حكومات أم قطاع طرق ؟ / محمد إبراهيم باشا
بمناسبة التشكيل الحكومي الجديد الذي أبقى على غالبية وزراء الحكومة السابقة التي نالت ما نالته من انتقاد واستهزاء من غالبية الشعب السوري نتيجة لفشلها في تأمين الحد الأدنى من مستلزمات الحياة الكريمة وتفننها في ابتكار وسائل لسرقة الشعب السوري والسطو على ماتبقى لديه من مدخرات وأموال تارة بحجة تأمين استقرار سعر صرف الليرة السورية وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين وتأمين مستلزمات حياتهم وتارة أخرى بحجة ظروف الحرب الدائرة في سوريا منذ سنين أو تبعات وباء كورونا أو مصاريف إعادة الإعمار..الخ تبادر لذهني تساؤل محق سعيت لإيحاد جواب منطقي له : هل تتشابه الحكومات السورية المتعاقبة مع قطاع الطرق في آلية سرقة الشعب السوري أم أن ماتقوم به يندرج ضمن المهام الأساسية لكافة الحكومات الأخرى التي مرت بذات ظروفها؟؟
– حقيقة أن الحكومات السورية المتعاقبة منذ عام 1963 دأبت على سرقة الشعب السوري واذلاله دون تقديم الحد الأدنى من مستلزمات الحياة الكريمة شأنها شأن قطاع الطرق تقول للرجل (مالك أو حياتك ) مما يضطر المواطن السوري لدفع المزيد من الضرائب والأموال تحت ضغط ذلك التهديد مع اختلاف بسيط يكمن في أن الحكومة لا تكمن للمواطن في مكان منعزل وتثب اليه من جانب الطريق مصوبة مسدسها نحو رأسه وتبدأ بتفتيش جيوبه الا أن عملية سطوها تتم بنفس الوقاحة وعلى درجة أكبر من الخسة والنذالة فقاطع الطريق يتحمل وحده مسؤولية ارتكاب الجريمة ولا يتظاهر بأنه شيئ آخر غير كونه لصا بخلاف الحكومة التي تدعي التمثيل كما أنه لم يكتسب مايكفي من الصفاقة للادعاء بأنه يمارس فقط عملية حماية الناس على الطرقات وأنه يأخذ أموالهم رغما عنهم لقاء حماية حياتهم أثناء سفرهم ليلا بخلاف الحكومة التي تسرق وتقتل المواطنين بحجة حمايتهم فتفرض ضرائب جديدة لدعم المجهود الحربي –على سبيل المثال – لتشتري أسلحة أو براميل متفجرة تقتلهم بها دون تمييز بين مدني وعسكري وطفل وشيخ وامرأة وإرهابي ، إضافة لذلك فهو (قاطع الطريق ) يأخذ مالك ويتركك وشأنك ولا يصر على متابعتك في الطريق رغما عنك مفترضا أنه حاكمك الشرعي و بحجة الحماية التي يوفرها لك كما أنه لا يواصل حمايتك عن طريق أمره لك بالانحناء له وخدمته و الطلب منك أن تفعل هذا وتمتنع عن فعل ذاك وعن طريق سلبه مزيدا من المال كلما وجد فائدة أو متعة في ذلك وعن طريق وسمك بأنك خائن وعدو لبلدك وإطلاق النار عليك دون رأفة إذا شككت في سلطته أو قاومت طلباته انه (قاطع الطريق) على درجة من التهذيب بحيث لا يلجأ لمثل هذه الحيل و الإهانات والنذالات انه باختصار لا يحاول –إضافة لسرقتك –أن يجعلك مغفلا أو عبدا له، يسرقك ويمضي في حين أن الحكومات السورية المتعاقبة سرقت ولا تزال تسرق الشعب السورية وهي مصرة على استغفاله و استعباده وإذلاله والضغط على كاهله بضرائب ما انزل بها الله من سلطان بذرائع الحماية و تأمين الحياة الكريمة والرعاية الصحية والعدالة الاجتماعية في حين أنها عجزت طيلة السنوات الماضية عن تأمين الحد الأدنى من كل ما سبق ذكره مجبرة الشعب السوري _الذي أضحى بدون حول أو قوة _ على سداد المزيد من الأموال بذرائع سخيفة كإلزامه بصرف مبلغ (100) دولار بسعر الصرف المحدد من المصرف المركزي عند الدخول إلى بلده أو بضرائب إعادة الإعمار الذي لم نر منه شيئا على أرض الواقع أو سداد بدل الخدمة العسكرية بالعملة الصعبة دون أن تلزم المصرف المركزي ببيعها للسوريين والى حسابات بنكية خارجية مجهولة_ على سبيل المثال لا الحصر _مع استمرار ازدياد معدلات الفقر والجريمة و انخفاض مستوى المعيشة و الخدمات الصحية والتعليم ..الخ
– من هنا لا بد لكل محب للحرية في سوريا أن يعي أن الناس يؤلفون الحكومة لتحمي حقوقهم وبوسعهم العيش بدونها والحكومة جيدة التنظيم هي نظام كفوء لحماية الحقوق وإذا تجاوزت ذلك الدور فان للناس الحق في الثورة لأنهم يتمتعون بحقوق طبيعية قبل أن تنشأ الحكومة ذاتها و لأنها ليست حرة أن تفعل ما تشاء ، و أن كل من يضع أموالا في يدي الحكومة السورية فانما يضع في يديها سيفا سيستخدم ضده لابتزاز المزيد من المال منه وإبقاءه خاضعا لارادتها الكيفية، و أن أولئك (أعضاء الحكومات ) الذين سيأخذون أمواله دون موافقته سيستخدمون هذا المال_ في المقام الأول _للامعان في سرقته واستعباده اذا تجرأ على مقاومة طلباتهم في المستقبل ، و أن الأمن الوحيد الذي يمكن للناس أن يحققوه لحريتهم السياسية يكمن في الاحتفاظ بأموالهم داخل جيوبهم حتى يتلقوا ضمانات _ يطمئنون اليها_ بأن هذه الأموال ستسخدم كما يريدون لها أن تستخدم لمصلحتهم لا للإضرار بهم ، و أنه لا يمكن الوثوق بأية حكومة من الحكومات السورية المتعاقبة ولو للحظة واحدة أو الافتراض في حدود المعقول أن لها أهدافا صادقة واضحة لأنها لم تعتمد يوما ما على التأييد الطوعي لها فكل السوريين يعلمون تمام العلم آلية تشكيل الحكومات المتعاقبة و عملها فهذه الحقائق أساسية وبديهية للغاية بحيث لا يمكن افتراض بأن أحدا سيدفع مالا لحكومة لتأمين حمايتها له إلا إذا أبرم أولا معها عقدا صريحا وباختياره التام لهذه الغاية وهو مالم يتم في سورية منذ عام 1963 وحتى تاريخه وبخلاف ذلك فمن حق الجميع تجاهلها والامتناع عن التعاون معها أو مساعدتها لأنها تسرقهم بأدوات يخجل قاطع الطريق عن استخدامها.