
/ ملعون كنعان عبد العبيد يكون لإخوته وقال مبارك الرب اله سام وليكن كنعان عبدا لهم / سفر التكوين اصحاح 25/9 – 26
-
حين تقترب من مدينة لكي تحل بها استدعها الى الصلح فان اجابتك الى الصلح وفتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون للتسخير ويستعبد لك وان لم تسالمك بل عملت معك حربا فحاصرها واذا دفعها الرب الهك الى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف واما النساء والأطفال والبهائم وكل من في المدينة كل غنيمتها فتغنمها لنفسك
/ سفر التثنية الاصحاح العشرون 10-14 /
-
أما بالنسبة لأحكام القوانين الوضعية فلم تكن بأحسن حالا من أحكام الأديان السماوية، تجاه مسألة الرق والعبودية وكلنا يعلم بقوانين التمييز العنصرية الصارمة التي سنت تجاه السود في الولايات المتحدة الأمريكية وجنوب أفريقيا والتي كانت مطبقة حتى أواخر القرن العشرين و التاريخ الأسود لتجارة العبيد في بريطانية ، فقد مكثت تجارة الرقيق في أيدي شركات إنكليزية حصلت على حق احتكار ذلك بترخيص من الحكومة، ثم أطلقت أيدي جميع الرعايا البريطانيين في الاسترقاق ويقدر بعض الخبراء مجموع ما استولى عليه البريطانيون من الرقيق واستعبدوه في المستعمرات من عام 1680 ولغاية 1786 حوالي ( 2130000) / دائرة المعارف البريطانية 779/2 مادة slavery /.
-
يتضح جليا مما سبق ذكره إجماع الأديان السماوية الثلاثة على موضوع الرق والعبودية وان كان بنسب متفاوتة من حيث الشدة واللين، فلا يمكن مقارنة الأحكام الخفيفة الموجودة في المسيحية بالأحكام القاسية والمتشددة الموجودة في اليهودية، آخذين بعين الاعتبار أن اليهودية هي الدين السماوي الوحيد الذي تلقى فيه النبي تعاليمه وأحكامه من الخالق مباشرة، بعكس الأديان الأخرى و تطابق هذا الإجماع مع القوانين الوضعية التي سنت لاسترقاق الناس واستعبادهم ،من قبل مدعي الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان في الغرب، الذين كانوا يصطادون الرقيق من قراهم المحاطة بالأدغال كما يصطادون الحيوانات عن طريق إيقاد النار في الهشيم الذي صنعت منه الحظائر المحيطة بالقرية ،حتى إذا نفر أهل القرية إلى الخلاء تصيدهم الإنكليز بما اعدوا لهم من وسائل.
-
( تم نقل مليون زنجي إلى أمريكا بعد موت 9 مليون أثناء الاصطياد والشحن والنقل في أعوام 1661/1774 )
-
كما دعمت الحروب الهندية سلوك التمييز العنصري، لتبرير الإبادة الجماعية ، التي استمرت لعقود في مواجهة السكان الأصليين، لانتزاع أراضيهم، إذ لم يكن الهنود بشرا –بحسب المفهوم الغربي– ولذلك لم تنطبق عليهم الاعتبارات الإنسانية وقد خلف غزو القارة الأمريكية مايقرب من 60 مليون قتيل من السكان الأصليين 20 مليون منهم قضى أثناء الحروب الهندية في أمريكا الشمالية .
-
لقد كانت كفاءة الإبادة للهنود الأمريكيين، المبرر الذي جعل هتلر يتخذها كمثل يحتذى به في الحل الأخي،ر وهذا ما عبر عنه في النسخة الأولى من كتابه كفاحي، كما كانت القاعدة الفكرية للحزب الاشتراكي الوطني .
-
الخلاصة : إن المشكلة لا تكمن في الأديان بحد ذاتها، بل في التكفير الذي هو سمة أساسية من سمات الخطاب الديني وهذه السمة (التكفير ) لا تفارق بنيته سواء وصفناه بالاعتدال أم وصفناه بالتطرف ، فلا يستطيع أيا منا نكران حجم الجرائم التي ارتكبت ولا تزال ترتكب بأسم الأديان، في مواجهة البشرية ، على مذابح دور العبادة والتي دفع ثمنها الملايين من الناس بحجة الدين، فهل يعقل أن ترتكب محاكم التفتيش كل هذه الفضائع باسم السيد المسيح رسوم السلام (على سبيل المثال )؟؟ كما أنه لا تجوز شيطنة داعش وإغفال الجرائم الأخرى ،بحجة الفارق الزمن،ي فالخطاب الديني هو ذاته لم يتغير منذ نشأته، بل ماتغير هو مفاهيم أنظمة الحكم والسلطة في الدول التي تدين بتلك الأديان وتحولها إلى الأنظمة العلمانية التي وضعت حدا لتدخلات المؤسسة الدينية في الحياة السياسية و الاقتصادية والاجتماعية وجردتها من أسلحتها التي طغت فيها على الناس طيلة القرون السالفة ومن هنا فانا أكاد أجزم بأن ثقافة محاكم التفتيش لا تزال موجودة في فكر الكنيسة الكاثوليكية ( والدليل على ذلك عم اعتذارها عن الكثير من الجرائم التي ارتكبتها محاكم تفتيشها ) و سياسة التمييز العنصري لا تزال موجودة في ثقافة الدول الغربية ( آخر قانون تمييز عنصري تم إلغاءه في أمريكا كان في ثمانينات القرن العشرين ) كما هو التطرف لا يزال موجودا في فكر المؤسسة الدينية الإسلامية والكنيس اليهودي، إلا أن اعتبارات التطور في الأنظمة السياسية وما أفرزته الحضارة الغربية ( القرن التاسع عشر والقرن العشرين ) من نظريات ومفاهيم سياسية ومدنية جديدة من قبيل العلمانية والحرية و المدنية وفصل الدين عن الدولة والعقد الاجتماعي وحقوق الإنسان، هي التي حدت من تلك الجرائم بعد قرونا من الطغيان والاضطهاد والاستبداد، في حين لا زال الشرق المتخلف ساحة لاستمرارية ثقافة التكفير والاضطهاد، نتيجة لتخلف نظامه السياسي.
-
الحقيقة أن داعش وخطابها الديني السلفي التكفيري و الكنيسة بإرث محاكمها التفتيشية والكنيس اليهودي بخطابه المتطرف و الغرب بسياساته العنصرية السابقة قد أجرموا بحق الإنسانية ويتعين عليهم جميعا الاعتذار .