“موفق نيربية” يوضح لـ”زمان الوصل”: هذه قصة “التنسيق” مع هيئة التنسيق.. وكل المعطيات لا تسمح بوجود الأسد
بعد السهام التي انهالت عليه، إثر تقرير نشرته “زمان الوصل” أشارت فيه إلى أنه يقبل بوجود بشار الأسد في المرحلة الانتقالية، اكتفى نائب رئيس الائتلاف “موفق نيربية” بتصريح مقتضب على موقع الائتلاف جدد فيه موقف الائتلاف وموقفه شخصيا من ثوابت الثورة دون الولوج في التفاصيل.
وبعد أن هدأت العاصفة، خص “نيربية” الرجل “المقل” في التصريحات الصحفية، “زمان الوصل” بحوار مطول كشف القصة الحقيقية لمشوار الائتلاف مع هيئة التنسيق.
ونفى أن يكون قد تطرق إلى الحديث عن المرحلة الانتقالية ووجود بشار الأسد، لافتا إلى أن التجربة اليمنية والضمير العالمي لا يقبل بمثل هذا الأمر.. فإلى تفاصيل الحوار:
-هناك نوع من التستر على المنافسات والمماحكات بين الائتلاف وهيئة التفاوض.. هل تعتقد أن العلاقة تسير في الطريق الصحيح؟
تفكيك هذه العلاقة بحاجة إلى عودة للوراء قليلا، فبالنسبة إلى الائتلاف تأسس على أساس أنه مظلة لقوى الثورة، ومشى في طريق صعب حتى ربيع العام 2015، حينها دعا المبعوث الأممي ستيفان ديميستورا إلى مشاورات جنيف. الائتلاف كان مترددا في البداية في تلبية الدعوة وحاول كل أصدقاء سوريا الضغط من أجل ألا يرفض الدعوة. تلك المشاورات كان فيها ضرر كبير على الثورة لو قبلنا بها، وقلنا لن نذهب وغطينا “اللا” بأكبر قدر من الاحترام للأمم المتحدة ولأصدقائنا. آنذاك تقرر معاقبة هذا الائتلاف العاق بالنسبة للدول الكبرى.. دعني أقول لك إن الائتلاف عوقب و يُعاقب على مواقفه الاستقلالية.
*البعض أراد تحجيم الائتلاف
– هل أفهم من ذلك الحديث أن الائتلاف يعتبر من الصقور بالنسبة لهيئة التفاوض؟
على الإطلاق ليس هذا ما أريد قوله.. ولكن دعني أكمل مسار تشكيل هيئة التفاوض لتوضيح بعض الالتباسات.
بعد اجتماعات فيينا وما قبلها من اللقاءات الدولية حول الأزمة السورية، تقرر تشكيل كيان أوسع يمثل كافة أطياف المعارضة لمواجهة استحقاق الحل السياسي، وتقرر أن تكون الرياض هي الراعي لهذا اللقاء المتنوع في قوى المعارضة. . وعلى أساس أن تكون هيئة المفاوضات مظلة عريضة للتفاوض وهذا كان الهدف الأساس منها. ولكن الأجواء المحيطة بتشكيل الهيئة التفاوضية وما سبقها من ضغط على الائتلاف للذهاب إلى جنيف كانت ملتبسة. فقد ذهب البعض إلى فهم أن الهدف من قيام الهيئة العليا للمفاوضات هو تحجيم الائتلاف، خصوصا بعد أن رفض الائتلاف كما ذكرت، ورغم دبلوماسية الرفض، تلبية الدعوة إلى مشاورات جنيف في ربيع 2015. الأجواء المحيطة بتلك المرحلة دولياً- على الأقل- كانت تهدف إلى تحجيم الائتلاف.. إلى هذه الحالة أريد أن أرجع حالة التوتر المكتومة مع الهيئة العليا للتفاوض، فالبعض أراد الدخول في اللعبة كما قلت وأن تكون هيئة التفاوض أداة لتحجيم الائتلاف .. فظهرت أجواء مكهربة بعض الشيء بين الطرفين.
– من تقصد بالبعض الذين أرادوا تحجيم الائتلاف؟
مؤتمر الرياض كان مبادرة إيجابية وبناءة، لكن في محيط هذا المؤتمر لم تكن السعودية وحدها من عمل على تشكيل الهيئة العليا للتفاوض، فقد كان هناك العديد من الدول المساهمة في تشكيل الهيئة، بعض هذه الأطراف إذا لم تكن تعمل على تحجيم الائتلاف، فهي لن تكون ممانعة لتحجيمه.
