المعابر الحدودية.. ورقة ابتزاز ضـحـايـاهـا السوريون- حياة الملايين في الشمال على المحك كل ستة أشهر

أخبار 0 admin

نقلا عن موقع المرصد السوري لحقوق الإنسان
برغم التهليل الدولي والإقليمي لتمديد فتح معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، وهو الشريان الوحيد  المتبقي للسوريين في الشمال، إلّا أن التمديد بـ 6 أشهر إضافية فقط لا التمديد الدائم بات أمرا مقلقا ومحرجا لسكان تلك المناطق الذين يعيشون تحت وطأة  الفيتو الروسي والصيني والمخاوف من قطع ذلك الشريان الذي يؤمّن لهم الحياة ولو بدرجة ضئيلة.

ويخشى السوريون من أن يأخذ مسار التطبيع بين النظام التركي والسوري منحىً تصاعدياً ، وأن يؤثر على المعابر وملف المساعدات بتحويلها  إلى النظام للسيطرة عليها والتحكم فيها ما قد يتسبّب في أزمة إنسانية خاصة في مناطق سيطرة المعارضة والمنطقة الشمالية التي تتزود من معبر باب الهوى بالمساعدات الإغاثية.

ويرى محسن حزام، عضو المكتب السياسي في حزب الاتحاد الاشتراكي، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، أنّ مسألة المعابر مسألة هامة وحيوية بالنسبة لكافة الأطراف المتدخلة في الحالة السورية وفي مقدمتها النظام السوري الذي يستغل هذه المعابر للتخفيف من أزمته الاقتصادية الخانقة التي تنذر بإفلاس الدولة إذا استمر الوضع بالانهيار غير المسبوق لليرة السورية وانعكاساتها على كافة شرائح المجتمع نتيجة التضخم في أسعار المواد الغذائية والطبية  بحيث لم يعد بإمكان المواطن تغطية أبسط احتياجاته منها. 

وأوضح حزام أنّه في المعارك العسكرية والدبلوماسية التي يخوضها النظام والروس من أجل المعابر استطاع الروس إغلاق ثلاث معابر حيوية تربط العراق والأردن وكان آخرها معبر باب السلامة.

واعتبر  أنّ معبر باب الهوى على الحدود التركية له أهمية استراتيجية كونه المعبر الحيوي الهام الذي يربط الطريق البري الوحيد اليوم من العراق شمالا عبر سورية إلى دول الخليج وأوروبا لنقل البضائع ويعتبر الشريان الحيوي لملايين السوريين حتى أصبح مؤخرا هو الوحيد الذي يتم عبره إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب السوري وخاصة للنازحين في المخيمات،  وإيقافه أو التحكم به من قبل النظام سيحرم على الأقل ثلاثة ملايين سوري من هذه المساعدات التي تتم عن طريق الأمم المتحدة والجمعيات الإنسانية وحتى التبرعات من بعض دول الخليج .

وقال السياسي السوري : إنّ الفيتو الذي يتخذه الجانب الروسي على الدوام في مجلس الأمن في تسييس مسألة معبر باب الهوى وإدخال المساعدات، ومنعه تجديد القرار، سببه المباشر الاستمرار في دعم النظام السوري ومحاولة إنقاذه من الكارثة الاقتصادية الخانقة على مستوى الأمن الغذائي والمواد البترولية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى استلام المعبر لأن له عائدات ضخمة من رسوم التمرير، إلى جانب محاولة  الروس منع هذه المساعدات عن المناطق المسيطر عليها من قبل الجيش الحر والفصائل ( الإرهابية) ،إلا أن هذا الأمر لن يتحقق في المدى المنظور إلا إذا تمت مساعي التطبيع بين النظام السوري والجانب التركي برعاية روسية ومشاركة إماراتية، عندها تحضر الشروط التركية بخصوص معبر باب الهوى وباقي المسائل الأخرى. تبقى مسألة أن الأمم المتحدة لازالت تصر على تجديد إرسال المساعدات من معبر باب الهوى وبإشراف تركي لأنها خبرت النظام وأساليبه في سرقة معظم المساعدات وبيعها في السوق المحلي بوسائله الخاصة ، وإعطاء القليل منها لمن له الحظ أو تم إدراج اسمه من المستفيدين عبر جمعيات سورية بالتعاون مع برنامج الغذاء العالمي التابع  للأمم المتحدة.

من جانبه، أفاد العميد أحمد رحال،  في حديث مع المرصد السوري،  بأنّه من الطبيعي أن تستغلّ روسيا ملف المساعدات الإنسانية والمعابر الحدودية التي تعتبر شريان تلك المناطق في سورية لإمداد السكان بأبسط مقومات الحياة ، لافتا إلى أنّ إدخال المساعدات الاغاثية عبر معبر باب الهوى من شأنه أن يفقد النظام السوري الكثير من المواد التي  تعوّدت الشبيحة الاستيلاء عليها وبيعها بالسوق السوداء بأسعار مضاعفة وخيالية خاصة مع تقهقر الليرة السورية مقاربة بالدولار.

