أفكار سريعة: ماريا فانتابيه حول أكراد سورية

[يلعب أكراد سورية دوراً يزداد بروزاً في الصراع الذي تشهده البلاد؛ وفي السنوات الأخيرة بسطت قوات حزب الاتحاد الديمقراطي PYD سيطرتها الفعلية على معظم الأراضي الواقعة في شمال سورية التي يشكل الأكراد جزءاً كبيراً من سكانها. في آذار/مارس 2016، وبعد فترة قصيرة من استبعاد الحزب الديمقراطي الكردي من المشاركة في المحادثات الدبلوماسية التي تستضيفها الأمم المتحدة في جنيف، أعلن الحزب الكردي السوري أن المناطق الخاضعة للإدارة الذاتية التي كان الحزب قد أسسها ستشكل من ذلك الوقت فصاعداً إقليماً فيدرالياً داخل سورية. في هذه الأثناء، تعهدت تركيا، التي ترى في حزب الاتحاد الديمقراطي امتداداً لحزب العمال الكردستاني الذي تخوض صراعاً معه منذ ثمانينيات القرن العشرين، بمنع المزيد من توسيع قوة حزب الاتحاد الديمقراطي في شمال سورية. للتوصل إلى فهم أفضل للسياسات الكردية السورية وعلاقة الأكراد بالصراع الأوسع في سورية، وكجزء من سلسلة من الأفكار السريعة مع محللي مجموعة الأزمات لشؤون الشرق الأوسط، التقت جدلية بماريا فانتابييه، كبيرة المحللين لدى المنظمة، والتي قادت الأبحاث حول القضية الكردية منذ بداية الصراع وقامت بزيارة مطوّلة مؤخراً للجيوب الكردية في سورية].

جدلية: قد يكون أكراد سورية، وحزب الاتحاد الديمقراطي وجناحه العسكري، وحدات حماية الشعب بشكل خاص، الطرف الوحيد الذي يخرج أقوى مما كان من الصراع السوري. كيف تفسرين هذا؟

ماريا فانتابييه: إن توسع سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي/وحدات حماية الشعب على الأراضي هي نتيجة عرضية للصراع أكثر منها نتيجة مبادرة متعمدة. لكن ما من شك في أن المنظمة سعت للاستفادة من الفرص حين ظهورها وقد تمكنت من فعل ذلك بفعالية.

عندما انسحبت قوات النظام من أجزاء من شمال وشمال شرق سورية عام 2012 من أجل التركيز على الدفاع عن المناطق المحورية بالنسبة لها، تمكّن حزب الاتحاد الديمقراطي بسرعة من إرسال مجموعات من المقاتلين الاحتياط الذين يتمتعون بخبرة كبيرة. كان معظمهم قد تلقى تدريباً من حزب العمال الكردستاني PKK الذي يعمل في تركيا ويمتلك خبرات تقنية وموارد مالية لإنشاء إدارة في المناطق التي يقطنها الأكراد في سورية. بالنسبة للنظام وداعميه، فإن السماح بدخول مقاتلين مدربين من قبل حزب العمال الكردستاني كان تحركاً تكتيكياً، كورقة يلعبها ضد تركيا وفصائل المعارضة السورية. لاحقاً، كانت رغبة الولايات المتحدة بالتعاون مع شركاء موثوقين على الأرض لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية يعني تلقّي وحدات حماية الشعب لدعم إضافي، ما سمح لها بالتقدم إلى ما وراء المناطق التي يقطنها الأكراد. ومع إضعاف مجموعات المعارضة السورية المسلحة بسبب الضربات الجوية السورية وإضعاف تنظيم الدولة الإسلامية بسبب الضربات الجوية للولايات المتحدة، تمكنت وحدات حماية الشعب من التوسع في مناطق متصلة على الحدود السورية – التركية.

