كلينتون الرئيسة صقرٌ… بلا مغامرات عسكرية- سركيس نعوم
ينتظر المحللون والمتابعون الأميركيون المناظرات الرئاسية الثلاث بين المرشحين الديموقراطية هيلاري كلينتون والجمهوري دونالد ترامب لمعرفة رأي الرأي العام في أدائهما وسياستيهما ونسبة حظوظهما في الفوز. وينتظرون تحديداً عاملَيْن يؤثران سلباً أو إيجاباً على معركتَيْهما. الأول نجاح “داعش” أو “القاعدة” في تنفيذ عملية إرهابية ضخمة داخل الولايات المتحدة، ومن شأن ذلك إعطاء دفع مباشر لحملة ترامب جرّاء اقتناع غالبية الناخبين أن كلينتون امتداد للرئيس أوباما وسياسته الفاشلة ضد الإرهاب في العالم الإسلامي. أما العامل الثاني فهو صحة كلينتون التي تعرضت الى انتكاسة أخيراً. ذلك أن ترامب لا بد أن يستخدم ذلك لإظهار عدم قدرتها على إداء مهماتها خصوصاً إذا تكررت الانتكاسة. وهذا أمر محتمل. وإذا كانت الأخلاق تفرض على ترامب عدم تناول هذا الأمر فإن تكراره يدفعه لاستعماله في حملته لتقليص حظوظها في الفوز. وقد يستعمل هنا عدم شفافيتها لإخفائها حقائق عن وضعها الصحي خلافاً لما يفرضه العرف والأخلاق. كما قد يستخدم الوضع إياه لإعادة تذكير الناخبين بعدم شفافيتها الذي سلّط الضوء عليه استعمالها هاتفها الشخصي والانترنت الخاص بها في أثناء عملها وزيرة للخارجية. ومن شأن ذلك زيادة عدم ثقة الناخبين بها، ونسبة هؤلاء مهمة، رغم اقتناعهم بأنها أكثر أهلية للرئاسة من ترامب.
إلا أن بعضاً من هؤلاء المحلّلين والمتابعين الأميركيين أنفسهم يعتقد أن نتائج المناظرات الرئاسية الثلاث لن تخفض نسبة تصدّر كلينتون استطلاعات الرأي في المعركة سواء كانت جيدة أو سيّئة. ويعتقد أيضاً أن كلينتون ستربح في النهاية. لكن ربحها سيكون مدوّياً إذا صوّتت بكثافة الأجيال الجديدة ومؤيدو منافسها الديموقراطي السابق بيرني ساندرز والافريقيون الأميركيون و”اللاتينوس”. واذا فازت يؤكد هؤلاء أنها ستكون وسطية في قضايا الداخل الأميركي وسياساته وصقراً في السياسة الخارجية. ويؤكدون أن معظم قادة العالم ولا سيما الفاعلين منهم سيلتقون بها أو سيتصلون بها في شكل أو في آخر خلال المدة الفاصلة بين انتخابها وإدائها القسم الدستوري وتالياً تسلمها سلطاتها الدستورية. وهي لن تكون في رأي هؤلاء مفاجأة لأحد منهم، وعلى بعضهم مثل الرئيس الروسي بوتين والرئيس السوري الأسد والزعماء الصينيين وزعيم كوريا الشمالية أن يعيدوا النظر والتفكير في سياساتهم واستراتيجياتهم ومواقفهم. أما “صقورية” كلينتون المُشار إلياه أعلاه فلا تعني إقدامها على مغامرات عسكرية. فهي صوتت لمصلحة شن حرب على العراق عام 2003، لكنها تعلمت من ذلك درساً قيّماً. بل يعني في الشرق الشرق الأوسط واستناداً الى المحلّلين والمتابعين أنفسهم، أموراً عدة، منها متابعة سياسة أوباما فيه ولكن في خطوطها الرئيسية والعريضة. ومنها أيضاً اعتماد طريقة مختلفة عن التي اتبعها أوباما وخصوصاً في ما يتعلق بسوريا والعراق. ويعني ذلك أنها ستتلافى إرسال فرق عسكرية كبيرة الى المنطقة، لكنها ستضاعف أو “تُتربل” عدد “القوات الخاصة” العاملة هناك، وستزوّد الأكراد وحلفاءها العرب بأسلحة أكثر فاعلية وبما يحتاجون إليه من معلومات استخبارية. أما إذا تجاوز الأسد الخط الأحمر باستعماله سلاحاً كيماوياً أو باستمراره في ذبح المدنيين، إذا كانوا لا يزالون موجودين في سوريا، فإن كلينتون ستتخذ إجراء مباشراً ضده. وذلك سيحظى بدعم معظم الحلفاء الأوروبيين لأميركا وتركيا وخصوصاً إذا قررت إعلان “مناطق حظر طيران” في أجزاء من سوريا. وعندها سيكون على بوتين والأسد التكيّف. وهي ستحظى بدعم الكونغرس وإن بقي الجمهوريون مسيطرين عليه. إذ إظهرت يوم كانت “سيناتورة” ثم وزيرة خارجية قدرة على التعامل مع الجمهوريين في مجلسيْه. أما إذ قرّرت التصعيد في المنطقة واستهداف بشار فسيكون عليه الشعور بالقلق.
في اختصار يقول البعض من المحلّلين والمتابعين إياهم أن كلينتون تستمع الى “الجنرالات” العسكريين، وهم يحبونها وسيدعمون موقفها أو موقعها “الصقوري” من سوريا وبوتين. ويوم الخميس الماضي قال رئيس الهيئة المشتركة للأركان في شهادة أمام الكونغرس: “شعرتُ أن التعاون مع الروس كان خطأ وأن جون كيري ارتكب خطأ”. أما في موضوعات الداخل فيتوقّع البعض نفسه جهداً كبيراً من كلينتون لتوحيد البلاد بعد الحملة “التقسيمية” التي قادها ترامب، ومباشرة إعادة بناء البنى التحتية مع ما يوفّره ذلك من فرص عمل، وتوسيع الحقوق المدنية وتصحيح سياسة الهجرة.
sarkis.naoum@annahar.com.lb
النهار 27 ايلول 2016