ندوة حوارية في مقر تيار مواطنة حول الاوضاع الراهنة 11.07.2015
محضر جلسة حوارية مع ميشيل كيلو
في بداية اللقاء تحدث عضو اتحاد الديمقراطيين من مدينة إدلب عن الأوضاع في المدينة ووصفها بالسيئة جداً فالحياة المدنية تتراجع بشكل كبير أمام واقع العسكرة وجيش الفتح يسعى للسيطرة المدنية والعسكرية الكاملة مع نهاية عيد الفطر، والسيطرة الفعلية لجبهة النصرة التي لم تعد تمتلك الحاضنة الشعبية بحيث لا تزيد شعبيتها عن 5%، وهناك عمليات تصفية للناشطين وعمليات خطف، ولا يوجد من يسائل جبهة النصرة نهائياً، وعن العمل المدني والمنظمات فيصف أن الضغط كبير جداً عليهم من قبل العسكر ولا يبقون إلا نتيجة توافر الحاضنة الشعبية لديهم، وعن الأوضاع الإنسانية يتحدث عن تدهورها بسبب قصف النظام والغلاء وأن 70 % من الأطفال دون تعليم حالياً. بالعموم سيطرة النصرة واضحة لأنها الفصيل الأقوى في عملية تحرير المدينة التي باتت تتحول بسياستهم إلى حالة تشبه داعش في الرقة، وإمكانية الفعل ضمن الأوضاع الحالية ضعيفة جداً، ولا يرى بكور فرق بين داعش والنصرة وحول التوزيع البنيوي لجيش الفتج يجيب أن العدد الأكبر لأحرار الشام ولكن النصرة تمتلك الفاعلية القتالية بشكل أكبر.
ركزت مداخلات الحضور على:
– السيناريو هو مشابه تماماً لبدايات داعش في الرقة وكانت إمكانية الفعل والمساعدة ضعيفة وضيقة وتقود إلى الحلقة المركزية في الإشكال، وهي أن التمثيل السياسي للثورة خذلها ميدانياً وسياسياً.
– ما يحصل في الداخل تجاوزناه، داعش والنصرة لهم مشروعهم في الثورة، أين مشروعنا نحن؟ بعد فقدان الأمن كانت الجماعات الاسلامية تأتي وتحاول توطيد الأمل وتلاقي إقبالاً شعبياً في بعض الأحيان، نحن لم نستطع تعبئة الفراغات نتيجة التحرير وجاءت الكتائب الاسلامية ووضعت يدها وكان لها مشروع واضح، دولة الخلافة… والأسلوب المتبع من قبلنا لم يتغير
– وكان رد عضو اتحاد الديمقراطيين: هناك دولة تنشأ في انعدام الدولة، جماعات لديها مشاريعها مثل داعش والنصرة تمتلك ويطرح سؤال واحد: أين مشروعنا نحن، لماذا لم نقدم أي شيء واعتمدنا على النخب المثقفة مثل ميشيل كيلو.
الغاية نفسها ونحن طالما نحارب للقيام بأي عمل مدني فهذا يعني أن داعش والنصرة واحد، ولا وجود للأمن والأمان.
النظام لم ينسحب من المنطقة ولا يمكن للنظام أن ينسحب إلا بقوة السلاح.
أخرجت جبهة النصرة في إدلب قواعد جديدة من خلال البدع فعبارة بسم الله الرحمن الرحيم مثلا بدعة، وصلاة التراويح التي تزيد عن 8 ركعات بدعة…
مشفى الشفاء الذي كان يعمل فيه 60 طبيباً تحول من ادلب إلى تركيا والاتراك يمنعون دخول الجرحى وقد مات 15 عشر شخصاً بسبب عدم دخولهم تركيا بسبب الاجراءات والتحقيقات.