غير أن قوة حزب الاتحاد الديمقراطي تبقى هشة، لأنه يبقى معتمداً على الخصومات الإقليمية والمصالح الدولية. سيتساهل النظام حيال الإدارة الذاتية لحزب الاتحاد الديمقراطي فقط إلى الحد الذي يمنع فيه المزيد من التوسع لقوات المعارضة في شمال سورية. وعلى نحو مماثل، فإن الروس والإيرانيين يدعمونه لأنه يردع تركيا، والولايات المتحدة تدعمه إلى الحد الذي يمكنه من الاستيلاء على الأراضي من تنظيم الدولة الإسلامية. ولهذا السبب فإن التحدي بالنسبة لحزب الاتحاد الديمقراطي يتمثل في تعزيز الزخم العسكري الراهن وتحويله إلى واقع سياسي دائم، وتحويل المكاسب قصيرة الأمد التي يحققها على الأرض بدعم من شركاء انتهازيين إلى تحالفات قوية ومستقرة. بعبارة أخرى، فإنه بحاجة إلى تهيئة الظروف التي ستسمح له بالازدهار خلال عملية انتقال سياسي بدلاً من الازدهار وسط الصراع.

جدلية: ما هي أهداف حزب الاتحاد الديمقراطي/وحدات حماية الشعب في سورية؟

ماريا فانتابييه: لقد صاغ حزب الاتحاد الديمقراطي مشروعه السياسي بشكل يكتنفه الغموض، مما سمح له بتغيير أهدافه بمرور الوقت. لكنه أعطى مصداقية خطيرة – في أوساط فصائل المعارضة على وجه الخصوص – للتصور الشائع في سورية بوجود طموحات كردية بالانفصال عن سورية. إلاّ أن الهدف المحوري لحزب الاتحاد الديمقراطي/وحدات حماية الشعب يتعلق أكثر بالمصالح الفصائلية للحزب مما يتعلق بالتطلعات الكردية بتقرير المصير. إنه يسعى لترسيخ وجوده السياسي والعسكري في البلاد، وبذلك يمنح نفوذاً لحزب العمال الكردستاني في سائر أنحاء تركيا، وسورية، والعراق وإيران.

يعلن حزب الاتحاد الديمقراطي/وحدات حماية الشعب مشروعاً لـ “الحكم الذاتي الديمقراطي” الذي يحدد اللامركزية، والمساواة بين الجنسين والبيئة بوصفها مبادئ رئيسية في الحكم، لكنه يبقى غامضاً حيال تفاصيل رئيسية لهذه اللامركزية. على سبيل المثال، في عام 2013، أعلن حزب الاتحاد الديمقراطي إدارة محلية تتكون من ثلاثة جيوب كردية غير متصلة في سورية أو “روجافا” (“الغرب” باللغة الكردية)، وعارض بقوة تأسيس إقليم فيدرالي كردي شبيه بإقليم كردستان العراق المجاور. مع توسع سيطرة قوات حماية الشعب في الشمال، أعلن حزب الاتحاد الديمقراطي هذا العام “إقليم روجافا الفيدرالي الديمقراطي”، ودعا إلى نظام فيدرالي. من غير الواضح ما إذا كانت الحركة تسعى إلى اللامركزية أو الفيدرالية لسورية بأكملها، أو بدلاً من ذلك لحكم ذاتي للجيوب الثلاثة التي يقطنها الأكراد في البلاد.

إلاّ أن الواضح هو أن مشروع حزب الاتحاد الديمقراطي تغير مع محاولاته لترجمة سيطرته على الأراضي إلى شرعية سياسية. في حين أن حزب الاتحاد الديمقراطي/وحدات حماية الشعب سيطرت على الأراضي واحتفظت بها بنجاح، فإنها لم تحصل على مقعد على طاولة المفاوضات السياسية حول سورية، بشكل أساسي بسبب صراع تركيا مع المنظمة الأم لحزب الاتحاد الديمقراطي والمتمثلة في حزب العمال الكردستاني. لقد كان من البارز عدم دعوة حزب الاتحاد الديمقراطي للمشاركة في تجمع قوى المعارضة السورية في الرياض في كانون الأول/ديسمبر 2015، ولا في محادثات السلام التي تستضيفها الأمم المتحدة في جنيف، بشكل أساسي بسبب الاعتراضات التركية. انعدام التوازن هذا بين النجاح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي/وحدات حماية الشعب والتهميش السياسي شجع الحركة على استثمار جميع مواردها بهدف تحقيق التوسع العسكري كوسيلة لفرض نفسها على الحلبة السياسية.

