بيان من تيار مواطنة حول الأحد الدامي في السويداء

بيانات 0 admin

بيان من تيار مواطنة
حول الأحد الدامي في السويداء
اندلعت يوم الأحد ٤-١٢-٢٠٢٢ في محافظة السويداء احتجاجات قوية وكان رد السلطة دموياً كعادتها، تعد تلك الواقعة حلقةً جديدةً وهي الأهم من سلسلة الاحتجاجات المتكررة للأهالي نتيجة المعاناة الشديدة التي تشهدها المحافظة على جميع الأصعدة. فمحافظة السويداء التي يصنفها النظام وبعض المعارضين -خطأَ- بالموالية، لم تكن -بغالبية سكانها- موالية أو محسوبة على السلطة الطغمة، ومعارضتها المتميزة لها خصوصيتها، حيث شهدت تخلّف غالبية شبابها عن الالتحاق بالجيش رفضاً للمشاركة في المقتلة السورية، واستقبلت المحافظة آلاف المهجرين والنازحين وكانت بالعموم نِعم المضيف لإخوة لهم في الوطن، ولم تقصِّر في تقديم الممكن من الطيب على مختلف الاصعدة.
من ناحية أخرى فإن خصوصية وضع المحافظة كانت نتيجة تأثير توجهين متعارضين الأول نمط خطاب الكراهية، الذي روجته بعض الفصائل الإسلامية أو المتطرفة، والثاني نمط خطاب وممارسات السلطة السياسية والأمنية للنظام الأسدي، وبالتالي بقي دور المعارضة الفعلية محدوداً وكانت السلطة دائما قادرة على السيطرة على الوضع اعتماداً على الترهيب والترغيب.
لكن ظروف الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعاني منها السوريون، في جميع مناطق سيطرة النظام، زادت الصعوبات الحياتية لأهل المحافظة، خاصة وأن غالبية شبابها مطلوبون أمنياً بسبب تخلفهم عن الخدمة، والبقية يعتمدون على الوظائف الحكومية أو السفر لتأمين سبل العيش، وهو أمر تعذر على كثير من الساعين إليه، وما زاد حجم المعاناة هذا العام هو عدم وجود محاصيل زراعية، بسبب ظروف الطبيعة، وغياب دور الدولة المفترض في تسويق محصول التفاح الرئيسي، وتحكم التجار بسعر التفاح  وابتزاز الفلاحين مما اضطرهم لبيع محصولهم بسعر التكلفة تقريباً.
في هذه المناخات زاد نشاط عديد من “زعران” الفصائل المسلحة، التي راحت تعتمد على الخطف والسرقة وتجارة المخدرات، وبات الأمر يشكل تهديداً لكل بيت في المحافظة، علماً أن تلك الفصائل/العصابات جاءت برعاية أمنية شبه علنية. كل ذلك دفع الأهالي، ومن بينهم بعض المسلحين ورجال الكرامة، لاطلاق مواجهة بالقوة لأكثر تلك العصابات خطورة (قوات الفجر)، وهي التابعة فعلياً للأمن العسكري، حيث قدم الأهالي في تلك المواجهة عديد من الشهداء، ما أسفر عن إنهاء وتصفية تلك العصابة، مع ذلك استمرت الانتهاكات وعمليات التحطيب الجائر للثروة الحراجية من قبل التجار وبعض المسلحين المنفلتين، والاتجار بنقل الناتج من الحطب إلى خارج المحافظة، رغم الحواجز الكثيرة، حتى وصل الأمر لتحطيب عديد من البساتين المثمرة .
ومع غياب الكهرباء وفقدان وغلاء المحروقات، وما سببته من نقص حاد في المياه، وتعطل العديد من مقاسم الهاتف، ووجود أزمة خانقة بالنقل العام، بدأت تتوسع الاحتجاجات و الإضرابات وقطع الطرق، فالوعود التي قدمها المسؤولون لحل هذه الأزمة كانت كعادتها تخديرية و خلبية ( فالبنزين والمازوت الحر- سوق سوداء- منتشر وبشكل علني في جميع شوارع المحافظة).
في هذا الواقع المزري دعت مجموعة من الشباب المستقلين، الذين لا يتبعون لأي قوة سياسية، إلى مظاهرة سلمية تنطلق من دوار المشنقة داخل مدينة السويداء، حيث جرى التجمع وكان كبيراً نسبياً بالمقارنة مع المرّات السابقة، واتصف هذا التجمع في البداية بسلميته، وبرفع شعارات عاقلة متوازنة ضد الفساد (الشعب يريد إسقاط الفساد) (واحد واحد واحد الشعب السوري واحد -حرية كرامة بدنا نعيش، سوريا حرة حرة إيران تطلع برا).
وبعد تزايد عدد المتظاهرين انطلقوا إلى أمام سرايا المحافظة، وقبل اكتمال تجمعهم فوجئ الجميع بمرور خاطف لسيارة لا تحمل لوحات قامت برمي قنبلة صوتية أمام المبنى والمتظاهرين، فتصد المحتجون لها على الفور وقاموا بتحطيمها، وهرب من عليها، وتأكد أن هذه السيارة تعود إلى المدعو ”مجدي نعيم“ عميل الأمن العسكري ورجل ايران بالمحافظة، الأمر الذي أدى إلى زيادة احتقان المتظاهرين وتصعيد مضمون خطابهم بالهتاف (بإسقاط النظام، وسوريا لينا و ما هي لبيت الأسد) وغيره من هتافات الثورة السورية في بداياتها، وبعدما جرت إشاعة احتجاز السلطة لشخصين منهم، دفع حماس المنتفضين للتفكير باقتحام مبنى السرايا، فاندفع البعض للدخول إليه، وقاموا برمي وتحطيم صور بشار وحافظ، ورمي الكثير من المصنفات، وإشعال النار بالمبنى، ومن المؤسف أن قام بعضهم بسرقة محتويات كاسطوانات الغاز ومدافئ ولابتوبات، بدون الاكتراث باحتجاج المتظاهرين على هذا السلوك المشين، بعدها تحرك الحشد إلى مبنى قيادة الشرطة الملاصق لمبنى المحافظة حيث جوبهوا بإطلاق نار كثيف أدى لاستشهاد أحد المتظاهرين وإصابة أربعة آخرين، أحدهم حالته خطرة، وقام بعض المسلحين من خارج المظاهرة، كردة فعل، بإطلاق النار باتجاه مبنى قيادة الشرطة مما أدى لمقتل أحد عناصرها.
هكذا أصبح التوتر سيد الموقف وساد في كافة أرجاء المكان، وتوعد بعض المسلحين بالانتقام من الأجهزة الأمنية، بعد أن كانت الحصيلة مساءً شهيدين و ١٨ جريحاً.
إن سوء الأحوال المعيشية وتفاقم الأوضاع الأمنية لا يقتصر على محافظة السويداء بل بات يسود كافة مناطق سيطرة السلطة/الطغمة، وهو السبب الدائم لأي انتفاضة في وجه القمع والجوع، ونحمل المسؤولية الأولى والأخيرة لسياسات سلطة دمشق العاجزة عن إنجاز أي تغيير أو تحول وانتقال سياسي في سوريا. فضلاً عن استمرار شيطنة أي حراك جماهيري ومحاولة إلصاق مختلف تهم التخوين والعمالة به، بواسطة الأبواق المأجورة، فالسويداء يصعب اتهامها بالإرهاب والتطرف ولهذا يبحث النظام عن تصنيفات أخرى في اسطوانة تخوينه المشروخة.
إننا في “تيار مواطنة” نمجد شهداء الحرية ونعلن وقوفنا مع المنتفضين من أجل الكرامة وحق العيش الكريم.
الرحمة للشهداء في السويداء وسوريا
والشفاء العاجل للجرحى.
الحرية لسوريا وطناً ومواطنين.

تيار مواطنة في ٥-١٢-٢٠٢٢

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة