الناشط والمعارض السوري بشار عبود لـ “رحاب نيوز”

مقالات 0 admin

أهم مشكلات ثورتنا عدم وجود رجال دولة داخل صفوف المعارضة التاريخ لا يعاند.. وكنت أنتظر ثورة تجرف معها كل فساد آل الأسد:

مايزال مشهد أمه وهي تبكي مع قريبتها بحرقة بسبب وفاة الشاب محمد عبود من قرية بسنادا في محافظة اللاذقية، تعتمل في ذاكرته. وعندما سألها عن سبب وفاته، قالت له إنه توفي في حادث سيارة، خوفاً من الحديث في السياسة آنذاك!. لكن الحقيقة التي اكتشفها بشار فيما بعد هي أن محمد عبود (العلوي) والمنتمي لحزب رابطة العمل الشيوعي، مات تحت التعذيب في إحدى زنازين حافظ الأسد وكان ذلك في العام 1981.

هذه الصدمة أثرت في ذهن ضيفنا بشار عبود وأصبح منذ ذلك الحين يكره حافظ الأسد ونظامه القمعي الديكتاتوري، والتحق بالثورة من أول لحظة انطلقت واستبشر بها خيراً للخلاص من نظام آل الأسد الذي استعبد البلاد والعباد ــ على حد وصف عبود. عمل بشار عبود خريج قسم الصحافة من جامعة دمشق عام1997م، في حقل الإعلام، وسافر إلى المملكة العربية السعودية وعمل في جريدة عكاظ لمدة سبعة أعوام، وقدم استقالته منها بعد أن نال جائزة أفضل صحفي عن عام 2009م. انتقل بعدها للعمل في الرياض واشتغل منصب رئيس تحرير مجلة عالم موبايلي المتخصصة في أجهزة الاتصالات، اعتقلته السلطات السعودية إثر مقال كتبه عن الراحل عمر أميرلاي، وبسبب الصداقة التي جمعته بالناشط والمعارض السعودي الليبرالي رائف بدوي، وتم ترحيله من السعودية بعد انقضاء فترة الاعتقال، ونظراً لتوقيعه العديد من البيانات التي تطالب بمحاكمة بشار الأسد لم يتمكن من العودة إلى سوريا، فقرر اللجوء إلى مصر، وفيها أخذت مواقفه من النظام تتضح في جميع وسائل الإعلام. وأقام عدداً من المحاضرات في المراكز الثقافية المصرية. انتمى بشار عبود إلى تيار مواطنة وشارك في مؤتمر كلنا سوريون الذي نزع الورقة الطائفية عن النظام الأسدي.

نستقبل اليوم في “رحاب نيوز” الناشط والمعارض السوري “بشارعبود”، ونبدأ جلستنا المشوقة مع ضيفنا المشوق..

اهلاً بك سيد بشار في ضيافة رحاب نيوز..

اهلا بكم

بشار عبود..

الصحافة أم السياسة أم الكتابة …….. أم الكل بقلم واحد؟

-بالموقف أولاً.. لا أستطيع كشخص لديه موقف مما يحدث في بلدي ومهتم بالشأن العام أن أكون منفصلا عن الأدوات التي أعبر من خلالها عنه، فأنا عندما أكون منسجماً مع نفسي أعبر عن مواقفي بكل ما أملكه من مواهب وإمكانيات، فالإعلامي يعبر من خلال خبرته الإعلامية والسياسي يعبر من خلال خبرته السياسية..وهكذا، هنا تصبح الصحافة والسياسة والكتابة والرسم والموسيقا.. منظومة أدوات لخدمة الموقف. أنا أرى أن الانسجام والتصالح بين ما يقول الثائر وبين ما يفعل هو الأساس في كل ما يقوم به.

بشار عبود.. كان ينتظر التغيير، لكن هل كان يتوقع ثورة بهذا الحجم؟

-التاريخ لا يُعاند.. وكنت فعلاً أنتظر ثورة تجرف معها كل هذا الفساد، كنت أرى الثورة في منزلنا.. وفي ضيعتنا بالساحل السوري، لا شيئ فيها مزدهر سوى البطالة، وضياع طاقات شباب القرية بالثرثرة حول كاسات المتة. البلد منهوبة من قبل عوائل فاسدة، والوضع الاقتصادي في تردي متواصل، وحجم الفساد لم يعد له حدود ودائرته اتسعت لدرجة شملت حتى موظف البلدية. من أين لك أن تشعر بالحرية والكرامة والعدالة وسط هذا الوضع اللاإنساني.. كان لا بد من ثورة. ولا شك أنه كان لثورات الربيع العربي دور في تلك الثورة، فضلاً عن أن الثورة قام بها شباب كان النظام يعتقد أنه مسيطر عليهم من خلال آبائهم، لكن هؤلاء الشباب كانوا قابضين على حريتهم كالقابض على الجمر فكانوا على قطيعة مع ترهيب النظام وخوف آبائهم، فثاروا وتحققت الثورة.