جدلية: هل يُدفع حزب الاتحاد الديمقراطي بشكل أساسي بالتطورات المحلية أو بأجندة كردية إقليمية يصوغها حزب العمال الكردستاني في تركيا؟

ماريا فانتابييه: إن علاقة حزب الاتحاد الديمقراطي بحزب العمال الكردستاني محورية في نجاحه الراهن في سورية. لقد وفر مقر حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل في العراق لحزب الاتحاد الديمقراطي شراكة إقليمية، ووفر له التمويل والطواقم العسكرية التي سمحت له بتأسيس الإدارة الذاتية في سورية.

بصرف النظر عن قوة العلاقات التنظيمية بين حزب العمال الكردستاني والفروع السورية، ما من شك في أن أعضاء رفيعي المستوى في الفرع العسكري للجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي، أي وحدات حماية الشعب، لديهم نفس الخبرات التكوينية التي يمتلكها حزب العمال الكردستاني. ورغم أن العديد من كوادر وحدات حماية الشعب هذه تتحدر من سورية، فإنها اختلطت اجتماعياً في قنديل حيث قضت سنوات شبابها في تلقي التدريب العسكري والتأهيل الأيديولوجي على فكر مؤسس حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان. إنهم جزء من سلسلة القيادة التي تتخذ من قنديل مقراً لها والتي لها أهداف عابرة للأوطان تمتد خارج سورية، إلى تركيا، وإيران والعراق.

تدفق المقاتلين من قنديل إلى سورية مهم لأن الكوادر المدربة في قنديل هم صناع القرار الحقيقيين في مؤسسات الإدارة الذاتية. رغم أن هذه المؤسسات يرأسها رسمياً مدنيون، فإنها لا تزال بحاجة لحماية أمنية كي تتمكن من العمل. ومنذ تأسيسها، كان للكوادر العسكرية الكلمة الأخيرة في تعيين الموظفين في المؤسسات السياسية والقضائية المحلية، وفي المسائل المتعلقة بتنفيذ القانون، وتوزيع الموارد. لقد جعلت حقيقة أن الإدارة الكردية تأسست وسط الصراع من الصعوبة بمكان على المدنيين انتزاع السلطة من العسكريين. وكلما أعطى حزب الاتحاد الديمقراطي/وحدات حماية الشعب الأولوية للتوسع في الاستيلاء على الأراضي، كلما استثمر في تسليم السلطة المؤسساتية للمدنيين.

لهيمنة الكوادر العسكرية المدربة في قنديل مضامين تتجاوز سورية. لقد أوجدت اعتماداً متبادلاً خطيراً بين تركيا والفضاء الكردي في سورية. إن مسعاهم للسيطرة على المزيد من الأراضي سيربط هذه الإدارة بالمحصلة بحزب العمال الكردستاني، وسيربط مستقبلها السياسي بحصيلة الصراع بين تركيا والحزب، وفي الوقت نفسه سيغذي هذا الصراع. طالما استمرت وحدات حماية الشعب بالاستيلاء على المزيد من الأراضي، مستفيدة من الخصومات بين تركيا من جهة والنظام السوري وحلفائه من جهة أخرى، فإن هذا سيعزز من الناحية العملية العلاقة مع حزب العمال الكردستاني. وعلى نحو مماثل، فإن إعادة إشعال الصراع بين تركيا وحزب العمال الكردستاني جعل الحزب معتمداً على أكراد سورية كفضاء لبناء نفوذ دولي وتحالفات إقليمية، وكذلك الحصول على ملاذ آمن لمقاتليه.