*العلاقة بين الائتلاف وهيئة التفاوض تتحسن
– هل تعتقد أن العلاقة بين الطرفين صحيحة وسليمة؟
الآن؛ عادت العلاقة بين الطرفين إلى مسارها الصحيح، حيث تم الاتفاق أن الهيئة العليا للمفاوضات كيان عريض وواسع ووظيفي له علاقة بالتفاوض، أما الائتلاف فهو كيان عضوي له علاقة بالحراك الثوري السوري. وله شبكة كبيرة جداً ومتشابكة مع العسكريين وقوى الأرض ومن خلال الحكومة المؤقتة ووحدة تنسيق الدعم ومن خلال مكوناته السياسية المتعددة والهامة… هذا لا ينفي موافقتي على أكثر ما يقال حول أوضاعه السيئة بالطبع!.
– أين العلاقة العضوية بين الائتلاف والداخل السوري.. أنت تعلم أن الكثير في الداخل بمن فيهم العسكريون لا يعترفون بالائتلاف؟
الائتلاف هو الكيان السياسي الوحيد الذي يمثل خط الثورة بغض النظر عما يُقال حوله، هذا الخط قد بقي متمسكاً ومحافظاً على سقف المطلب الوطني.. هو الكيان الوطني الوحيد وكل المحاولات الأخرى تخدم شيئاً لا وطنياً عملياً، بمعنى تقسيمي، تشتيتي، مناطقي .. هو أيضاً الكيان الوحيد الذي يملك شبكة علاقات هامة في الداخل والخارج.
– هل تعتقد أن البعض من أعضاء الائتلاف المقيمين في أوروبا يمثلون الخط السياسي للثورة؟
هذا موضوع آخر؟
*انقطاع المال السياسي حسّن أداء الائتلاف
– مادام الائتلاف هو الممثل السياسي للثورة السورية، لماذا دائما تصطدم هذه المؤسسة بمحاولات الإصلاح رغم أن الجميع في داخله يريدون الإصلاح؟
هناك أسباب موضوعية وذاتية، السبب الموضوعي أن النظام الأساسي للائتلاف تم إنشاؤه على قياس بعض الكتل والجهات، وهذا أنتج العجز في محاولة تجاوز هذا النظام أو تغييره .. استطعنا بطرق معقدة جدا تعديل بعض النقاط في النظام الأساسي العام الماضي، مثلا “إعطاء صلاحيات للهيئة السياسية” بحيث لا يكون القرار بيد شخص أو اثنين.. ولكن لم نستطع تعديل كل ما نريده. أما السبب الذاتي فيتعلق بتركيبة الائتلاف ذاتها، ودعني أكرر هنا: ليس الائتلاف كما يقال عنه، هو كيان جيد لأن خطه الثوري متماسك.. ولكن بصراحة هناك العديد من أعضاء الائتلاف لا يُفترض أن يكونوا أعضاء فيه .. وهذا يؤثر على آلية صنع القرار.. نحن نسعى لعودة الوطنية السورية إلى الائتلاف وإلى كل الثورة.. تصور أن يكون في مؤسسة ثورية فساد إداري ومالي كما كان الحال.. هذا أمر غير مقبول أبدا.. في الآونة الأخيرة انقطع المال السياسي، ما أدى إلى تحسن أداء الائتلاف.
*يبالغون بدور “فتح الشام” في حلب
– معركة حلب الأخيرة تضمنت ملامح طائفية من خلال تسمية المعركة باسم “إبراهيم اليوسف”.. كما أن الائتلاف رغم معرفته بحضور قوي للفصائل المتطرفة منها “فتح الشام”، بارك المعركة واعتبر أنه جزء منها .. ما رأيك؟
رغم كل شيء، ما جرى من انتصار في حلب أنعش معنويات الشعب السوري، ففي الآونة الأخيرة كان النظام وروسيا وإيران يتعاملون مع الشعب السوري بفوقية وعنجهية وقسوة تنتمي إلى القرون الوسطى، وجاءت في هذا الوقت محاولة الاتفاق الروسي الأمريكي لمواجهة ما سموه “هم ” الإرهاب. ووسط حالة من التردد الأمريكي، صعد الروس والنظام والإيرانيون عمليات القتل والحصار.. عمليات حلب رد معجز على تلك الحال.. ما حدث في حلب تزامن أيضا مع فك الارتباط مع القاعدة – بغض النظر عن التفاصيل- .. وهناك مبالغة شديدة جدا ومشكوك فيها حول نفوذ “فتح الشام” وحجمها في معركة حلب، فقد شاركت مثلاً الفرقة 13 التي تصارعت مع النصرة في معرة النعمان، وفصائل أخرى من الجيش الحر .. وبعد إعلان الانفكاك بين القاعدة والنصرة أُزيلت إلى حد ما هواجس بعض الفصائل، كما أن الواقع العسكري في حلب فرض جمع هذه الفصائل وأدت هذه الوحدة إلى الانتصار الكبير الذي ما زال علينا انتظار تطوراته وتحولاته واستنتاجاته بعد.
