السوريون يتنفسون الصعداء ويراقبون الهدنة بحذر

 

ترقب السوريون الهدنة بلهفة علها أخيرا توقف المقتلة الحاصلة بحق المدنيين وعلهم أخيرا يلتقطون انفاسهم بعد ما يقارب الخمس سنوات من حرب بدأها النظام السوري ضدهم بعد أن قاموا بثورتهم مطالبين بالحرية ، حرب استعرت وتدخلت فيها عدة اطراف دولية واقليمية ولم يستثنهم منها أحد ، فالغالبية أوغلت في دم المدنيين السوريين بنسب متفاوتة مبررة ذلك إما بانهم حواضن شعبية للاعداء وهي الحجة التي ابتدأها النظام السوري ، أو ان الاهداف العسكرية موجودة بينهم ولا بد من وجود ضحايا مدنيين اثناء استهداف هذه الاهداف .اذا دفع المدنيون من كافة الاطراف الكثير من الضحايا ثمنا لهذه الحرب بنسب واعداد متفاوتة بينهم أو لنقل دفعوا العدد الاكبر من الضحايا ولهذا فهم انتظروا هذه الهدنة و توسموا فيها خيرا .
انطلقت الهدنة بعد أن اتفق عليها كلا من الروس والامريكان واقرها مجلس الامن واستثني منها الفصائل المصنفة ارهابيا وعلى رأسها داعش والنصرة وعاجل النظام السوري ليعلن استثناء داريا منها ايضا ، وشهد اليوم الاول منها هدوءا ملحوظا تخلله بعض الخروقات البسيطة التي تم بسرعة احتوائها والسيطرة عليها وتنفس السوريون الصعداء ، انه يوم مر بدون طائرات تحلق في الاجواء وبدون قصف ، ولكن ما لبث ان عاد القصف في اليوم التالي ، إذ كانت روسيا قد اعلنت انها ستوقف قصفها ليوم واحد فقط للدلالة على حسن النية والالتزام بالهدنة ، وهكذا زادت الخروقات في اليوم الثاني حسب ما ذكره الائتلاف في مؤتمره الصحفي على لسان نائبة رئيسه وحسب ما ذكره وزير الخارجية السعودي وتقرير المرصد السوري لحقوق الانسان ، إذ أكدوا ان الاماكن التي استهدفها القصف هي اماكن لتواجد الجيش السوري الحر وليست لجبهة النصرة ولا وجود للجبهة او لداعش فيها. فالهدنة كما يبدو هي هشة وقابلة للانكسار في أي لحظة ، او قد نستطيع ان نقول ان الاعلان الروسي لوقف القصف ليوم واحد قد يكون ليس التزاما بالهدنة وانما هو عرض لقوتها وقدرتها على التحكم في الحرب في سوريا وبالتالي على الجميع بما فيه المجتمع الدولي أن يتحاور معها ويأخذ مصالحها بعين الاعتبار عند البحث عن أي حل سياسي في سوريا ، فهي أكدت من خلال تنفيذ الهدنة ليوم واحد والعودة للقصف في اليوم التالي انها اللاعب الاساسي الآن في الساحة السورية . ولكن رغم الخروقات الني حصلت حتى الان ما زال المبعوث الدولي ديمستورا يؤكد أن هذه الخروقات فردية ويمكن احتوائها .
إن انهيار الهدنة والذي يمكن أن يحدث بأي لحظة يمضي بسوريا نحو حرب طويلة طاحنة لا يمكن التنبؤ بنتائجها والتي تدفع بكثير من الاحتمالات السيئة والتي قد يكون التقسيم احدها ، ولهذا فإن لهذه الهدنة دورا مهما وعلى الجميع محاولة الحفاظ عليها حماية لسوريا بالعام ولكافة المدنيين السوريين ، وإن كنا نرى أن احتمال خرقها ودفعها للانهيار سيكون بشكل اساسي من النظام وحلفاءه وفي مقدمتهم روسيا.
رغم كل ما ذكر ما زلنا نرى أن على الجميع التقاط أي فرصة لوقف القتال في سوريا فأي وقف له وإن كان يوما واحدا فقط هو فرصة للسوريين لالتقاط انفاسهم وإن كان لا يشكل فرصة لسلام مستدام في سوريا ، فالسلام المستدام لا يمكن الوصول له الا بحل سياسي يأخذ بعين الاعتبار مصالح السوريين وتطلعاتهم ، وذلك بالاعتماد على جنيف واحد وقرار مجلس الامن ٢٢٥٤ وخصوصا المادتين ١٢ و١٣ منه ، وعبر حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات تنقل سوريا نحو دولة مدنية ديمقراطية ، والا فان استمرار القتال أو أي حل سياسي يفرض نظام الاسد كأمر واقع سيدفع بالكثيرين نحو التطرف ، فالعنف هو المولد الاساسي له وهذا يدفع بسوريا نحو الانهيار واطالة امد حرب يدفع ثمنها المدنيون .

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة