اتفاق أميركي – روسي على مصير الأسد وخلاف على حكومة انتقالية تقرر مصير سوريا اميل خوري
يلاحظ مراقبون ان الدور الذي تضطلع به ايران في سوريا وفي لبنان قد يكون أشبه بالدور الذي كانت تلعبه سوريا زمن الرئيس الراحل حافظ الأسد وبعده نجله بشار في لبنان وحيال المنظمات الفلسطينية.
لقد كان للنظام السوري دور مزدوج في الحرب اللبنانية، فتارة يساند طرفاً وتارة أخرى يساند طرفاً آخر تحقيقاً للتوازن العسكري على الأرض ومنع انتصار طرف على آخر لئلا يتعذر ايجاد حل سياسي لا يكون فيه غالب ومغلوب.
وظلت سوريا تمارس هذا الدور الى أن توصلت الاتصالات والمحادثات التي كانت تجرى تحت الطاولة بين الولايات المتحدة الاميركية والحكم في سوريا الى اتفاق على وقف الاقتتال في لبنان. وهو الاتفاق الذي قضى بارسال “قوة ردع عربية” الى لبنان تحولت في ما بعد قوة عسكرية سورية صرفة تولت وقف الاقتتال في لبنان وإخراج المسلحين الفلسطينيين منه وعلى رأسهم ياسر عرفات الى تونس بغطاء عربي صنع في قمة الرياض ثم في مؤتمر الطائف الذي وضع للبنان دستوراً جديداً تتولى سوريا كدولة وصية عليه تنفيذه تنفيذاً دقيقاً كاملاً في مهلة سنتين. لكن تبين ان هذه المهلة لم تكن كافية للتنفيذ الكامل بسبب خلاف القيادات في لبنان على بعض بنود اتفاق الطائف مثل: اللامركزية الادارية والغاء الطائفية واستحداث مجلس شيوخ، الأمر الذي أمدّ بعمر الوصاية السورية على لبنان فدامت 30 عاماً ولكن من دون التوصل الى حسم الخلافات حول هذه البنود ربما بقبول سوري ضمني كي يكون ذلك حجة لاستمرار الوصاية الى أجل غير معروف، وهي بنود لا تزال من دون تنفيذ حتى الآن وقد تبقى كذلك لأنها إذا لم تنفذ تحت تأثير الوصاية السورية فهل يمكن تنفيذها بعد زوال الوصاية؟
وإذا كانت سوريا قبضت ثمن تنفيذ ما طُلب منها تنفيذه في لبنان وصاية عليه دامت 30 عاماً تخللتها ضغوط سياسية وعسكرية تارة على هذا الطرف المقاتل وتارة أخرى على ذاك الطرف لجعله يسلّم بالحل الذي أقر مؤتمر الطائف تفاصيله، وهو اتفاق ما كان ليقبل به الطرف المسيحي خصوصاً لو لم تجعله الولايات المتحدة الأميركية يشعر بخطر الهزيمة العسكرية وتخييره بين مواجهة هذه الهزيمة أو القبول بدخول قوات سورية الى لبنان تنقذه منها.
والسؤال المطروح: ما هو الثمن السياسي الذي تسعى ايران الى قبضه كي تساهم في وقف الاقتتال في سوريا وحل مشكلة سلاح “حزب الله” في لبنان؟ هذا هو السؤال الذي لا جواب عنه حتى الآن ربما في انتظار أن تعاود المحادثات حول ملف السلاح النووي ورصد نتائج الزيارة المحتملة للرئيس الايراني الجديد حسن روحاني للمملكة العربية السعودية إذا ما حصلت.
تقول مصادر ديبلوماسية إن الوضع المتفجر في المنطقة يضع المعنيين به ولا سيما دول القرار بين خيارين: إما تعريض المنطقة لـ”البلقنة” باشعال حرب شاملة فيها لا تنتهي إلا بجلوس الكبار الى الطاولة للاتفاق على تقسيمها وتقاسمها، وإما تجنب هذه الحرب المدمرة بالاتفاق على حل سياسي للازمة السورية يتم تحت الضغط العسكري والسياسي على كل الاطراف. وهذا الحل قد لا يتم التوصل اليه بحسب المصادر نفسها إلا في مطلع السنة المقبلة إذ يكون الرئيس الأسد قد اقترب من نهاية ولايته ولا يعود وجوده في السلطة يجعل القوى المعارضة تشترط تخليه عنها لمباشرة البحث في الحل، خصوصاً ان الولايات المتحدة الاميركية وروسيا باتتا شبه متفقتين على ذلك لأن الحل العسكري لن يخرج الرئيس الاسد من السلطة، كما تريد قوى المعارضة السورية، ولا يبقيه بالتالي فيها بعد انتهاء ولايته كما تريد الموالاة. ومن الآن الى حين اقتراب الرئيس الاسد من نهاية ولايته يكون المتحاربون قد تعبوا من حرب الكر والفر وباتوا مستعدين للقبول بتشكيل حكومة انتقالية لديها كل الصلاحيات لتحكم ووضع دستور جديد وقانون تجرى الانتخابات النيابية على أساسه، وهذا المجلس الجديد المنبثق منها ينتخب رئيساً للجمهورية ويشكل حكومة من داخله او من خارجه اذا لزم الأمر. إلا أن لا شيء يدل حتى الآن على ان المتحاربين في سوريا باتوا مقتنعين بهذا الحل لأنهم لا يزالون يراهنون على انتصار طرف منهم على الآخر مهما طال الوقت وارتفع عدد القتلى والجرحى واللاجئين السوريين الى دول اخرى ومعهم المعاناة القاسية.
وتعتقد المصادر إياها ان نجاح التوصل الى تنفيذ حل سياسي للازمة السورية يحتاج الى ايران كما احتاج حل الأزمة اللبنانية في الماضي الى سوريا. ولكي يكون لايران دور في هذا الحل فانها تريد أن يكون لها حصة فيه، فما هي هذه الحصة، وما هو حجمها وهل تكون مقبولة من الولايات المتحدة الاميركية ومن الدول الصديقة لها في المنطقة؟
13/8/2013- النهار