كصحفي ماهي أكثر جوانب الحياة السورية التي تحتاج لثورة ولم يطرأ علهيا تغير واضح خلال السنتين ونصف الماضية؟

-كل شيئ في سوريا يحتاج إلى ثورة.. النظام عمد إلى سياسة تشييئ الإنسان في سوريا طيلة الأربعين سنة الماضية. لذلك لا شيئ في سوريا لا يحتاج إلى ثورة، لكن أهم ما يحتاج للثورة هو التفكير بشكل وطني وجدي في كيفية إعادة بناء العقول التي تلوثت بنَفَس العبودية والخنوع على يد حافظ الأسد ومن بعده بشار الأسد. نحن الآن في مرحلة تنظيف ولم نبدأ بعد بمرحلة البناء، وعندما يسقط النظام تبدأ مرحلة الصفر وعندها ننطلق في إعادة البناء وأهم ما نحتاجه للبناء هو إعادة الحرية للمواطن السوري، قبل التفكير بإعادة إعمار البلد وهذه مرحلة أعتقد أنها ستطول لسنوات إن لم تكن لعقود. لكن كل شيئ أسهل علينا نحن السوريين من بقاء الأسد ونظامه.

أنت من مؤسسي تيار “كلنا سوريون” ..لأي درجة تؤمن بهذا الخطاب والحال السوري على ما عليه من تفرقة وخلاف بين صفوف الثورة نفسها؟

-“كلنا سوريون” ليس تياراً سياسياً، هو مؤتمر تنادى إلى عقده مجموعة من السوريين المنتمين بالولادة للطائفة العلوية، وأردنا من خلاله التأكيد على ضرورة الفصل بين النظام الأسدي والطائفة العلوية، فلا الطائفة تمثل النظام ولا النظام يمثل الطائفة، كما أردنا أن نقول إن الثورة في سوريا ليست ثورة سنية، كما يحاول البعض الترويج لها، فهي ثورة شعب مضطهد ضد نظام قمعي ديكتاتوري لم يسلم من اضطهاده أي مكون اجتماعي، وأردنا أن نقول أيضاً في المؤتمر إن النظام يكذب عندما يدعي أنه حامٍ للأقليات، وأنه لا هم له سوى السلطة فقط. كان المؤتمر عبارة عن صرخة بكل ما للكلمة من معنى وهي أربكت النظام ولقيت تفاعلاً مهماً من قبل جميع الأوساط والمكونات السورية، وكون المؤتمر لم يعقد من منظور طائفي وإنما من منظور سوري ووطني، فقد حقق نجاحاً جيداً، أما لأي درجة أؤمن بهذا الخطاب، فكما قلت لك نحن الآن في مرحلة غربلة وكل من لديه مشروع يقدمه وفي النهاية ستستقر الأوضاع على خطاب وطني جامع وسيجلس الفرقاء على طاولة المفاوضات ليتفقوا على بناء البلد.

أنت صحفي وسياسي تؤمن بالمواطنة وهذا واضح لمن يتابع بشار عبود ..هل برأيك دولة المواطنة مازالت ممكنة ضمن هذا الاستقطاب الرهيب للسوريين ؟

-طبعاً.. ولا بديل للسوريين عن دولة المواطنة المدنية التعددية الديمقراطية، وكل من يحاول أسلمة الثورة أقول له أنت واهم. الثورة مثلما هي ليست ثورة رغيف، هي أيضاً ليست إسلامية، أما عن موضوع الاستقطاب من خلال شراء الولاءات باتجاه فصيل سياسي معين، فهذا سيزول بمجرد سقوط النظام، الأهم هو أن الثورة كسرت حاجز الخوف والكل أصبح الآن يكتب ويتكلم بصوت عالٍ وأحياناً يغردون خارج السرب وهذا أمر طبيعي بعد سجن الوطن الطويل في عهد آل الأسد، لكني متفائل بأن هذه المرحلة ستنتهي بعد انتصار الثورة، وسيعلو صوت العقل وعندها لابد من توافق وطني جامع، قبل اللجوء إلى صناديق الاقتراع، وإعلان دولة المواطنة.

مؤخراً انسحب عدد من أعضاء تياركم من الإئتلاف وهما السيدان توفيق دنيا وبسام يوسف …هل قرارهما فردي أم قرار التيار ..وما أسبابها؟

-كما قلت لك “مؤتمر كلنا سوريون” لم يعلن عن نفسه كتيار سياسي حتى الآن، وبالنسبة للسيد توفيق دنيا فهو عضو ائتلاف بصفته شخصية وطنية معروفة ومستقلة، أما السيد بسام يوسف فهو عضو ائتلاف ممثلاً لحركة معاً، وهما عندما أعلنا انسحابهما من الائتلاف، جاء في بيانهما المشترك أنهما سيصدران لاحقاً أسباب ذلك، وإلى الآن لم يصدر عنهما أي شيئ، ولذلك لا أستطيع أن أتحدث بالنيابة عنهما. لكن من وجهة نظر شخصية، أعتقد أنه لدى الشارع السوري الثائر، الكثير من الملاحظات على هذا المكون السياسي (الائتلاف)، وأنا أطالب كل من دخله وخرج منه أن يكاشف الناس حول آلية عمله، وطريقة إدارته، وما هي العقلية المتحكمة به، وأيضاً عليه أن يقدم مشروعاً يكشف فيه كيف يمكن تلافي مشكلات الائتلاف وما هو السبيل لإصلاحه، لأن الائتلاف من وجهة نظري هو الأقدر ـ حتى الآن ـ، بين كل المكونات السياسية على المضي بثورتنا إلى شاطئ الأمان رغم كل التحفظات عليه.

نذهب بعض الشيء إلى الميدان السوري سيد بشار.. معركة الساحل كيف تراها وما نتائجها وما الممكن فعله لعدم التأثير السلبي على النسيج السوري؟

-بداية.. ما المانع من فتح معركة الساحل؟ أليس الساحل منطقة سورية مثل درعا والسويداء والحسكة وغيرها من محافظات سوريا؟ أنا مع فتح كل الجبهات التي تؤدي لإسقاط النظام لكن بأي معايير يتم فتح مثل هذه الجبهة الحساسة.. هذا هو السؤال. يجب أن تفتح معركة الساحل ضمن معايير وطنية وسورية خالصة، ويجب تنحية المدنيين عن مناطق الصراع في جميع مناطق سوريا وليس فقط في الساحل، أما أن يتم التشفي من النظام بخطف وقتل النساء والأطفال كونهم ينتمون لطائفة معينة، فهذا لعمري مقتل للثورة، إذ لا علاقة لخطف الأطفال والنساء بمعركة الساحل؟؟ هل كونهم ينتمون للطائفة العلوية سبب كافٍ لخطفهن؟ ليذهب المقاتلون ويخطفون شبيحة النظام المعروفين لنا جميعاً بدءا من هلال الأسد إلى أيمن جابر ووهيب مرعي وعصاباتهم. في الساحل ناس آمنين ويجب أن يظلوا آمنين، كل المدنيين في سوريا يجب عدم التعرض لهم تحت أي ظرف كان، وهذه أخلاقيات الثورة. أنا أطالب المعارضة المسلحة بمراجعة نفسها قبل التحدث عن فاشية النظام وطائفيته، فإن كان النظام مجرماً وهذا معروف لنا جميعاً، علينا نحن الثوار أن لا نكون فاشيين وقتلة وطائفيين مثله، بغير هذه السلوكيات لن تتشكل حاضنة شعبية للجيش الحر، وسيخسر كثيراً مع مرور الوقت.

لاشك أن الأخوة العلويين جزء من نسيج سوريا الحديث والمعاصر والقديم، كيف تصف الطائفة العلوية اليوم كبيئة اجتماعية ضمن الخلية السورية وكيف ترى مستقبلها ضمن الخانة التي وضعها فيها النظام الأسدي؟

-العلويون جزء من نسيج المجتمع السوري، مثل الأكراد والمسيحيين والدروز، تعودنا في سوريا على هذه الفسيفساء المجتمعية. وهذا جزء من قوتنا، لكن نظام حافظ الأسد، وبشكل أدق منطلقات حزب البعث العربي الاشتراكي (العروبية)، حولت هذه القوة إلى نقاط ضعف، فزادت العزلة بين السوريين وأصبحنا نخاف من بعضنا البعض، وهذه المنطلقات همّشت أخوتنا الأكراد، وجعلتهم خارج التركيبة السورية وهذا أكبر مقتل للمجتمع السوري ككل. ونظام الأسد فعل بالعلويين كما فعل مع بقية مكونات المجتمع السوري، اختار من كل مكوّن أقذرهم وصعد بهم إلى سدة الحكم فيما ترك بقية الشعب في حالة مطحونة، بحيث أصبحت ترى في الساحل السوري قصوراً فارهة بجانب منازل مصنوعة من الطين. هذا حدث في الساحل السوري بشكل عام. حافظ الأسد ومن بعده ابنه بشار أبعدوا التنمية عن الريف الساحلي، وفتح للشباب العلوي نافذة ضيقة للحياة هي الجيش والأجهزة الأمنية، عمل على توريط ليس فقط هؤلاء الشباب المنضويين تحت المؤسسات العسكرية، وإنما ورّط أهاليهم وقراهم، وهو خلال الثورة يحاول ربط نفسه بهذه الطائفة، لكي يقنعهم بأنه حاميها، وهو طبعاً يكذب، وهذا ما حاولنا تأكيده في مؤتمر كلنا سوريون الذي عقدناه في القاهرة في آذار/مارس 2013. كذلك جميع فيديوهات القتل والتشبيح التي تم تصديرها بعد الثورة باللهجة العلوية، كانت تخرج من فروع الأجهزة الأمنية لمزيد من توريط الطائفة بالقتل، سعى النظام منذ اللحظة الأولى لخلخلة النسيج المجتمعي السوري ضمن خطة ممنهجة وواضحة. لكن في المقابل، علينا أن لا ننسى أن معظم المعارضين لنظام حافظ ومن بعده بشار كانوا من الطائفة العلوية، يعني دعني أخبرك معلومة بهذا الصدد، الأشخاص الذين كانوا في مؤتمر كلنا سوريون تتجاوز أعداد سني سجنهم في زنازين النظا الأسدي أكثر من 150 عاماً موزعة بين أعضاء المؤتمر. مستقبل الطائفة هو بين أخوتهم السوريين جميعاً ولا يمكن أن أراه خارج هذا الإطار

بشار عبود.. أنت لا تؤمن فقط بمفهوم المواطنة، بل أنت تقدم نفسك على أنك علماني مدني حر، وهذا شيء واضح. هل ترى أن النماذج المثقفة من أمثالك في صفوف كل الأقليات سواء علويين او المسيحين او الكورد …قادرون على لعب دور مؤثر على نسيجهم الاجتماعي المحدود كونهم أساساً لايؤمنون بالانتمائي الضيق؟

-بكل تأكيد قادرون على التأثير.. لكن إن لم ننفصل عن واقعنا أولاً وإن كنا مؤمنين بمبادئ الثورة التي انطلقنا فيها في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ثانياً، وإن كنا نرى في أوجاع الآخر أوجاعنا وأفراحه أفراحنا. هنا أؤكد على أهمية التصالح بين موقف الشخص وكلمته.. بين ما يقول وما يفعل.. هذا مهم جداً من أجل زرع الثقة مع الحواضن الاجتماعية. الناس فعلا لا تريد أن يحكمهم الإسلام السياسي، فهم رأوا تجارب سيئة في تونس ومصر. لكن لا أخفيك، أنه عندي عتب على من يؤمن بالفكر الديمقراطي، وهو أنهم غيّبوا أنفسهم عن ساحة الثورة وتركوها للمد الإسلامي السياسي، لم يغيّبنا أحد نحن غيّبنا أنفسنا، والآن بعد أن ذكّرنا الشارع السوري بأهمية وجودنا، لأن معظم السوريين يحملون فكرا مدنياً، بدأنا نعود للساحة الثورية مجدداً.

التدخل الخارجي كرجل صحافة وسياسة ،أين هو وماذا يمكن أن يحدث؟

-بداية دعني أؤكد لك أنه لا يوجد سوري حقيقي يريد لبلاده أن تتعرض لمثل ما ينتظر سوريا من ضربات عسكرية. لكن الطغاة هم من يمهدون الطريق للغزاة، صدام حسين ومعمر القذافي أمثلة واضحة وصارخة، ويسير على خطاهم النظام السوري، ففي جردة سريعة لحصيلة 30 شهراً من الثورة نرى ما يلي: قتل حتى الآن أكثر من 150 ألف شهيد مدني، ربعهم من الأطفال والنساء، وغيّب أكثر من 400 ألف معتقل ومفقود، وجرى تهديم أكثر من 2 مليون منزلا وعدد لا يحصى من المستشفيات والمباني الحكومية، فضلاً عن استخدام النظام لأسلحة استراتيجية محرمة دولياً ضد الشعب السوري، ودخول أكثر من 60 ألف رجل مقاتل من إيران وحزب الله للأراضي السورية، وتسهيل دخول جبهة النصرة ودولة العراق والشام الإرهابيين للأراضي السورية، بعد كل هذا من الذي يكون قد جلب الغزو لبلادنا أليس النظام؟ وأنا أحمل النظام الطاغي، كامل المسؤولية عن كل ما جرى وسيجري ونأمل أن تأتي الضربة لتقصم ظهره وظهر كل الكتائب الإرهابية التي تقاتل في صف الثورة، وعلى رأسها جبهة النصرة ودولة العراق والشام، لأنهما بكل تأكيد هما صنيعة النظام بشكل أو بآخر. نحن أصبحنا نحتاج إلى من يخلّصنا من القتل اليومي والهمجي، فهذه مهمة المجتمع الدولي وهي واردة في نصوص ومواثيق الأمم المتحدة.

هل ترى سوريا دولة مواطنة بحيادية ودون عاطفة أم أن الأمر أصبح بيد الغير؟

-إن كنت تقصد أنها كانت دولة مواطنة في عهد نظام الأسد (الأب والابن)، فبكل تأكيد لم تكن في يوم من الأيام دولة مواطنة، بل على العكس تماماً النظام فصل المواطنين عن مفهوم الدولة، وجعل ولاءهم للنظام وتحديداً لرأسه، وليس للدولة، نحن بحاجة الآن لإعادة مفهوم الدولة للمؤسسات الحكومية، بما فيها مؤسستي الجيش والأمن، حتى لو كان الأمر حالياً خارج إرادة السوريين، فلا بد من العمل على استعداة السوريين لدورهم في بناء بلدهم، وهذه مهمتهم الوطنية. أنا أراهن على وعي الشعب السوري في إعادة ثقة المواطن بدولته وبرلمانه وأحزابه ومدارسه وقضائه وأطبائه وحكومته، لا نريد أن نطرح شعارات “إلى الأبد” لأي شخص كان مهما كان.

بشار عبود ماذا يحدث في كواليس البيت السياسي المعارض؟ ما أسباب هذا الفشل؟

-لا أعتقد أن أحداً في سوريا لا يعرف ماذا يحدث، وإن غابت بعض التفاصيل، فبإمكاننا أن نعرف ما يدور من خلال النتائج التي تترتب على ممارسات المؤسسات السورية المعارضة. كنت أعزو ما يحدث نتيجة التغييب القسري عن الفعل والحراك السياسي طيلة أكثر من نصف قرن، لكن بعد أكثر من عامين على انطلاق الثورة أصبح من المعيب ما نراه من أشخاص قدموا أنفسهم على أنهم يمثلون الثورة. والشارع السوري لم يعد يخشى أحداً لذلك عندما قال إن المجلس الوطني يمثلني، عاد بعد عام من الفشل قال بأنه لا يمثلني، وكذلك بالنسبة للائتلاف. أعتقد أن من أهم أسباب الفشل هو عدم وجود رجال دولة ورجال سياسة بين كل مكونات المعارضة السورية الرئيسية منها والثانوية. نحن بحاجة إلى رجال دولة بالمفهوم العالمي، ونحتاج إلى رجال سياسة، وهذا مع الأسف لم نجده طيلة العامين الماضيين.. حتى الآن ليس لدينا رجال يستطيع الناشط والثوري والمعارض السوري أن يثق بهم. في كل ثورات العالم توجد أسباب موضوعية وأخرى ذاتية، الموضوعية لا حول لنا فيها ولا قوة، فهي نتيجة صراعات عالمية وتوازنات إقليمية، لكن الذاتية نحن المسؤولون عنها بالكامل، فما ذنب الثورة إذا خرج رجل يتصدر المشهد الثوري وهو يشعر بالهزالة وعدم الثقة بينه وبين نفسه؟؟ نحن نريد أشخاصاً واثقون من أنفسهم ومن مشروعهم الوطني الجامع.

آخر كلمة لك.. المساحة لبشار عبود… تفضل ؟

-في اليوم التالي، أقصد بعد سقوط النظام، ستواجهنا مشكلتان رئيسيتان هما العلويون والأكراد، إن لم نتفق نحن جميع السوريين على معالجتهما فسيكون أمد الصراع طويلاً في سوريا وهذا ما لا نأمله لبلدنا على أية حال، يجب أن تعود الحقوق لأصحابها الكرد، كما يجب تخليص العلويين من السمعة السيئة التي حاول النظام لصقهم بها، وهنا تكمن أهمية أن يكون لدينا رجال من مستوى فارس الخوري ويوسف العظمة وصالح العلي وسليمان الأطرش وشكري القوتلي.

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة