افتتاحية الموقع :ميونيخ والخيارات الصعبة للمعارضة السورية، وتركيا.

لاجديد , فيما يتعلق باجتماع ميونيخ, سوى إعادة التأكيد على أهمية القضاء على المنظمات الإرهابية المصنفة حتى الآن ,وإعادة التأكيد على ضرورة الحل السلمي في سوريا , وهو الذي بات باهتا وموضع تساؤل , أمام تقدم قوات النظام في ريف حلب الشمالي واستمرار القصف الروسي دعما للتقدم البري سواء لقوات سوريا الديمقراطية آو لقوات النظام.
إذن بهذا المعنى,ِ يعتبر اجتماع ميونيخ تراجعا واضحا عن بيان فيبنا و عن كل ما يتعلق بمسارات الحل السلمي التي تم تداولها خلال الأعوام الثلاثة الماضية . بما فيها بيان جنيف 1 , وإن كان البعض أعطى الكثير من التفسيرات لمسألة وقف الأعمال العدائية التي تعتبر أهم نقاط بيان ميونيخ، وفسرها البعض الآخر بأنها وقف لإطلاق النار أو ما شابه , إلا انه لاشيء يفسر ذلك ,غير رغبة البعض من المعارضين بإراحة أنفسهم من التحليل و التفكير , لأنه إصرار روسيا على طلب خرائط لتموضع قوات المعارضة المعتدلة كشرط لتنفيذ البدء بالخطة , يعني بوضوح فصل المجموعات الإرهابية التي تدعي روسيا استهدافها عن المجموعات التي قد تشكل أرضية مستقبلية للتفاوض مع النظام , ربما , بعد 25 شباط/فبراير القادم .لأن هذا التاريخ فقد معناه أمام التراجع الدراماتيكي لقوات المعارضة على مختلف الجبهات .
إذن , لا جديد ، في قمة ميونيخ سوى ما يجري في الميدان ، وبالتحديد على جبهات الريف الشمالي لمدينة حلب ، حيث تقدمت «قوات سوريا الديمقراطية » المؤلفة من »جيش الثوار » و«قوات حماية الشعب » ، بغطاء جوي روسي ، بحيث باتت الفصائل المعارضة بين فكي كماشة قوات النظام من الجنوب ، وقوات «سوريا الديمقراطية » من الغرب والشمال ، في حين تحتل داعش الأراضي الواقعة شرقاً من مدينة الباب وصولاً إلى حدود مارع , بحيث تمنع عنها خطوط الإمداد من تركيا , في هذه النقطة يبدو أن الخطة الروسية الساعية إلى تقوية يد النظام وتعزيز مواقعه قبل 25 شباط ،و محاولة وضع حد فاصل بين داعش والنصرة وملحقاتها وباقي الفصائل من جهة أخرى ، بحيث يسهل التعامل سياسيا مع «المعتدلين « وعسكريا مع المتشددين , في هذه النقطة تحديدا تتقاطع الخطة الروسية مع السياسة الأمريكية المتمحورة حول محاربة الارهاب في سوريا ،والى حد ما مع السياسة السعودية التي أبدت استعدادها للمشاركة بقوات برية ضمن تحالف دولي لمحاربة الإرهاب .
بموازاة ذلك دخل عنصر القصف التركي لقوات سوريا الديمقراطية ,رغم ادانة كل من فرنسا والولايات المتحدة الامريكية لقصف القوات الكردية , ليزيد الأمر تعقيدا أكثر مما هو عليه , فتركيا التي تحتضن أكثر من مليون ونصف لاجئ سوري ،استطاعت أن تنأى بنفسها عن الدخول في المواجهة العسكرية السافرة في سوريا حتى الأيام القليلة الماضية عندما كشفت عن عمق الفوبيا الكردية الراسخة لدى الدولة التركية، والتي ظهرت بقوة شديدة من خلال تصريحات القادة الأتراك خلال هذا الأسبوع بشكل سافر ,وخاصة بعد تفجيرات أنقرة التي راح ضحيتها 28 قتيلا و أكثر من 60 جريحا معظمهم من العسكريين إثر انفجار سيارة مفخخة تبنت المسؤولية عنها حركة “صقور حرية كردستان ” المنشقة عن حزب العمال الكردستاني.
وتركيا تمتلك من أوراق القوة ما يجعلها مؤثرة بقوة في الوضع السوري , إلا أن عمق التناقض بينها وبين أمريكا حول الملف الكردي السوري ، وتركيز الجهد الامريكي على مكافحة الإرهاب , جعل تركيا ,أكثر ضعفا رغم امتلاكها لهذه الاوراق , وخاصة بعد أن سيطرت قوات سوريا الديمقراطية على كامل الحدود التي تمتد لأكثر من 800 كم , وبذلك قطعت تقريبا خطوط التواصل بين تركيا وبين المجموعات الإسلامية ،التي كانت تدعمها او تتساهل مع وصول الإمدادات إليها ،ومنها تنظيم الدولة الإسلامية والنصرة التي اتهمت أنقرة بدعمها حتى من أقرب حلفائها ومنهم أمريكا .
والمرجح أن أمريكا وروسيا تحرصان على السلامة الإقليمية , لهذا من الصعب أن تكسر روسيا الاستقرار التركي عبر وجود حزب الاتحاد الديمقراطي على حدودها إلا أن مسارات الوضع الداخلي التركي تشي بانفجار محتمل عبر بوابة كردستان تركيا وليس كردستان سوريا , فتركيا التي تناور منذ أكثر من عشر سنوات على كل المبادرات السلمية التي أطلقها حزب العمال الكردستاني لإيجاد حل سياسي للمسألة الكردية هناك, تجد نفسها في مأزق حقيقي منذ أكثر من ثلاثة أشهر , مأزق المواجهة المباشرة داخل المدن الكردية التي تحولت إلى ما يشبه المدن السورية من حيث الحصار و الدمار و الانتهاكات الفظة لحقوق الإنسان .
من هنا يبدو واضحا بأن كل الخطوط الحمر التي أطلقها أردوغان في سوريا لم تكن إلا خطوطا وهميه تخفي خلفها مصالحها القومية و تخوفاتها ,إلى درجة أنها تهدد الآن بإغلاق قاعدة أنجرليك أمام قوات التحالف الدولي التي تحارب داعش انطلاقا منة هذه القاعدة وهي بذلك تؤكد مرة أخرى على التفارق الحاصل بينها وبين المشروع الأمريكي في سوريا .

من هنا يتحتم على المعارضة السورية ،على وجه السرعة ،وانطلاقا من ترسيم أوليات المصلحة الوطنية السورية ، أن تعيد النظر في أوراق قوتها مستفيدة من التعارضات الإقليمية هذا أولا ،وثانيا أن تصر على ان يكون مصدر قوتها في الداخل هو شرعية تمثيلها لقيم ثورة الحرية والكرامة .

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة