افتتاحية الموقع :الكرد واعلان فيدرالية روجافا- شمال سوريا ؟!!
جاء قرار الكرملين سحب قواتهفي الخامس عشرمن الشهر الجاري،متزامنا مع الاعلان عن بدء العملية السياسية ،ودخول الثورة السورية عامها السادس ونهوضها من جديدبشبابها وعلمها، حيث كانت ردود الفعل ايجابية ،فقد رحب الرئيس الامريكي بالقرار ونظرت اليه المعارضة “بايجابية”، و اعتبرهدي مستورا”تطور مهم سيساعد في تقدم المفاوضات “، كل ذلك جرى في الوقت الذي اعلن فيه حزب الاتحاد الديمقراطي اعلان فدرالية “روجافا -شمال سوريا “في مدينة الرميلان في الشمال الشرقي من البلاد ،دون العودة الى باقي مكونات الشعب السوري وقواه السياسية،وقد ترافق ذلك مع تأكيدات الروس على وحدة الاراضي السورية، ورفض الولايات المتحدة” الاعتراف بأية منطقة شبه مستقلة او حكم ذاتي دون توافق السوريين”، كما اعتبر النظامقرار الاعلان”غير دستوري وغير قانوني ولاقيمة له ” واستقبلت المعارضة السورية الخبر كالصاعقة “رافضة بشكل قاطع ما تم الاعلان عنه”، بينما اتسم موقف المجلس الوطني الكردي “بالحيرة والارتباك “.وفي الوقت الذي نؤكد فيه على موقفنا المبدئي والصريح مع حق الشعب الكردي في أجزاء كردستان الاربعة- إيران، العراق، سورية، تركيا- في تقرير مصيره بالشكل الذي يستجيب لهذا الحق كما مارسته كل الشعوب الأخرى في العالم والمنطقة، وكمانصت عليه المواثيق الدولية سواء أكان ذلك الحق في نطاق كردستانالكبرى الموحدة أرضاً وشعباً أم في كل جزء على حدة، ام في اتحاد جزء او أكثر مع جزء أخر والاستقلال التام أم في أشكال أخرى ذات حكم ذاتي أو لا مركزي……الخ وسواء كان ذلك في نطاق تكتيكي أم استراتيجي، ونحن لا نرى في هذا الطموح الأساسي المتعلق بالحق أي تناقض مع انتماء الكرد السوريين إلى الوطنية السورية ونضالهم في إطارها ، وموقفناهذا لم يتغير ولن يتغير لأنه متعلق بالحق ، فإننانعتبر بأن ما تم الاعلان عنه ليس الا شكل من اشكال حق تقرير المصير ، لكننا نلفت نظر الساسة الكرد ان لا تغيب عن اذهانهم الوقائع العنيدة على الارض، ولا رغبة السوريين في تقرير شكل ومصير الدولة السورية وكتابة عقد اجتماعي جديد ينهي حقبة الظلم والاستبداد عبر الحوار والتوافق ، لان الجميع بات على قناعة تامة بأن الدولة السورية القادمة لا بد ان تمر بمرحلة معينة من التماسك والوحدة قد تطول او تقصر ، قبل ان تتحول من دولة بسيطة الى دولة مركبة(فيدرالية ) لان الهدف الرئيس للشعب السوري اليوم بعد عملية الانتقال السياسي وتشكيل هيئة حكم انتقالي هو القضاء على داعش والنصرة ومثيلاتهاصحيح ان الحديث عن “الفدرالية”قد بدأ معسيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي ونقل عنه ” نأمل ان يتوصل المشاركون في المفاوضات السورية الى فكرة انشاء جمهورية سورية فيدرالية” ، بعد ايام معدودة من شهادة جون كيري وزير الخارجية الامريكي امام الكونغرس التيجاء فيها “ربما فات الوقت لابقاء سورية موحدة”، كما اكد بأن “هناك خطة ب” يمكن اللجوء اليها في حال فشل الحل السياسي”،وقد تكون” الفدرالية” وصفة ناجعة للخروج من الواقع المقسم الذي تعيشه سوريا اليوم بعد فقدان النظام سيطرته على اكثر من 75 % من الجغرافيا السورية ،وتوزعها بين الكرد والجيش الحر وداعش والنصرة ، كما انهاقد تمثل خيارا مناسبا لحل القضية الكردية ، بعد اعادة النظر بالتقسيمات الادارية و ضم المناطق الكردية في اقليم جغرافي موحد ، لكن اعلان “الفدرالية” من طرف واحد في الوقت الذي يرفضه معظم السوريين والمجتمع الدولي ،سوف يضر بالأخوة الكرد ويضعف موقفهم ويجعلهم في احسن الاحوال في مواجهة الاكثرية التي تعتقد بأن الحكم المحلي الواسع أو كامل الصلاحيات في إطار دولة لامركزية قد يكون الخيار المناسبلسوريا الجديدة في المرحلة الانتقالية، وهو ما نصت عليه وثائق القاهرة 2-3/7 لعام 2012 وكذلك مؤتمر الرياض للمعارضة.فالنظر الى مستقبل سوريا من الزاوية الكردية الضيقة خطأ كبير يجب ان لا يقع فيه الاخوة الكرد ،لأن نظرتهم يجب ان تنطلق من اطار وطني عام، لأنها ستضع الكرد في قلب المشروع الوطني السوري، بحيث تكون سوريا الجديدة لكل السوريين ،دولة ديمقراطية مدنية بعيدة عن الاستبداد والقهر والطغيان، دولة مواطنة يتساوى فيها الجميع بغض النظر عن الجنس او العرق او الدين ،دولة الحرية والعدالة والسيادة والانتماء ،يحظىفيها الكرد بنفس حقوق وواجبات الاخرين ، عبر الاقرار الدستوري بهويتهم وحقوقهم القومية المشروعةوفق العهود والمواثيق الدولية ،بما فيها التعلّم بلغتهم ونشر ثقافتهم وتطوير آدابهم وتراثهم الذي هو بالتأكيد جزء من التراث والثقافة السورية، لانهم جماعة مكونة للوطن السوري دافعوا عن استقلاله وحافظوا على وحدته .