ومن ثم بدأ الأستاذ ميشيل كيلو الحديث وابتدأ من حيث توقف رفيقه حول أن عمليات جيش الفتح قد انتهت فلا يسمح لهم بالتقدم أكثر من حدود قرية جورين، وكانت الخطط تتجه لحماه ثم حلب إلا أن الأمريكان قالوا لن نسمح أن يتكرر ما حدث في إدلب، والصورة اليوم تتوزع على ما يلي، اسرائيل على جبهة الدروز بحجة حمايتها وقاسم سليماني وقواته يشكلون درعاً للساحل في حين داعش تسيطر على نصف سوريا.
الدولة الوحيدة التي عملت على مفاقمة المشكلة هي الولايات المتحدة التي بدأت تبحث عن عدو جديد بعد الحرب الباردة وكان الإسلام، وبدأوا العمل على ذلك إلى أن وصلنا إلى ما عليه اليوم.
اليوم تكمن المعضلة السورية أن القوى الإقليمية لا تريد حكماً ديمقراطياً في سوريا، في حين لا تريد الولايات المتحدة حكماً إسلامياً فيها، واستمرار الوضع في سوريا على ما هو عليه له هدف رئيسي وهو تعرية سوريا من سلاحها لمصلحة اسرائيل وبضمانات طويلة الأجل لإنهاء حالة الصراع، ولكن من هي الشخصية التي ستحكم سوريا وتقدم لإسرائيل تلك الضمانات.
من ناحية أخرى اشتغل الامريكيون على الملف النووي الايراني وراحوا يرسمون دوراً إقليمياً لإيران يتكامل مع الدور الاسرائيلي في حين أن مصر بعد عبد الناصر واقعة في بئر لن تخرج منه أبداً ويكفيها الفائض السكاني 35 مليون نسمة زيادة.
لقد كان هذا ما سماه الامريكيون الفوضى الخلاقة التي دمرت الشرق.
في ظل ذلك كان الكثير من اللاعبين يلعبون في الوضع السوري ولا يمكن للسوريين اتخاذ قرارهم الخاص بهم وقد سمعنا بشكل مباشر من الأمريكيين عندما سأل طيفور السفير الأمريكي عما إذا رفضنا الذهاب إلى جنيف 1 فكان رد السفير “سنغلق عليكم الحدود وتبقون تذبحون بعضكم عشرين سنة أخرى” وهي أحد الحلول التي يراها الأمريكان ممكنة.
لقد تفجرت الثورة نتيجة تدمير القطاع الزراعي والصناعي والتجاري في سوريا وحرمان الفلاحين من قوت يومهم بسبب سياسيات النظام الغبية والجائرة، ونشوء محاولات لتحويل المجتمع في سوريا إلى مجتمع مدني، منها محاولتنا في لجان احياء المجتمع المدني ونتيجة للضغوط الكبيرة انتفضت ثورة شعبية عارمة حاول الأسد إطفاءها بالعنف وتطييفها فأطلق الأصوليون من السجون فقد أخرج 485 منهم.
دخلت أمريكا عل الخط بعد اندلاع الثورة وطرحت العديد من الحلول التي تضمن استمرارية الوضع على ما هو عليه وآخر ما طرح أوباما مع قادة دول الخليج في كامب ديفيد أن يكون الاسد رئيساً لمرحلة انتقالية، وتم الموافقة على ذلك، رغم أن جنيف لا يحدد مكان لبشار في المرحلة الانتقالية حيث ستتسلم هيئة حكم انتقالية مهامه كافة، ولكن لماذا يريدون بشار رئيساً لهيئة حكم انتقالية؟ لأمرين الأول فكه عن جماعته والثاني بعد أن سلم تدمر لداعش وباتت إدلب بيد النصرة كانت رسالته أنه من الممكن أن يترك البلد لداعش.
حول المؤتمرات أوضح السيد ميشيل كيلو أن مؤتمرات القاهرة وموسكو وغيرها تجري في الوقت الضائع، وحول مؤتمر الرياض تحدث كيلو أنه كان في الإمارات وذهب لزيارة وزير الخارجية هناك بصفته صديق برفقة سمير سعيفان في التاسعة والنصف صباحاً وأبلغه أن السعوديين رأوا عجز الائتلاف ويريدون الدعوة لمؤتمر للرياض لإيجاد جسم بديل، فأجبته (ميشيل كيلو) لن نذهب إلى مؤتمرات وتخبرونا ماذا نفعل، نحن كأعضاء نجتمع ونتفق على برنامج وطني مشترك للمرحلة الانتقالية وأنتم تستضيفوننا مع موافقة دولية وأن يكون هناك مبادرة بأن يتكون مجلس حكم انتقالي من 5-6 أشخاص وتواصلت مع الائتلاف وأخبرتهم بما جرى وأن أرسلوا تصوراً للرياض باسم الائتلاف إلا ان الممكلة أرسلت خلف خالد خوجه وقالوا له نحن لم نكلف الاماراتيين ولا كيلو أن يقدم لنا تصوراً عن الحل بما معناه أنه لا دور للسوريين في الحل، وقد التقيت بالوزير روبنشتاين في باريس وتحاورنا حول مؤتمر الرياض الذي قد يفضي إلى هيئة حكم انتقالية إلا أن الوزير نفى ذلك وقال أن المؤتمر فقط للحوار السوري- السوري ومن الملاحظ أن السعودية تخلت عن فكرة المؤتمر.
في الختام علق ميشيل كيلو أن هناك تغير عسكري على الأرض وأشار للجبهة الجنوبية وانه يجب على السياسيين أن يقابلوا هذا التغير بتغير سياسي أيضاً،وأنه علينا كسوريين أن نخرج في المخيمات وفي مجتمعات الشتات ولا بد أن يسمع صوتنا ويتغير شيء ما.
مداخلات وأسئلة
– نبرة التشاؤم واضحة في حديث السيد ميشيل كيلو، وحول مآلات الأمر لا يمكن تحميل المسؤولية لأشخاص معينين فكثيرون شاركوا في العمل خلال الاربع سنوات وبرغم تغير المسار للثورة إلا أن الثورة السورية حقيقية والحاضنة الشعبية التي كانت بعيدة عن المشاريع غير الوطنية والرافضة لها تبعث على التفاؤل وعلينا أن يكون لدينا نظرة تفاؤلية لإعادة تفعيل العمل السياسي والاستفادة من الثورة، وعلينا قبل ان نتوجه للناس في الشتات أن نؤمن لها على الأقل الكفاف ليستطيعوا ثانية إعادة الثورة والانطلاق بها من جديد، وعلينا الاستفادة من الفترة الماضية وتجنب الأخطاء السابقة، والتفكير بكيفية ملاقاة الحراك السياسي وحواره مع القوى.
– قد يكون هناك فارق في الحجم بالمعلومات بيني وبين السيد ميشيل ولكن إن لم يكن هناك حالة مشتركة بين الداخل والخارج والرأي العام الخارجي لن نتجاوز العقبات والمعوقات والتي لن نتجاوزها إلا بكسب ثقة الشارع أولاً وأخيراً، وحول القرار الوطني لم يعد موجوداً والقرار الدولي هو الذي يحكم الحالة السورية يتركها كما هي، ولم تفعل النخب السياسية والفكرية شيئاً لتحديد علاقتها مع الداخل منذ أربع سنوات إلى الآن، إن كل ما يحدث في سوريا هو خلق حالات صراع وهجمات متبادلة بين مختلف العناصر، فكيف يمكننا استرجاع القرار الوطني؟
– لا أحد يتحدث عن القلمون وهو ورقة رابحة للثورة وقد تم تأزيم الوضع هناك حتى سقوطه بيد النظام ولم نرَ شخصية سياسية أو مداخلة إعلامية من النخب السياسية تتحدث عما حصل في القلمون، والقلمون معروف فقط بيبرود القلمون بينما معظم سكانه مهجرون في عرسال في مخيم محروم من الاحتياجات اليومية ولا ممثل للمعارضة في لبنان لنتحدث معه والجيش اللبناني يعتقل السوريين ويودعهم السجون دون أي تحرك سياسي ولو حتى توكيل محامي، وتتحدثون عن خطر داعش وتساهمون في دعمها فالأمير جمعة أمير داعش الآن هو من دعمته هيئة الأركان العسكرية في الائتلاف بشكل مطلق سابقاً، والثوار في القملون بحاجة كسرة الخبز التي تمنعها الجمعيات بحجة أنها لا تعطي المساعدات لعسكريين، هؤلاء العسكريين هم نفسهم الشهداء والجرحى الذين تتغنون بهم هنا. وفوق هذا وذاك يتم مقاطعتنا كناشطين والعمل على تهجيرنا وتصديرنا إلى أوروبا.
– أعتقد أن للرقة ودير الزور نفس مشكلة القلمون، الاهتمام الآن ينصب فقط على إدلب وحلب.
– الثورة انطلقت من صفوف المجتمع الأهلي ضد الظالم اجتماعيا وليس الديكتاتور سياسياً، وكان هناك شباب كوادر لمجتمع المدني أو مشاريع كوادر له تمكنت من تعميم أهدافها على باقي عناصر الثورة بالحرية والدولة المدنية والتعددية في بداية الثورة ثم سلمت المهمة للقوى السياسية بعد تشكيل المجلس الوطني وبعد أن ضمنت له شرعيته حيث خرجت في كل من سوريا مجاميع تتظاهر في “جمعة المجلس الوطني يمثلني”، ولكنكم ألغيتم دوركم السياسي في إدارة المرحلة وركضتم خلف الشارع لتتحولوا في المرحلة اللاحقة بعد تشكيل الائتلاف للانقطاع عن الشارع ففشلتم في المرحلتين. في حديثك ذكرت أكثر من مرة عبارة جماعة الائتلاف وكأنك لست منهم، وكل شخص من الائتلاف يفعل هذا، لماذا هذا التنصل من ذلك الجسم المهترئ. قبل عامين أجريت معك مقابلة صحفية، وسألتك عن عمل الديمقراطيين وطريقتكم للتعامل مع الفصائل المسيطرة على الاوضاع في الداخل، اخبرتني انكم دخلتم الائتلاف لاستعادة القرار الوطني وبناء سوريا الديمقراطية معتمدين على الموارد الذاتية من خلال النفط وأن المسيطرين على النفط سيتم إبعادهم، حديث الواثق من مقوماته المادية والمعنوية والظروف الاقليمية والدولية، اليوم الديمقراطيين منقسمين والجسم السياسي الرسمي يفقد شرعيته في حين تسعى دول اقليمية لشرعنة الفصائل الاسلامية في الداخل.
ردود ميشيل كيلو:
– حول التشاؤم لا أعتقد ذلك، إنما هي قراءة للواقع، الواقع هو الذي يدفع للتشاؤم، وحول موضوع مراجعة الفترة الماضية
– قبل أن نسترجع القرار علينا أن نسترجع الرهان ونأخذ بالتطورات والمراحل التي نمر بها والعمل على التقاط اللحظات
– إن لم أتكلم عن القلمون نتيجة أن سياق الحديث جاء عن الثورة بشكل عام، وهذا لا يعني أنني نسيتها، وأقر بان الائتلاف لم
– نعم الثورة انطلقت بأسباب اجتماعية ولكن المجاميع الشبابية لم تسلمنا الثورة لا لنا ولا لغيرنا لأن النظام عمل منذ اللحظة الأولى في الثورة على تصفية النخب الشبابية المدنية في الشارع فإما اعتقلها أو اغتالها أو هجرها لتبقى الثورة بيد الجيل المستعد للعسكرة وحمل السلاح والتطرف، الأمر الذي كنت أنا ضده منذ البداية، وأنا كنت وما زلت ضد أمرين رئيسين في الثورة، السلاح والتدخل الخارجي.
– وحول المجلس الوطني يمثلني أنا لم أكن منتمياً إليه وضدهم لأنهم طالبوا بالأمرين الذين أرفضهما التدخل الخارجي والعسكرة، وقد تراجعت الثورة منذ دخول السلاح ودخول المال السياسي الذي كبلنا وخنقنا فتراجع القرار السوري لحساب الخليجيين والأمريكان والروس والسعوديين وغيرهم.