وتطرّق  إلى رغبة النظام السوري في السيطرة على مختلف المعابر حتى يوهم العالم بشرعيته وبالتالي من الطبيعي أن تسعى روسيا بكل جهودها وإمكانياتها  إلى عرقلة ملف المساعدات والتحكم في المعابر  عبر فيتو تعطي عبره الحياة لملايين البشر  مدة ستة أشهر، أي استمرار لمهمة الضغط على المجتمع الدولي لتقديم المعابر للنظام والتحكم في  توزيع المساعدات.

 وحمّل محدثنا المسؤولية للجانب الأمريكي الذي وافق على أن يكون التمديد محدّدا وليس دائما، وقال: من المحيّر أن نضع حياة الملايين على المحك كل ستة أشهر بحيث نصوت إما أن نعطيهم الحياة أو نحرمهم لأسباب سياسية.. والآن يترددّ أن النظام والروس أجبرا الأمريكان على تقديم النفط من شرق الفرات مقابل  السماح بتمديد فتح معبر باب الهوى.

بدوره، قال القيادي  بتيار “مواطنة” عصام دمشقي، في حديث مع المرصد السوري، إن طريقة تعامل روسيا مع موضوع إيصال المساعدات تنسجم مع نمط السياسة الروسية في الحرب وفي السلم، وفي حين يفترض أن تكون المرجعية الإنسانية هي الحكم في مثل هذه الأمور إلا أن النظام البوتيني مرجعيته الحاكمة هي مصالحه السياسية هو وحلفاؤه، وهو في حربه على السوريين ودعمه لنظام الأسد قد اعتمد سياسات الإبادة الجماعية والأرض المحروقة لجعل المناطق التي كانت خارجة عن سيطرة النظام الأسدي غير قابلة للحياة، وهو الآن يفعل الشيء نفسه في أوكرانيا، هكذا يمكن أن نفهم الموقف الروسي من هذه القضية، فبعد أن كان قرار الأمم المتحدة عام 2014 ينص على تقديم المساعدات من خلال أربعة معابر أصبح، منذ تموز 2020 مقتصرا على تقديمها من خلال معبر وحيد هو باب الهوى، بسبب استخدام أو التلويح باستخدام الفتيو من قبل روسيا والصين أيضاً، وفي هذه المرة أيضاً ستكون مدة تنفيذ القرار ستة أشهر ليتم بعدها النقاش والابتزاز من جديد.

وتابع: ما يريده الروس هو الاستفادة من المساعدات الأممية لإغاثة النظام الأسدي، الذي يعيش في ضائقة مطبقة، وذلك بالمطالبة بتفويض النظام بتوزيع المساعدات الأممية وهو الأمر الذي يعني سرقة المساعدات والتحكم بها سياسياً وتوزيعها بطريقة غير عادلة، أيضاً يحاول الروس دعم النظام من خلال الابتزاز لتمويل مشاريع التعافي المبكر المدعومة من الدول الغربية”.

وأردف قائلا: هذه المرة جرى التصويت بالإجماع في مجلس الأمن وبسلاسة قل نظيرها وقد يعود ذلك  إلى عدة أسباب منها مشروع التقارب التركي السوري الذي رعته موسكو، ومنها تغير الطرفين الحاملين للملف الإنساني السوري الذين أصبحا البرازيل وسويسرا ” غير المنحازين” من وجهة نظر موسكو بدلاً من النرويج وإيرلندا “المنحازتين”، والموقف الروسي في هذه الحالة يرتبط بالاستقطاب العالمي الجديد الحاصل بسبب الحرب في أوكرانيا.

أخيراً فإن تعطيل أو منع إدخال المساعدات الإنسانية الضرورية التي تصل إلى أكثر من أربعة ملايين شخص في شمال غرب سورية يعني دفع الدول الغربية إلى التفكير بخيارات أخرى سياسية أو عسكرية قد تغير في استقرار اللوحة أو الأوضاع القائمة، وهذا ما لا يفضله الروس، على الأقل حالياً، بسبب عدم وجود إمكانية حقيقة لتطوير دورهم في سورية بسبب ورطتهم في أوكرانيا”.

وختم بالقول: “لن تكون هناك إمكانية لقرارات عادلة ونزيهة من مجلس الأمن، تراعي الأوضاع الإنسانية بحق،  ما لم يتم تغيير النظام الأساسي لمجلس الأمن وخاصة ما يتعلق بحق الفيتو، الذي كان تعبيراً عن وضع عسكري وسياسي انتهى منذ حوالي سبعين عاماً”.

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة