بيان في الذكرى ١١ للثورة السورية
أحد عشر عاماً مرّت على تفجر صيحات ثورة الحرية والكرامة التي غمرت معظم الجغرافيا السورية لتقدم مئات آلاف القرابين على مذبح الخلاص من استبداد معمّم لأكثر من نصف قرن، ومازال مصيرنا ومستقبل بلادنا في خطر وحياتنا بمعاناة، وكأننا دخلنا نفقاً مظلماً ما أدركنا نهايته بعد.
نحتفل هذا العام بذكرى الثورة المغدورة متذكرين مئات الاف الشهداء، والمعتقلين والمختفين قسرياً والجرحى، وملايين النازحين والمهجرين قسراً، وملايين آخرين ينهشهم الجوع والاوضاع المعيشية بالغة الصعوبة في بلاد قطعت أوصالها الحرب.
لقد انطلقت الثورة عفوية -بطبيعتها- ودون أية برامج ولم تكن مسلحة سوى بأمل الخلاص من الفساد والاستبداد، حيث تجاوزت هتافات الشباب المنتفض كل الشعارات الوطنية التقليدية وتركت الصراعات الإقليمية أو العالمية جانباً، فصدحت بنبضها الحر بعد نصف قرن من القمع والاستبداد الأسدي، مزلزلةً عرش مملكة الخوف وإن لم تصل إلى أهدافها اليوم إلا أنها حطّمت جدار الصّمت والخنوع.
ويبقى السؤال: لماذا بعد كل هذه السنوات والتضحيات الجسام لم تصل الثورة الى أهدافها؟ رغم أن التغيير استحقاق آن أوانه, ولكنه تعذر جنيه بسبب عنف النظام العاري الذي واجه به الشعب وسوء مآلات الفصائلية والأسلمة، ولابد من ادراك العيوب التي أبعدتنا عن النصر، فأن يختلف السوريون ويشتبكون ويتطرف فريقين منهم -وربما أكثر- ويحرفان الثورة والبوصلة الى صراع مسلح ومواجهات أهلية أو طائفية فهو عين الوقوع بالمصيدة، حيث يطيب للسلطة/الطغمة نصبها ونسقط فرادى وجماعات بالميدان الذي يتقن السفاح اللعب فيه، مدعوماً بمليشيات طائفية ومشاريع ملالي إيران وروسيا البوتينية أيضاً، وفي الضفة المقابلة حيث يختطف المتطرفون حراك الناس ويعيثون فساداً بظلامية وإقصائية ليست أقل إجراماً وطائفية وقهراً من سلطة الأسد، بل تزيده بشاعة وإرهاباً للعالم بأسره أيضاً، عندها تردد العالم بجهاته الأربع ولم يستمر في دعمه قضية السوريين المحقّة، ملتفتاً الى الحرب على الإرهاب وفق مصالحهم، وبالتالي ستطول فترة المخاض وسيغدو قبولنا بقرارات جنيف وضرورة الانتقال السياسي وفق القرارات الدولية أملاً قد ينقذنا بعد هذا الخراب والدمار، ويوحد سوريين كثر بوجه سلطة الأسد وسلطات الأمر الواقع المستجدة تلك.
بتنا اليوم أكثر حاجة لإعلاء سوريتنا والتمسك بهويتنا الوطنية الجامعة، وأمسى ضرورياً بناء أوسع جبهة ديمقراطية سورية تعيد للسوريين من كل الضفاف الآمل بسورية المستقبل دولة حيادية تجاه الأديان والمكونات وتعيد ثقة العالم بالبديل السوري الجديد.
في هذا الوقت بالذات حيث بات المجتمع الدولي عموماً والغربي خصوصاً يواجه مغامرة بوتين الجديدة في أوكرانيا اليوم، بات مدركاً خطورة ترك المستبدين والفاسدين يعبثون بالسلم العالمي وينتهكون حقوق الإنسان، وعليه تأكد لهم ضرورة الاستمرار بوجه الاسد ومنعه من قطف ثمار جرائمه وتفوقه العسكري المتوحش وكذلك المثابرة على حصاره اقتصادياً وسياسياً وبكل الوسائل الممكنة وتفعيل مبادئ العدالة الدولية في محاسبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية من رموز النظام وأمراء الحرب الآخرين. وبهذا يدفعون أيضاً لاستمرار وقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد، وضمان وصول المساعدات للمحتاجين إليها عبر كل الطرق الممكنة ودون أي عراقيل والافراج عن المعتقلين تعسفياً والمغيبين قسرياً. والمضي بمسار الحل السياسي عبر القرار الأممي ٢٢٥٤ لتحيا سوريا موحدةً أرضاً وشعباً.
الرحمة للشهداء والشفاء للجرحى والحرية للمعتقلين.
عاشت سوريا وطناً ومواطنين.
15 آذار 2022
تيار مواطنة – نواة وطن تيار مستقبل كردستان سوريا
Nezar Baarini
السلام والعدالة لسوريا ، وشعبها المظلوم !!
شكرا جزيلا لجهودكم.