– كان أفراد تيار من الائتلاف يرى أعضاؤه أن هيئة التنسيق على صلة بالنظام.. وهي الآن على مستوى جيد من التنسيق مع الائتلاف.. كيف تفسر هذا التحول؟
معرفتنا بهيئة التنسيق ليست جديدة، هي عبارة عن تحالف بين قوى من المعارضة التقليدية في سوريا. هذه القوى تفاعلت بشيبها وشبابها مع الثورة وخرجوا في مظاهرات مع الثوار في دمشق وحمص، خصوصا في أيام الثورة السلمية. هيئة التنسيق بقيت على وفائها للثورة السلمية، وبشكل مبالغ فيه أحياناً.. رغم ميل البعض منهم إلى التعامل بإيجابية مع ما هو عسكري، ورغم تشكيك بعضهم الآخر بعسكرة الثورة وأسلمتها.. وهي كانت ولا زالت متعلقة بالحل السياسي أيضاً بشكل مبالغ فيه أحياناً.. ويجب أيضاً أن نأخذ بعين الاعتبار وجود هيئة التنسيق في الداخل في ظل النظام القمعي، مع حذرنا من ألا تتحول هذه الحالة إلى موقف انتهازي.. فالتواصل مع هيئة التنسيق كان منذ عام، وأمكن جمع الهيئة السياسية للائتلاف والمكتب التنفيذي في الهيئة كي ننهي حالة التباعد وبحيث يكون الاتفاق والتعاون بين الطرفين على أساس مؤسساتي، وهذا كان بمعرفة الهيئة العامة للائتلاف، وبهدف توسيع قاعدة التمثيل السياسي للمعارضة. وقد طلبنا من بعض الدول الأوروبية رعاية هذه اللقاءات ثم قبل الاتحاد الأوروبي بهذا الأمر وحدثت أشياء مفيدة.
*الحديث في المفاوضات عطل لقاءات هيئة التنسيق والائتلاف
– أخيرا .. ما هو ردك على ما نشرته “زمان الوصل”، حول انسجامك في الرأي مع المنسق العام لهيئة التنسيق “حسن عبد العظيم” الذي قال إن شرط رحيل الأسد في المرحلة الانتقالية تعجيزي.. نريد أن نسمع منك الآن بدون نواقل أخرى.؟
اعتقد البعض أن مسألة المفاوضات في جنيف يجب أن تُبحث خلال اللقاءات بين الهيئة والائتلاف في بروكسل، وحين تم النقاش حولها بالفعل، ظهرت الحساسية من هيئة المفاوضات العليا، على اعتبار أن الطرفين أعضاء في منصة التفاوض، فلماذا تجتمعون بعيدا؟!.. وهذا الموضوع بالتحديد كنت ضده وهو أصلاً يتعارض مع ما هو مطلوب من هذه اللقاءات.. فالهدف الأساسي هو التقارب في وجهات النظر وردم الهوة بين الطرفين وتنظيم العلاقة بطريقة راسخة بينهما، كما يجب أن ينتج اللقاء أو اللقاءات وثيقة جديدة تستلهم روح وثيقة القاهرة 2012 وتكون وثيقة عهد جديدة تتعلق بالبلد والمستقبل والسياسة، وهذه كانت رسالتي التي حملتها للسيد نسطة إلى حسن عبد العظيم، الذي لم أتصل معه كما جاء في الأخبار المنقولة، ولم أتحدث عن المرحلة الانتقالية وبقاء الأسد. كان الهدف آليات التنسيق والعمل المشترك.. ومازال الموقف الرئيسي أنه لا دور لبشار الأسد، وهذا ما ذكرته في تصريحي في اليوم التالي لنشر الخبر المشوه .. هذه مسألة لا تخضع للمساومات، حتى الضمير السوري لا يقبل ببشار الأسد.. تجربة اليمن لا تسمح.. كل المعطيات لا تسمح بوجود بشار الأسد.. وهذا لا يعني أننا لن نستمر في العمل مع هيئة التنسيق ولكن.. على هذه الأسس التي اتفقنا عليها في مؤتمر الرياض بوضوح لا لبس فيه.
زمان الوصل 18-8-2016
حوار عبد الله الفضوي