الجولة الخامسة للجنة الدستورية.. خيبة تضاف لخيبات السوريين

انتهت الجولة الخامسة للجنة الدستورية، ليس فقط بخيبة أمل المبعوث الدولي غير بيدرسون الذي عبر عنها بكلمات واضحة، بل بخيبة أمل معظم السوريات والسوريين الذين لا زالوا يراهنون على الحل التفاوضي أملاً بالوصول لحل سياسي وفق مقررات جنيف والقرار الدولي 2254، حيث أن هذا المسار يعتبر أحد السلال الأربعة في المسار التفاوضي الذي صاغه المجتمع الدولي في جينيف والذي سيفضي وفق أمال هؤلاء إلى تحقيق الانتقال السياسي المنشود.

انتهت الجولة الخامسة للجنة الدستورية ونحن على أبواب إغلاق عقد كامل من معاناة السوريين المستمرة، والتي لن يكون آخرها وقوعهم ضحايا تفجيرات واغتيالات واعتقال وخطف وأوضاع صحية ومعيشية كارثية، لكنها هذه المرة خلفت وراءها الكثير من الأسئلة المشروعة حول جدوى الاستمرار في هذه الجولات الدستورية مع طرف ليس من مصلحته الوصول لاي إنجاز في هذا المسار، مهما صغر، وهو النظام السوري، كما وصعد السؤال الجديد القديم حول القوى التي شكلت الهيئة العليا للمفاوضات والتوافقات التي تأسست عليها، حول المعارضة السورية بوضعها الحالي وحول قدرتها على حمل قضية السوريين العادلة على أكتافها قولاً وفعلاً، عن فجائع السوريين والسوريات التي لن يكون آخرها اكتشافهم/ن بأن قضيتهم ليست بأيدي قديرة، حيث ظهرت خلال الأسابيع القليلة الماضية تحليلات وتبريرات ووجهات نظر كثيرة من قبل هؤلاء حول الخلافات العميقة الحاصلة، وصعدت أصوات من هنا وهناك مطالبة بالعمل على خلق جسم بديل لهذه الأجسام المنقسمة والمستمرة في انقسامها.

هذا وقد جاء على لسان بيدرسون كما وعلى لسان رئيس وفد المعارضة وكذلك العديد من الشخصيات في اللجنة الدستورية أنه سيكون من غير المجدي عقد جولات جديدة إن لم يتم وضع جدول زمني لعمل اللجنة والاتفاق على  منهجية محددة للحوار، والضغط على النظام لإثبات جديته في المضي في هذا المسار والخروج من دوره المعطل، حيث أن رئيس وفده عاد وكرر هذه الجولة البنود ذاتها التي قدمها في الجولة السابقة حول  “مبادئ مكافحة الإرهاب وإدانة الإيديولوجيات الإرهابية ودعم الإرهابيين، وإدانة الإجراءات القسرية الأحادية، وإدانة احتلال الأراضي السورية، ورفض المشاريع الانفصالية، ودعم الجيش العربي السوري، وتعزيز الهوية الوطنية، بالإضافة إلى حماية التنوع الثقافي وتشجيع وضمان عودة اللاجئين ومعالجة القضايا الإنسانية والتي تم تقديمها على أنها أسس ومبادئ وطنية ولم يتم ربطها صراحة بنص دستوري مقبل”.

وفي انتظار انعقاد مؤتمر سوتشي يصعد سؤال البعض عن احتمال وجود انطباع  لدى المجتمع الدولي وكل الدول ذات الشأن بالملف السوري بلا جدوى الاستمرار في جولات اللجنة الدستورية أو في كل مسار العملية التفاوضية في جينيف، فالحال أن النظام لم ولن يقدم أي تنازل وبالمقابل لا يبدو أن الطرف المفاوض عن المعارضة، الهيئة العليا للمفاوضات، بأحسن أحوالها، فالسعودية توقفت عن دفع الرواتب لموظفي الهيئة بإجراء مفاجئ، قد تعود أسبابه إلى الخلافات بين الائتلاف من جهة وهيئة التنسيق ومنصة موسكو ومنصة القاهرة من جهة أخرى وتعنت الائتلاف ورفضه استبدال ثمانية مستقلين تابعين له بمستقلين جدد وفق مقررات مؤتمر المستقلين الذي دعت له السعودية أواخر عام 2019 ، كما وصار من الممكن رؤية الانقسامات والخلافات داخل المنصات، وأما بيدرسون الذي كان من المفترض أن يكون راعياً لتفاوض النظام والمعارضة فقد بات عليه في هذه الجولة أن يكون راعيا لتفاوض وفود المعارضة فيما بينها بعد أن وصلته رسائل تطالبه بالتدخل لحل الخلاف، في حين يلجأ المجتمع الدولي مجدداً الى موقف “اللا موقف” في انتظار تبيان الموقف الأمريكي خلال الأشهر القادمة.

وفق هذه الحقائق يصعد السؤال مجدداً: من هي الأطراف التي من مصلحتها الوصول لحل سياسي يعجّل في إنهاء معاناة السوريين ويضعهم في أول الطريق للوصول لأهدافهم التي عبرت عنها ثورتهم؟

نحن في تيار مواطنة يمكننا كغيرنا أن نرى بوضوح أن الطرف الأساسي الذي لا يريد الحل السياسي وفق قرارات جنيف هو السلطة  – الطغمة الحاكمة في دمشق، لكننا لا يمكن بالمقابل إلا أن نرى أن هناك اطرافاً أخرى ، لم يعد يخفى على أحد ولاءاتها وارتباطاتها بأطراف دولية وإقليمية لا تستطيع العمل الجدي من أجل هذا الحل، وهي بالتالي إن لم تحاول جهدها منعه أو تعطيله فهي لن تبذل أي جهد لكي يبدأ بالتحقق، كما ونرى أن الطرف التركي مازال يبحث عن مصالحه خارج المصلحة السورية وبتعارض معها أحياناً، وأن الائتلاف لازال يراعي مصلحة ضامنه وراعيه التركي أولاً على حساب مصالح الشعب السوري الذي يعتبر نفسه ممثلاً له، ولكن وعلى الرغم أن القضية السورية قد دُولت وعلى الرغم من أن المعارضة السورية مقسومة وربما يكون بعضها محكومة بولاءاتها، إلا أنّنا نرى أنّه لازال بإمكان الوطنيين من المعارضة أن يبذلوا كل الجهود لإعطاء الأولية لمصالح الشعب السوري قبل مصلحة الدول وهذا ممكن ومطلوب في السياسة. من الممكن في السياسة أن نقيم الوزن لمصالح حلفائنا، لكن من الغباء أن نولي ظهورنا لمصالحنا، وبالتالي فنحن نرى أن مصلحة السوريات والسوريين لا يمكن أن تتحقق إلا بحل سياسي يمكّن القضية السورية من الخروج من المستنقع الحالي، كما وأن البقاء في هذا المستنقع يعني أنه عندما سنخرج جميعاً، بعد حين، فلن نكون مقبولين أمام أنفسنا وأمام شعبنا الذي بدأت صرخاته تعلو: ماذا فعلتم بدمائنا وتضحياتنا؟

تيار مواطنة

المكتب الإعلامي 4 شباط/ فبراير 2021

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة