واشنطن تمدّدُ عمر الأسد؟! ـ منى فرح

مقالات 0 admin

لم يعد الوضع السوري أزمةً معقدةً فقط، إنها تزداد تشعباً كلما مرّ عليها زمنٌ.

لقد أصبح مشهداً سوريالياً، فوق واقعي، لا أثر فيه لريشة دالي، يزدحم بأحاجي الجثث والدم، وبطلاسم التدمير والإبادة، وبرعب فوضى الحرب الأهلية المفتوحة، وشبح التفتيت والتلاشي في كيانات فئوية مذهبية الطابع والتكوين.

وكما المشهد، كذلك الأسئلة صارت مشوشة أكثر.. أما الاحتمالات والحلول، فيكتنفها غموضٌ أكبر.

وعودٌ على ورق

ليس الوضع السوري وحده يصنع هذه المتاهة، إنما المتسببُ الأكبرُ فيها هو الموقفُ الأميركي أولاً، وبالتبعية البريطاني ثم الفرنسي.

الإدارة الأميركية صارت تتكلم بلغة خشبية، أو غير مفهومة عن الأزمة السورية.

أولاً، وعدت المعارضة بأسلحة تعيد التوازن الذي اختل مع قوات الرئيس بشار الأسد وحلفائه الإيرانيين وحزبي الله في لبنان والعراق. لكن سرعان ما تبخر الوعد في دهاليز الكونغرس الذي جمّد خطط تسليح الثوار.

تلاه التوقعات المحبطة التي أطلقها مسؤولون أميركيون كبار، بداية من مسؤولي الاستخبارات الأميركية الذين توقعوا أن يستمر الصراع في سوريا «عدة سنوات»، وأن المتشددين يزدادون نفوذاً، وأن المعارضة السورية تعاني مزيدا من التفتت حتى صارت 1200 جماعة، وهو رقم ليس كبيراً فقط، بل مرعبٌ، أطلقه مسؤول كبير في البنتاغون.

نغمة غامضة

أما قمة السوريالية، فهي الخطة التي أعلن عنها رئيس الأركان الجنرال مارتن ديمبسي، بقوله إن الإدارة الأميركية تفكر في شن هجمات ضد النظام السوري.

أما المضحك، بل المبكي في الخطة العسكرية الأميركية، فهو التلاعب المتعمد في تقديمها، والغموض الشديد المحيط بها.

لقد استخدم ديمبسي مصطلح Kinetic Military action (الضربة الحركية)، مما جعل المراقبين والمتابعين يعودون إلى الموسوعات العسكرية، والويكيبيديا تلمساً لمعنى مفهوم للمصطلح، وكيف سيُنفذ على الأرض، وكيف ستُخاض العمليات وفق هذا المبدأ، وماذا ستكون…

ويكيبيديا الانترنت تقول إنه «تعبير لطيفٌ عن هجمات عسكرية حركية تشمل استخدام القوة الفتّاكة أو القاتلة والمميتة»، بينما شرحته وكالة الاسوشيتدبرس الأميركية، بأنه استخدام الهجمات والغارات الصاروخية.

لكن ديمبسي استرسل في تقويم الموقف، وربما كان هذا هو الأهم في شهاداته. فـ«الرياح تهب في أشرعة الأسد»، و«الأسد الآن أقوى مما كان»، و«الفائز حالياً هو الأسد، وإن بفارق ضئيل».

المسؤولون البريطانيون كرّروا النغمة ذاتها، «الصراع في سوريا مستمر سنوات»، ثم تفرغ وزير الخارجية وليم هيغ لاختيار النبيذ الفاخر وقدمه، على متابعة الأزمة السورية، حتى أعلن ديفيد كاميرون رئيس الوزراء أن الأزمة السورية «في طريق مسدود».

ووفق المعلومات المتوافرة، فان الأميركيين أبلغوا المعارضة السورية أن الأسد «باق عامين إضافيين على الأقل».

ماذا تريد واشنطن؟

هذا السيلُ من التصريحات لم يوضح الوضع، بل زاده غموضاً، وأسئلة محتارة:

● إلى أي مدى تريد واشنطن الانخراط في الصراع السوري؟

● هل تُناور واشنطن، وتريد إلهاء الأسد وحلفائه، لتوجيه ضربة مفاجئة له؟

● هل بدأت تأخذ في الاعتبار موقف روسيا المتشدد، ومعها الصين، ولا تريد مواجهة من أي نوع معهما. وراحت تبحث عن تسوية مشتركة؟

● لماذا تبقي واشنطن، والدول الغربية المساعدات الموعودة للمعارضة حبراً على ورق؟

● هل الاعتراف بتنامي قوة الأسد رسالة إليه كي يرفض أية تسوية سياسية كانت تطالبه بها قبل أشهر؟

● هل تريد أن تُبقي سوريا ساحة حرب أهلية مفتوحة، لأمد طويل بدون أفق لحلول؟

احتمالات جميعها واردة، والأخيرة أخطرها، على سوريا وغيرها، وهو ما سيكون موضوع المقال المقبل.

 23/7/2013 -القبس الكويتية

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة