ألغاز القاعدة – محمد سليم 22-9-2013

مقالات 0 admin

نقلا عن العدد 55 من جريدة حرية:
ألغاز القاعدة
محمد سليم
بالهجوم على اعزاز تكون (دولة العراق والشام الإسلامية) قد أفصحت تماماً عن أجندتها، التي لا يبدو أن إسقاط النظام بين أولوياتها. الهجوم لم يكن مفاجئاً ولم يأت في سياق خطة طارئة، فمنذ اليوم الأول لتواجدها على الأرض السورية أعلنت (الدولة) عداءها الصريح للجيش الحر “العلماني والعميل للغرب”، فقامت باغتيال عدد من قادته البارزين، وتوعدت الباقين بالمصير ذاته.
وسبق لقيادي في الجيش الحر أن تحدث، منذ أكثر من شهرين، عن معلومات موثوقة تؤكد وجود مشروع لـ (القاعدة)، ممثلة بـ (دولة العراق والشام الإسلامية)، لإنشاء دولة في الشمال السوري عبر السيطرة على كل المنافذ الحدودية مع تركيا من الشرق والشمال، والقضاء على الجيش السوري الحر في المنطقة..
وكانت (الدولة) قد دشنت حربها الخاصة عندما قام مقاتلوها بالهجوم على المناطق الكردية في (تل أبيض) التابعة لمحافظة الرقة، وذلك بعد أن خيروا الأهالي، عبر مكبرات الجوامع، بين أمرين: مبايعة أمير الدولة (أبو مصعب) أو الرحيل عن المنطقة.
(الدولة)، وخلافاً لباقي التنظيمات الإسلامية، أسرعت في تطبيق نهجها المتشدد على مناطق سيطرتها، فخطفت مدنيين ورجال دين، وأعدمت أبرياء على الشبهة، وجلدت طلاباً جامعيين بذريعة انحلالهم الأخلاقي بعد أن “ثبت اختلاطهم بالطالبات”!
من هو العدو الفعلي لهذا التنظيم؟ ما هو هدفه النهائي؟ أين يتموضع في خريطة الثورة السورية؟ لماذا يكتفي بحروب جانبية ما دام يعلن أنه جاء لينصر السوريين ضد النظام؟ لماذا يبدأ بحلفائه المحتملين ويترك (عدوه) المعلن دون ضرر أو ضرار؟
لا نملك عن هذه الأسئلة، وغيرها، أجوبة مقنعة، ليبقى الغموض محيطاً بهذا التنظيم من حيث سلوكه وتوجهاته وارتباطاته، الشيء الذي يذكر بمسيرة جهاد السلف (دولة العراق الإسلامية) في بلاد الرافدين. فرغم أن “محاربة كل من الاحتلال الأمريكي والنفوذ الإيراني” كانت هي الأولوية المعلنة، إلا أن (دولة العراق الإسلامية) سارت في سياق مختلف، إذ قامت بسلسلة تفجيرات أوقعت الكثير من الضحايا السنة في بيئات يفترض أنها معادية أيضاً للنفوذ الإيراني، كما أنها استهدفت المسيحيين العراقيين بعمليات عديدة أبرزها تفجير كنيسة ببغداد، وهو ما عرف بمجزرة سيدة النجاة..
يومئذ راجت نظرية تقول بوجود علاقة خفية بين (دولة العراق الإسلامية) وبين أجهزة الاستخبارات الإيرانية، وأن الدولة أنشئت لتنفذ أجندة الجمهورية الإسلامية في العراق.. واليوم تعود الشبهة لتحوم حول (الخَلف) مستندة إلى ملاحظات عديدة:
فما معنى أن تصر (الدولة) على الوجود في مناطق نفوذ الجيش الحر؟ لماذا تسعى إلى قضم أوسع مساحة ممكنة من أراضيه؟ لماذا جعلت قادته الدريئة الأولى لنيرانها؟ لماذا تشعل نيران الفتن الإثنية والدينية؟.. ولماذا تجنبت التعاون التكتيكي مع باقي فصائل المعارضة المسلحة ولا سيما المنضوية تحت لواء الجيش الحر؟
يكفي أن تكون (الدولة) فرعاً من (القاعدة) لنقف أمام أجندة خاصة لا تعترف بأهداف الشعب السوري وآماله وطموحاته، وكذلك لنقف أمام أسئلة محيرة، فالتنظيم الذي صنع الألغاز في أفغانستان والعراق، لن يأتي إلى هنا ليحل ألغازه دفعة واحدة.

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة