العدل اساس الملك – أحمد الديري
لقد كان من المفترض ان من خرج الى خارج سوريا او من كان أصلا خارجها ان يعمل على خدمة ثورة الداخل و يوصل صوتها و يعكس مطالبها في حين أن الدول الاقليمية قد تدخلت لتضع شروطها و اجنداتها و ماذا تريد من النظام القادم او باسوء الاحوال الضغط على النظام الحالي و اضعافه و انتزاع ما تريد منه لصالح مصالحها دون الالتفات الى ما اراده من ثار من السوريات والسوريين على هذا النظام المجرم فالتقت مصالح كل اهل الجوار القريب و البعيد على ان طوفان الثورة سيغرق الجميع لذلك لا بد من الحد من مخاطره و كبح جماح التغيير في شرق عاش و مات لمئات السنين تحت سلطة الاستبداد و القهر و الظلم و الحكم المطلق و كل كتبنا المسطّره على الرفوف عن العدل و الخلافة الراشدة مجرد احلام و كلام و خطب تنتقل من جمعة الى جمعة و من خطيب الى خطيب بلا معنى و لا أمل – و الحاكم الذي ما فتئ في كل الاحوال و على مر الازمنة ان يعثر على كاهن يسبغ عليه الصفات و يسلمه عصا الطاعة و يأمر العباد بها بما انزل الله من سلطان فغابت قوانين الحق و العدل و المساواة في كتب وتفاسير المفسرين و انشغلنا نبحث عن مقعدنا في الجنة و ما ينوب لنا بعد ان تجرعنا مورفين “ان الدنيا الى زوال و ان العمل الصالح للاخرة” –
لكن السؤال هل الشعوب التي عاشت وتعيش الحرية والعدالة لا تعرف عن الاخرة و لم تسمع بها ام انهم يعرفوا ان سعيد الدنيا هو سعيد في الاخرة؟
اسئلة المحرمات التي صاغها الكهنة و تجار الدين من هذه الامة فاجبروا السواد العام على عدم المساس بها كجدار قلعة من الاكاذيب فسروا بها الدين في زمان وعصر وصلت الى قداسة الحرف على قداسة المعنى.
اذا كانت السعادة في الآخرة فلماذا هؤلاء الكهنة و خدامها هم اغنى ناسنا و يملكون الثروات و برروا لانفسهم كل سبيل ليحصلوا على المال و النفوذ؟
تغير الزمن و نزلت الاديان و بقي همُ الكهنة أن يخدمون ذات العرش و بذات الاسلوب ومن سلطان الى سلطان ومن خليفة الى خليفة،
مصيبة هذه الثورة انها لم تسلم من يد هؤلاء الكهنة فكان نصيبها من الاغتيال والتشويه والسرقة والاستيلاء على قرارها – ما زلنا نضحك على البعض من هؤلاء الكهنة حيث كانت الشاشات تفرد له ليستعرض حركاتهم البهلوانية و كلماتهم و اساليبهم في ترويض القطيع -، وان تدخل الثورة تحت عباءة هؤلاء الكهنة فهي خطة ارادها و ادارها اصحاب المصالح الاقليمية لتصبح هذه الثورة بادارة أولئك الكهنة و يقتسموا دماءها و اموالها حلال عليهم،
إن مفهوم الاسلام السياسي الذي ظهر خلال الخمسين سنة الماضية اماط اللثام عن هؤلاء الكهنة، الذين شرعوا في منافسة الحاكم على السلطة نفسها كما في ايران وافغانستان كما حاولوا في مصر وليبيا وتونس ان تستتب الاوضاع لهم و لكنهم فشلوا،
و كما نالت الثورة السورية قسطا كبيرا من تسلطهم و احتكارهم لمؤسساتها تحت اسماء ووجوه متعدده فتسلطوا عليها بقوة المال طالما استأثروا به و لم يكونوا ليخدموا اهداف الثورة بقدر خدمة اهدافهم الخاصة في الوصول الى السلطة والاستحواذ بها، وماتزال ابواقهم الاعلامية التي اغدقوا عليها المال تجتهد ليل نهار في فبركة الاكاذيب وتحطيم كل من خالفهم الرأي والمعتقد بكيل التهم والتخوين، هذا عميل وهذا جاسوس و ذاك ضد تحرير فلسطين و غيره وغيره فتعددت اسماؤهم و تنظيماتهم ولكن الكل من رحم واحدة فتعددت سجونهم التي اكتظت بالثوار والأحرار.
هذا الاسلام السياسي الذي كشفت السنين العشر الاخيرة عن قبح وجهه وسوء غاياته و جشع اصحابه، وهو الذي ظنّ لوهله ان البركة حلت عليه من السماء وان الكلمة اعطيت له بقوة غاشمة يمارسها ضد العباد سرا و علنا و لكنه نسي ان العدل اساس الملك وان ملكا عادلا خير من امام يقوم الليل ولكنه يسرق و يغتاب في النهار ، فكل الاملاك الى الزوال.
للحديث بقية…
أحمد الديري – ١٤-١-٢٠٢١
الآراء الواردة بالمقال تعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة أن تعبر عن رأي الموقع