أعطوا الشعب السوري أملا! ـ منى فرح

مقالات 0 admin

ثورات كثيرة حول العالم اتخذت بعداً أممياً بمشاركة مقاتلين من بلدان كثيرة.

من أسبانيا في أوروبا ضد الدكتاتور فرانكو، الى كوبا في أميركا اللاتينية ضد الدكتاتور باتيستا، حتى الثورة الفلسطينية، ضد الاحتلال الإسرائيلي ومن أجل قضية عادلة.

الأجانب الذين آمنوا بمبادئ تلك الثورات وعدالتها، فانضموا إليها، وناضلوا في صفوفها، وقُتل منهم كثيرون، انخرطوا في إطار القوى المحلية القائدة للثورة، وقاتلوا تحت رايتها، والتزموا بأهدافها، وكانوا جزءاً من استراتيجيتها وتكتيكها.

ولم يشكّل أي من الأجانب في الثورات التي نعرف، حالةً خاصة، أو مجموعات منعزلة، ومنفصلة عن المجرى العام، لها خصوصياتها، وأهدافها المختلفة عن الهدف الرئيسي الذي يقاتل الجميع في سبيله. فكانوا عوناً حقيقياً للثورة التي ساهموا فيها، وسنداً للشعوب التي ناضلوا معها.

لكن، على عكس ما كان حال المساهمات الأممية هناك، سنداً للشعوب التي ناضلوا إلى جانبها، فعززوا بُعد الثورة الإنساني، وطابعها التقدمي والتحرري، فإن مشاركة عرب ومسلمين، أفغان، وأتراك، وطاجيك، وأوزبك، ولبنانيين، وعراقيين، وإيرانيين، وخليجيين، وفرنسيين، وألمان، وبريطانيين، وأسبان، وجنسيات كثيرة أخرى تكاد لا تُحصى، أصبحت عبئاً على السوريين، وعلى انتفاضتهم، وعقبات تسبب كثيراً من الكبوات لثورتهم.

الإيرانيون وحزب الله اللبناني والعراقي يقاتلون إلى جانب الرئيس الأسد. وفي موقع معادٍ لأماني أكثرية الشعب السوري.

كذلك الجماعات والتنظيمات والمقاتلون من بقاع الأرض، في الموقع المعادي للشعب السوري، وإن في الجهة المقابلة للفئة الأولى.

فهؤلاء يرفضون الانخراط في القوة الرئيسية التي تُمثل رأس حربة النضال ضد نظام الأسد وقواته، ومن أجل سوريا متحررة من الطغيان، والاستبداد، والحرمان- أي الجيش السوري الحر-، ويمانعون في أن يكونوا جزءاً منه. إنما يُصرون على أن يكونوا «طالبان» و«القاعدة»، و«النصرة»، وبقية المجموعات المتطرفة التي تقاتل من أجل أهداف فئوية، وأحيانا كثيرة في سبيل مغانم مادية، وسبايا وبيع نفط ومصانع، وزيجات ما أنزل الله بها من سلطان. وهم لا يتورعون عن استخدام السلاح ضد بعضهم، وضد القوى الرئيسية للثورة السورية، وقتل قادتها، بعد أن تحول كثيرون منهم إلى أمراء حرب، وأصحاب حريم، وقُطّاع طرق، يعيثون في القرى والبلدات وأحياء المدن السورية فساداً وخراباً.

الشعب السوري يريد سوريا جديدة، ونظاماً مدنياً ديموقراطياً يصون حقوق جميع الفئات والأطياف، والأديان، والطوائف، والمذاهب. بينما تريد «طالبان»، و«القاعدة» و«النصرة» نظاماً من خارج العصر، يعيد سوريا مئات السنين الى الوراء، ويسعون إلى إحلال استبداد وطغيان باسم الدين والشريعة، بدل استبداد البعث باسم الوحدة والحرية والاشتراكية.

هؤلاء لا يقدمون للشعب السوري النموذج والمثال، ولا يعطونه أملاً، بل يمثلون نموذجاً واضحاً لما ينفر منه الشعب السوري، ويقاتل لتغييره.

بعد أكثر من عامين على الثورة السورية، وما يفوق المائة ألف قتيل، يشعر السوريون بالقهر، بعد أن أصبحت مشاركة الخارج عبئاً عليهم، تخيفهم من الآتي، وتُرعبهم من المستقبل الذي ينتظر بلدهم. وتصب الماء في المجرى الذي يخدم الأسد ونظامه. بينما المطلوب أن يكون هناك أمل للسوريين نحو غد أفضل وأجمل. وهذا لا يكون إلا بخروج الأجانب من سوريا، أو بإخراجهم مِن قبل مَنْ أرسلهم ويُغذيهم.

الشعب السوري لا يحتاج إلى دعم بالمقاتلين والرجال، إنه بحاجة إلى دعم سياسي، وإنساني، وتسليحي، وأن يُترك ليقرر مصيره بنفسه.

  27/7/2013- القبس

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة