كلمة الموقع :الخروج من عنق الزجاجة 25-4-2014
الثورة السورية حدث يجب قراءته كتاريخ وليس كمجموعة وقائع ،وهذه القراءة هي الكفيلة بفهم احتمالاتها وتحولاتها و مآلاتها ، فهي قد انفجرت عفوياً بتأثير شرارة الربيع العربي لكنها ،سورياً ،كانت تعني ووصول علاقة الشعب- النظام (الدولة ) إلى استعصاء تاريخي غير قابل للحل وبهذا المعنى لا توجد نهاية حقيقية لهذه الثورة قبل إيجاد مخرج تاريخي .أحد الاحتمالات المتوقعة –على الأقل نظرياً- كمخرج هو التقسيم لكنه مخرج غير ممكن واقعياً فلا التقسيم على أساس طائفي ممكن داخلياً ولا هو مقبول اقليمياً ولا دولياً والنظام الذي يقوم بممارسات هي حقيقة تخدم تشكيل بعض ملامح هذا المشروع لا يتخلى عن العاصمة دمشق ضمن مشروعه مما يعني عدم التقسيم على أساس طائفي ،وهذا يعني إشكالية حقيقية في علاقة بقية أجزاء الوطن ويعني بنفس الوقت تعطيلاً لمثل هذا المشروع . من ناحية أخرى لا تشكل مشاريع الدولة الإسلامية بديلاً قابلاً للحياة باعتبارها وجه العملة الآخر الذي تراهن الطغمة الحاكمة على دوره وتأثيره في إفساد وتشويه صورة الثورة السورية وهذا البديل أيضاً ،على عكس ما يتوقع الكثيرون، مرفوض داخليا أكثر من رفضه الإقليمي والدولي ،مرفوض من قبل المجتمع السوري ليس بسبب التركيبة الفسيفسائية فحسب بل بسبب عدم تساوقه مع المستوى التاريخي والاجتماعي لهذا المجتمع .وهنا نراقب مفارقة واضحة: النظام الذي يدعي العلمانية وحماية الأقليات لا يواجه داعش ،الطرف المناقض للمشروع الوطني السوري ،في حين تقوم مكونات عسكرية واجتماعية شعبية وبعضها ذات طبيعة إسلامية شمولية بمواجهة هذا المشروع .
وبعد فشل احتمال الحل السياسي بسبب عدم وجود توازن عسكري أو بالأحرى ميل ميزان القوى العسكري لصالح النظام، وعدم وجود ضغط دولي حقيقي يعدل كفة الصراع، يعود الحساب إلى المسألة العسكرية التي أرجحية النظام فيها لا تعطيه قدرة على الحسم رغم نجاحه في إيقاف تطور معركة الساحل، بل ربما هو يخسر بعض المواقع في حلب ولا يستطيع اقتحام مناطق في ريف دمشق ، كل ذلك لا يقدم تغطية للعملية السياسية المضللة “الانتخابات الرئاسية” التي ترفضها المعارضة بكل أشكالها والتي يسخر منها المجتمع الدولي وبالنهاية تبدو موجهة إلى المؤيدين لدعم معنوياتهم . ورغم تسليم وإتلاف 80% من مخزون الأسلحة الكيميائية المحظورة فقد نجح النظام بدعم حلفائه الروس والإيرانيين بتطوير أسلحة(مواد كيماوية) أقل فتكاً لكنها تحدث نفس القدر من الرعب والإرباك بسبب نقص الإمدادات الطبية و المشافي الميدانية وقد ثبت استخدامها في مختلف مناطق الصراع .
وأمام عدم تبلور تصور دولي واضح يعيد ترتيب العلاقات والقوى الإقليمية تروج كثيراً أطروحة استدراج كلاً من المتطرفين الجهاديين وجماعة حزب الله والإيرانيين إلى الساحة السورية لضربهم ببعض ثم ربما لضربهم جميعا في وقت مناسب، و رغم ماتبدو عليه هذه الفرضية من طابع مسرحي مؤامراتي فإن الكثيرين يقبلونها بسبب الموقف الإنتظاري المتمهل غير الراغب بالحسم من قبل الدول الغربية، رغم أن هذا الموقف له أسبابه الداخلية لكن هذه اللعبة لا بد لها أن تصل إلى نهاية ولا بد من وجود خاتمة وهذه الخاتمة على الأغلب لن تسعد أحداً من الأطراف المتصارعة فإسرائيل وأمريكا لا يسرهما زيادة نفوذ حزب الله بالمنطقة تماما مثلما يرفض الغرب نفوذا لداعش والقاعدة ، والغرب لا يبدو أنه يرحب بإعادة تأهيل الأسد ، وإعادة إنتاج نظامه طالما هو نظام يفرخ الإرهاب ،كما يتخوف الغرب من انهيار الدولة السورية مثلما يتخوف من انتصار الثورة السورية على يد قوى إسلامية حتى لو لم تكن القاعدة جزءاً منها ،وبانتظار الوصول إلى التصور الدولي المحصل لجميع هذه الاحتمالات ولحسابات القوى والمصالح يبقى الدور الدولي هو العامل الحاسم للخروج من الاستعصاء الحاصل بعد ثلاث سنوات من قيام الثورة السورية بكسر الاستعصاء الحاصل بين الشعب والنظام .
وأخيراً نؤكد على ان الدور الحاسم للعامل الخارجي لا يمكن له ان يتجسد لمصلحة الشعب السوري دون وجود معارضة موحدة عسكريا وسياسيا تحمل خطابا وطنيا وحضاريا يعيد للثورة ألقها الأصلي السلمي والمدني والديمقراطي بعيدا عن الخطاب المتطرف .وبغير ذلك سيمارس الخارج دوره وفق مصالحه واعتباراته وأدواته، وسيستمر الشعب السوري في دفع الثمن، في حين ينجح نظام الطغاة من جهة والمتطرفين من جهة أخرى في تشويه الثورة السورية وإبعاد جماهيرها عنها .
تيار مواطنة 25/04/2014