ماذا يجري في الشمال السوري – مواطن من إدلب

 

Image result for هيئة تحرير الشام

منذ أكثر من شهرين شنت حملة تحرير الشام حملة اعتقالات شملت عدداً كبيراً من عناصرها، وأشخاص ذوي مناصب قيادية عسكرية ومدنية وعلى رأسهمأبو ماريا القحطانيحيث وجهت اليهم تهمة التخابر مع التحالف الدولي ضد داعش.

واضح ان هذه التهمة لم تكن جدية ولا مقنعة وان السبب الحقيقي هو التخابر مع الاتراك، بغية الانقلاب على رئيس الهيئةأبو محمد الجولانيأو الضغط عليه، فهذه التهمة لا تسيء كثيراً للمتهمين بنظر بقية عناصر الهيئة اما تهمة التخابر مع التحالف فهي ساحقة ماحقة.

أما لماذا كان الاتراك يريدون تنحية الجولاني أو الضغط عليه فلا نعرف السبب، ولكن ما نعرفه هو ان الجولاني ليس تابعاً للاتراك كلياً كبقية قادة الفصائل في الشمال بل ان لديه مساحة للاستقلالية ولديه اتصالاته وعلاقاته الخارجية الخاصة، وقد يكون في هذه العلاقات ما لا يرضي الاتراك أو ربما طلبت منه تركيا إجراءات تنسجم مع سياساتها تجاه النظام وداعميه كفتح الطريقين M4,M5 وتبادل أراضي، أو غير ذلك فرفض وأحد الأدلة على دور تركيا في هذه الأحداث هو هروب أحد مساعدي الجولاني المتهمين في هذه القضية وهوأبو أحمد زكورالى عزاز وهو الذي ارسلت الهيئة رتلاً عسكرياً واعتقلته ولكن الاتراك أوقفوا الرتل وفكّوا المعتقل ويعتقد انهم نقلوه إلى تركيا.

أيضاً لا نعرف بالضبط ماذا حدث بعد ذلك ولكن ما يتم تداوله ان الامريكان تداولوا مع الاتراك بالامر ونقلوا لهم انهم لا يوافقون على تغيير الحدود القائمة ما لم يتم التوصل الى حل سياسي للمشكلة برمتها وانهم يفضلون عدم اجراء أية تغييرات ونعتقد انه تمت مداولات بين الجولاني والأتراك وتم تدوير الزوايا والتوصل لاتفاق ولكن تركيا طلبت من الهيئة اطلاق سراح المعتقلين.

حين كانت هيئة تحرير الشام تصفي الفصائل المشاغبة بالتعاون مع تركيا كانت تركيا توعز للقادة العسكريين المتعاونين معها من الفصيل المراد استئصاله ان يحيدوا أنفسهم عن المعركة فيبقى الفصيل ضعيفاً ويسهل التغلب عليه وهذا ما فعلته تركيا بالضبط حين أرادت الضغط على الجولاني، اذ حركت القادة المتعاونين معها وكان الجولاني ملماً باللعبة تماماً فبادر لاعتقالهم بالجملة.

بعد اطلاق سراح المعتقلين قامت مظاهرات عارمة ضد الجولاني، تلخصت مطالبها في ثلاث نقاط: 

١اسقاط الجولاني 

٢فتح الجبهات 

٣تبييض السجون .

  • كان مركز ثقل المظاهرات هو المعتقلين مؤخراً وهم الذين أطلق سراحهم بينما كان الطرف الثانيحزب التحريرالمتشدد، الذي جرت حملة اعتقالات لكوادره منذ فترة سابقة. وكان قد اطلق سراحهم أيضاً الآن ، اما الطرف الثالث فكان من بقايا الفصائل التي صفاها الجولاني منذ مدة، أما الطرف الرابع فهو بعض سكان المخيمات الجوعى والذين يأملون بوضع جديد يغير أحوالهم. أما بالعودة لمطالب المتظاهرين فإن تبييض السجون لا يعارضه أحد وأما فتح الجبهات فهو شعبوية زائفة وربما كان لها هدف آخر هو اختلاق معارك لتبرير عملية تبادل ربما كانت مخططة ومبرمجة.  أما اسقاط قيادة الهيئة فهو ليس هدفاً لأي أحد من الأشخاص والكتل الوطنية في المنطقة لان المشكلة في النهج وليس في الاشخاص ولذلك قاطعت واعتزلت هذا الصراع ولم تتضامن مع أي من الضفتين.

الشيء الإيجابي في المظاهرات التي قامت ضد قيادة الهيئة هو سلميتها وهذا ليس من طبيعة معظم الكتل التي شاركت فيها وأظن أنها كانت بطلب تركي كي لا تصل الى مكان لا يمكن الرجوع عنه.

 والآن يبدو أن الاتفاق بين قيادة الهيئة والأتراك قد تم وانجز، فراحت المظاهرات تنحسر وبقيت بالعشرات بدل المئات والألوف السابقة.

وكالعادة حين حصول نزاع بين قوىً من هذا الطراز تظهر مبادرات لتبرر القبول بالحال الذي اتفق عليه خارج كل المبادرات، وعلى هذا الأساس تمت اجتماعات نظمتها الهيئة لبحث المشاكل التي كانت قائمة واقتراح الحلول لها ودعي الى هذه الاجتماعات البعض من الشخصيات الوطنية، حيث طرحت أفكاراَ جريئة وصائبة ولكن الكتلة الأكبر كانت من المبايعين المنتقين بعناية، لذلك ضاعت الأصوات الوطنية في هذا الضجيج والعجيج.

كان من ابرز ما قاله الوطنيونان أي حل في المنطقة لا يتلاقى مع الحل الوطني الشامل هو حل مؤقت ومحكوم بالفشل مستقبلاً وان الاقلاع عن فكرة الكيان السني والقبول بمبدأ المساواة والمواطنة المتكافئة هو الطرق الوحيد لملاقاة حل وطني شامل والمشاركة فيه“.

وتستمر الآن الاجتماعات تحت عنوان اجراء إصلاحات ولكن معظم المشاركين في هذه الاجتماعات هم من منتفعي السلطة أو أنصارها الذين يستحيل أن يوافقوا على أي تغيير حقيقي مقترح، ما قد يؤثر على الوضع القائم الذي اعتادوا التكسب منه، وعليه فهي اجتماعات دعائية لا أكثر ولا أقل.

مواطن من إدلب

18-3-2024

Loading

الكاتب wassim hassan

wassim hassan

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة