بيان تيار مواطنة :حول القصف الذي تقوم به القوات التركية على مدينة عفرين
لما كان الهاجس المؤرق لحكومة أردوغان قيام “كيان” كردي على الحدود السورية التركية بحجة حماية الأمن القومي لتركيا من الميليشيا الكردية الإرهابية – كما تصفها الحكومة التركية- المتمثلة بوحدات حماية الشعب الكردي وحزب PYD ، فإن نقطة التحول لدى الحكومة التركية عن خيارها الأسبق في الوقوف بشكل واضح في مواجهة التدخل الإيراني والروسي لصالح نظام الأسد ومعاداة نظام الأسد ودعم المعارضة السورية بكل الأشكال قد بدأت منذ اللحظة التي بدأت فيها الولايات المتحدة الأمريكية تكشف عن موقفها الداعم للكرد في سوريا والعراق على السواء, معلنة صراحة معارضتها لأي عمل عدائي تركي ضد الأكراد للأسباب التي كنا قد ذكرناها سابقاً وفي أكثر من مناسبة, فالحليف الكردي قد أثبت أنه الوحيد القادر على مواجهة تطرف داعش والنصرة في الحالتين السورية والعراقية, وهو الحليف الوحيد للأمريكيين الذي حرر الرقة وريف دير الزور بدون التفاف على شروط التحالف, وهو بالضبط النقيض السوري للسياسة التركية الداعمة لقوى تصنفها الولايات المتحدة الأمريكية كقوى إرهابية (داعش والنصرة). لقد حسمت الحكومة التركية خياراتها في إقامة تفاهمات مع الروس والإيرانيين خلال العامين المنصرمين وفق الرؤية الروسية للحل في سوريا بحجة مواجهة الخطر الكردي في الشمال والشمال الشرقي لسوريا.
الآن، وقد شارفت الحرب على الإرهاب على نهايتها تواجه تركيا استحقاقين, يتمثل الأول في اضطرارها إلى المشاركة في مؤتمر تصفية القضية السورية على طريقة بوتين في إعادة تأهيل نظام الأسد, ودفع القوى التي يديرونها في الداخل السوري للقبول في المشاركة- الرمزية على الأقل حتى الآن والتي تعطي شرعية لهذا المؤتمر، وذلك مقابل تصفية الراعي الروسي الوجود الكردي في عفرين كثمن مباشر وإقامة قاعدة تركية دائمة في الداخل السوري لضمان مستقبلها في سورية القادمة. أما الثاني فهو التقصير التركي في الحرب على الإرهاب بالمفهوم الدولي والأمريكي والذي جعل الحليفين الصديقين داخل الناتو وخارجه تاريخياً يتصارعان في الحالة السورية, ومعلوم أن الأتراك حتى اللحظة الراهنة لا يقومون بالدور المطلوب في إنهاء وجود تنظيم القاعدة في محافظة إدلب كما كان الاتفاق في التفاهمات الروسية- الأمريكية ومقررات اجتماع أستانة في ضم محافظة إدلب إلى مناطق خفض التصعيد.
وبدلاً من إفشال المسعى الروسي في سوتشي والعودة إلى مسار جنيف والضغط على الروس من أجل البدء بمسار سياسي جدي يفضي إلى انتقال سياسي وإنهاء التطرف -المتمثل ببعض القوى الإسلامية الجهادية – والسلطة الغاشمة والمساعدة في حل وطني سوري لمشاكل الأقليات القومية والدينية, بدلاً من ذلك كله تقوم المدفعية التركية بقصف مدينة عفرين ويهدد وزير خارجية تركيا باجتياحها لإخراج قوات حماية الشعب الكردية وحزب PYD منها, بالمقابل تقايض حكومة بوتين الأتراك على هذه الخطوة ولا يصدر أي رد فعلي عن النظام السوري, بل يكتفي بالإشارة إلى أن دفاعاته الجوية في حالة الجاهزية العالية للتصدي للطيران التركي وإذا حصل الأتراك على الإذن من الروس في استعمال الطيران في قصف القوى الكردية فستكون هذه اللحظة الفارقة الأخرى في التفاهم الروسي- التركي في مواجهة التحالف الأمريكي- الكردي.
إننا في تيار مواطنة ندين هذا القصف التركي على مدينة عفرين والمدن السورية الأخرى, ونعتبره اعتداءً سافراً على الشعب السوري, ونطالب الأمم المتحدة والدول الفاعلة في الحالة السورية وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية التدخل لوضع حد لهذا التدخل العدواني على الشعب السوري.
عاشت سورية حرة ديمقراطية
تيار مواطنة
المكتب التنفيذي 20/01/2018