جدلية: ما هو موقع أكراد سورية في المحاولات الدبلوماسية لتسوية الصراع السوري؟

ماريا فانتابييه: لقد أُدخلت الأحزاب الكردية الصراع بين تركيا وحزب العمال الكردستاني في الصراع السوري المعقد أصلاً، وأضافت خصوماتها الداخلية الخاصة إلى العقبات الهائلة أصلاً التي تعيق التوصل إلى اتفاق دبلوماسي.

إن التوترات الكردية الداخلية والصراع بين مؤيدي النظام وخصومه تتقاطع وتعزز بعضها بعضاً. لقد أحيا الصراع في سورية العداوة بين قيادة حزب العمال الكردستاني في قنديل والحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود بارزاني على قيادة السياسات التركية. لقد وقف حزب العمال الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني على التوالي مع القوى التي تدعم (إيران) وتعارض (تركيا) النظام السوري، لكسب أوراق يلعبانها ضد بعضهما بعضاً. كما تعتمد إيران وتركيا أيضاً على الأحزاب الكردية للقتال بالوكالة عنهما في أجنداتهما المتعارضة في سورية.

وقد أدى هذا إلى وضع يحتفظ فيه حزب الاتحاد الديمقراطي/وحدات حماية الشعب بسيطرة حصرية داخل سورية في حين أن الأحزاب الكردية السورية المرتبطة بالحزب الديمقراطي الكردستاني تحتفظ بتمثيل حصري للأكراد في المفاوضات السياسية. لقد ساعد احتكار حزب الاتحاد الديمقراطي للسلطة في المناطق الكردية في سورية على إعادة إشعال صراع تركيا مع حزب العمال الكردستاني. إن رفض تركيا لمشاركة حزب الاتحاد الديمقراطي في محادثات جنيف سيزيد من تعقيد أي مفاوضات لتحقيق السلام. إن حل هذا الانقسام الكردي الداخلي لن يعزل القضية الكردية عن الاستقطاب الاقليمي الأوسع وحسب، بل إنه سيسهل أيضاً التوصل إلى حل دبلوماسي للصراع.

جدلية: من إذاً يمثل سكان سورية الأكراد؟

ماريا فانتابييه: من المهم التمييز بين مصالح الأحزاب الكردية ومصالح السكان الأكراد.

رغم أن حزب الاتحاد الديمقراطي/وحدات حماية الشعب تسيطر على مساحات كبيرة من الأراضي، فإنها لا تمثل بالضرورة الأكراد (وغير الأكراد) الذين يعيشون في هذه المناطق. من المؤكد أن حزب الاتحاد الديمقراطي/وحدات حماية الشعب قد وفرت للأكراد فرصاً غير مسبوقة للتعبير عن هويتهم الوطنية في سورية، لكنها هوية تحددها الأجندة الحزبية لحزب الاتحاد الديمقراطي وأيديولوجيته، وهي هوية ليست بالضرورة متناغمة مع مصالح وتطلعات أكراد سورية أنفسهم. إن القوة الأساسية للشباب الأكراد السوريين الذين شاركوا في الحركة الاحتجاجية عام 2011 عملت بشكل مستقل عن أي حزب كردي سوري وغادرت منذ ذلك الحين البلاد إما إلى أوروبا أو إلى كردستان العراق المجاور. الطبقة الوسطى المتعلمة (على سبيل المثال القضاة، والمهندسين، والمدرسين والأطباء) حذرة من المشاركة في مؤسسات الإدارة الذاتية الجديدة التي أسسها حزب الاتحاد الديمقراطي، حيث ينظرون إليها على أنها انعكاسات لأجندة فصائلية تسيطر عليها الكوادر العسكرية على حساب السكان الأكراد السوريين. وهذا واضح على سبيل المثال في النظام التعليمي؛ فعندما أسس حزب الاتحاد الديمقراطي التعليم الأساسي باللغة الكردية، ردت الحكومة السورية بإغلاق المؤسسات التعليمية التابعة للدولة في معظم المناطق التي يقطنها الأكراد. أدى هذا في النهاية إلى حرمان الأطفال الأكراد السوريين من إمكانية الحصول على شهادات التعليم الأساسي المعترف بها من قبل الدولة السورية.

مثل هذه النواقص في التواصل مع القاعدة الشعبية لا تقتصر على حزب الاتحاد الديمقراطي، وهي تعتري أيضاً الأحزاب الكردية التقليدية مثل الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني في العراق (والمنظمات السورية المرتبطة بهما). لقد راكمت الأحزاب ما يكفي من القوة العسكرية والموارد الاقتصادية لحشد الدعم مؤقتاً، إلاّ أن هيكليتها، وأيديولوجيتها وتنظيمها لم تعد ذات صلة أو قادرة على قيادة شعبها.

جدلية: حزب الاتحاد الديمقراطي متحالف حالياً مع الولايات المتحدة وروسيا على حد سواء، ويبدو في بعض الأحيان وكأنه يعمل بتحالف ضمني مع دمشق. كيف تتقاطع أجندته مع أجندات الآخرين، وهل هناك مخاطرة ربما بأنه يقضم أكثر مما يستطيع مضغه؟

ماريا فانتابييه: لحزب الاتحاد الديمقراطي اليوم العديد من الشركاء المؤقتين لكنه يفتقر إلى حلفاء حقيقيين. إنه يعمل بالوكالة لدى القوى الإقليمية والدولية لتحدي خصومه دون أن يواجههم بشكل مباشر، وكحليف لقوى دولية لا تريد عقد شراكات مع بعضها بعضاً. لا الولايات المتحدة ولا روسيا قدمتا ضمانات لحزب الاتحاد الديمقراطي بأنهما سيعتبرانه لاعباً سياسياً شرعياً في مستقبل سورية. إن احتمالات قيام الولايات المتحدة بالدفع في هذا الاتجاه يعيقها صراع تركيا مع حزب العمال الكردستاني، في حين أن روسيا مقيدة برفض النظام السوري الاعتراف بأي إدارة كردية خارج الدولة السورية أو بالتوازي معها.

لا يستطيع حزب الاتحاد الديمقراطي الاعتماد بشكل منفرد على التوسع في السيطرة على الأراضي. سيكون من الحكمة أن يقوم ببناء تحالفات طويلة الأمد، وأن يركز على تمكين القيادة المدنية للمؤسسات، وتقاسم السلطة مع الأحزاب الكردية أو غير الكردية الأخرى من أجل ترسيخ نفسه داخل المجتمع المحلي. بدلاً من أن يعلن بشكل مفاجئ عن الفيدرالية، كان من الحكمة أن يجعل النظام والمعارضة يلتزمان بالاعتراف بالحقوق الكردية في سورية والتفاوض مع الطرفين على تفاصيل اللامركزية في تلك المناطق التي يقطنها الأكراد. لقد أظهرت خمس سنوات من الصراع في سورية أن النجاح لا يتعلق بمساحات الأراضي التي تسيطر عليها بقدر ما يتعلق بدقة حسابات الاستراتيجية التي تتبناها.

يمكن للسيطرة على الأراضي أن يتحول بسهولة من ميزة إلى عبء. في الواقع، فكلما توسعت وحدات حماية الشعب جغرافياً، وكلما حاولت ترجمة إنجازاتها على الأرض إلى وقائع سياسية بحكم الأمر الواقع، كلما أوجدت بيئة معادية سواء داخل سورية أو في المنطقة بشكل عام. لقد أدى توسع وحدات حماية الشعب وإعلان الفيدرالية في شمال سورية أصلاً إلى شيء من الحساسية، إن لم يكن الغضب، لدى فصائل المعارضة العربية. إن انتشارها في حلب من خلال الدعم الروسي غير المباشر في آذار/مارس 2016، يخاطر بعدم استعداد الولايات المتحدة لإقناع تركيا بمشاركة حزب الاتحاد الديمقراطي في محادثات جنيف. وإذا كان النظام السوري يتساهل حالياً حيال الإدارة الذاتية بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي، فإنه في المستقبل قد يشاطر تركيا العداء لحزب الاتحاد الديمقراطي.

 , جدلية   |   19 أبريل

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة