جوانب غير معلنة في القرار الأوروبي تتناول تورّط الحزب في سوريا والداخل ـ روزانا بومنصف
يشكل ادراج اوروبا الجناح العسكري لـ”حزب الله” على لائحة الارهاب ضربة معنوية قاسية في رمزيتها وابعادها بغض النظر عن تطبيقاتها وما يمكن ان تتناوله ومدى تأثر الحزب او نشاطه بهذا الاجراء. فثمة اختلافات في تقدير الخطوة وتقويمها في الاوساط السياسية واحيانا بناء على اتصالات او تطمينات من الدول الاوروبية نفسها. اذ يميل البعض الى التقليل من اهمية هذه الخطوة انسجاما مع عدم تأثر الحزب بادراجه من الولايات المتحدة منذ سنوات على لائحة التنظيمات الارهابية وليس فقط جناحه العسكري فضلا عن صعوبة تطبيق الاجراءات الاوروبية باقرار الاوروبيين انفسهم من جهة وحرصهم على تأكيد استمرار التواصل مع الحزب كجزء او فريق من الافرقاء السياسيين الفاعلين على الساحة اللبنانية. الا ان الفارق في رأي مراقبين سياسيين ان الهامش بدأ يضيق اكثر امام الحزب مع انضمام الدول الاوروبية جزئيا الى الموقف الاميركي وكذلك الى الموقف الذي اعتمدته دول التعاون الخليجي من الحزب ومؤيديه او عناصره في ما يطاول سمعته من جهة كما مع احتمال تعريض مؤيدين له في اوروبا الى مراقبة اشد وربما الى ملاحقة ايضا. وفي حين ان الحزب كان يفاخر بوضعه من الولايات المتحدة على لائحة الارهاب استنادا الى عدائه المعلن معها، فان الوضع لا ينسحب على الدول الاوروبية بحيث ان الاجراءات التي اعتمدتها الدول الخليجية مثلا اربكته لدى جمهوره لا سيما ممن استبعد من دول الخليج كما لدى حلفائه كالتيار الوطني الحر ومناصريه. فان يقول وزير خارجية هولندا مثلا “انه من الجيد تسمية “حزب الله” بما هو عليه فعلا… منظمة ارهابية” ينال كثيرا من الحزب ويجعل صعبا اكثر فاكثر اقناع الخارج بمنطق “المقاومة” التي يقول بها الحزب خصوصا مع افتقاده الدعم الداخلي الكامل في هذا الاطار في ظل متغيرات محلية فاقليمية كبيرة، الامر الذي يخشى البعض ان يساهم في عزله اكثر.
وثمة جانب اخر مضمر في موقف الاتحاد الاوروبي مفتوح على تساؤلات واحتمالات وفق هؤلاء المراقبين. اذ لم يوضح قرار الاتحاد اعتبار الجناح العسكري لـ”حزب الله” ارهابيا ما اذا كانت المشاركة العسكرية للحزب في الحرب الى جانب النظام السوري ينسحب عليها طابع او صفة “تنظيم ارهابي” نظرا الى ان الجناح العسكري للحزب هو الذي يحارب في سوريا وليس الجناح السياسي. وتاليا فان السؤال يتناول اذا كانت ستتم المساواة بين هذه المشاركة من جانب الجناح العسكري للحزب وتلك التي تعود لتنظيمات اصولية في الحرب السورية ايضا كجبهة النصرة او تنظيم القاعدة اللذين يحددهما الغرب بالطابع الارهابي. كما لم يوضح قرار الاتحاد الاوروبي اذا كانت اي مواجهة عسكرية محتملة بين الحزب واسرائيل لسبب ما ستساهم في اشاعة الانطباع ان الجناح العسكري للحزب الذي هو “تنظيم ارهابي” يهاجم اسرائيل مع لهذا الموقف من مفاعيل. وهل لجوء الحزب الى جناحه العسكري في الداخل ضد خصومه كما حصل في 7 ايار 2008 تنسحب عليه هذه الصفة؟ وهل من ضمان ان من يدعم هذا الجناح العسكري اكان الجناح السياسي للحزب او ايران في الدائرة الاوسع لن يكون في دائرة من يدعم تنظيما ارهابيا ويرعاه؟
فهذه اوجه من القرار الاوروبي لم يتم التطرق اليها علما انها استنتاج للاجراء الذي اتخذته دول الاتحاد لا يمكن تجاهله في رأي المراقبين نظرا الى انه من انعكاسات التوصيف الذي اعطي للجناح العسكري للحزب. فقد اقتصرت ترجمة مضمون القرار على انه يعني تجميد اموال اشخاص في الجناح العسكري للحزب ومنعهم من الحصول على تأشيرات دخول الى اوروبا على رغم اقرار ديبلوماسيين اوروبيين بغموض في القدرة على تنفيذ هذه الاجراءات ومن تشمل وكيف يمكن التمييز بين المسؤول العسكري او المسؤول السياسي ما خلا من هم اعضاء في البرلمان اللبناني او الحكومات اللبنانية. لكن يخشى ان تكون المسألة اكثر من ذلك في ابعادها المتعددة. اذ يعزز هذه التساؤلات ان اشارات خجولة صدرت عن بعض وزراء خارجية الدول الاوروبية اضافت الى اسباب ادراج الجناح العسكري للحزب على لائحة الارهاب اي التفجير في بورغاس وتوقيف متهم ينتمي الى الحزب في قبرص بتهمة التحضير لاعتداءات ارهابية، مشاركته الى جانب النظام في الحرب السورية. الامر الذي يفترض ان يؤدي الى الخلاصة الآنفة الذكر في هذا الاطار، اي فرضية اعتباره تنظيما ارهابيا شأنه شأن القاعدة وسواه من التنظيمات. ومع ان بعض الدول الاوروبية او غالبيتها سعت الى موازاة هذا الموقف بالاصرار على استمرار التواصل مع كل الاحزاب في لبنان في اشارة الى عدم رغبتها في قطع التواصل مع الحزب، فان بعض المراقبين يعتبرون ان الاجراء الاوروبي يفتح الباب امام هذه الاحتمالات، سيما ان اسرائيل سارعت وعلى لسان كبار مسؤوليها الى توظيف اقرار الاجراء الاوروبي واعتباره بمثابة انتصار للديبلوماسية الاسرائيلية التي نجحت في اقناع الاوروبيين باعتماد هذه الخطوة. وذلك علما ان المكسب هو نسبيا اكثر للولايات المتحدة التي تضغط على اوروبا منذ سنوات ايضا في اتجاه ادراج الحزب ككل على لائحة التنظيمات الارهابية وليس فقط جناحه العسكري.
23/7/2013 – النهار