افتتاحية الموقع:الجريمة تستوجب العقاب

vision
يمضي ديمستورا قدماً و بإصرار ،في المفاوضات الجارية في جنيف ، على الرغم من تعليق وفد المعارضة اشتراكه بها ، بل إنه يعتبر هذا التعليق استعراضاً دبلوماسياً ، ويتجاهل ،ومن خلفه المجتمع الدولي، كل الجرائم التي قام ويقوم بها النظام الأسدي ضد المدنيين ، من القصف بالبراميل إلى الحصار ،وحتى الاعتقالات والتعذيب،دون أن ننفي،بالطبع، الانتهاكات التي تمارسها قوى متطرفة أو كتائب عسكرية محسوبة على الثورة .والسيد ديمستورا يعلن استمرار المفاوضات رغم تخوفه من انهيارها ، داعياً دول العالم إلى اجتماع عاجل لتجنب هذا الانهيار.
وفي بحثه عن حل سياسي ، يتجاهل المجتمع الدولي والأمم المتحدة ،في مفاوضات جنيف ،نقطة العقاب لمجرمي الحرب ، على الرغم من جميع التأكيدات الصادرة عن ممثلة الأمم المتحدة ، حول ارتكاب العديد من الجرائم التي قد ترقى إلى مستوى جرائم حرب، أو جرائم ضد الانسانية ، حيث يأتي النظام الأسدي في رأس قائمة مرتكبي هذه الجرائم.
إننا في تيار مواطنة نؤمن بضرورة البحث عن حل سياسي في سورية ، يستند إلى جنيف /1/، ويؤمن انتقالاً سياسياً عبر هيئة حكم انتقالي ،تستبعد الأسد و طغمته، ولكننا نرى أن عدم معاقبة من قام بالجرائم سيترك الجرح السوري نازفاً، وقد يدفع بالسوريين إلى حرب أهلية طويلة الأمد ، إن حماية السوريين جميعهم ،أكثرية وأقليات، تقتضي إحالة مجرمي الحرب إلى العقاب، ورد المظالم ، وتعويضاً عادلاً للمتضررين ، وهو ما لم يجر الحديث عنه، حتى الآن، في الوضع السوري بل ما يتم تجاهله تماماً في المفاوضات الجارية.
إن خلاص سورية والوصول إلى السلم الأهلي المجتمعي، يمر أولا عبر محاكمة كل من أجرم بحق الشعب السوري وفي مقدمتهم النظام السوري ،الذي أوغل في دماء السوريين، وذلك بمقاضاة الأشخاص الأكثر بروزاً ومسؤولية في الإجرام ، ومن ثم باعتراف الآخرين ،المقادين أو المتورطين ، بجرائمهم ،ومساعدة العدالة ، لتأتي أخيراً مرحلة المصالحة والمسامحة .
إن فرض المصالحة بإرادات دولية ،وبقرارات فوقية، لا يؤسس سلماً أهلياً مستداماً ، بل سيدفع اليائسين ، من الذين لم تراع هذه القرارات مصالحهم، ولم تؤخذ بالإعتبار الانتهاكات التي حصلت بحقهم ، ولم تعوضهم عن بعض الضرر الذي أصابهم ، سيدفعهم إلى محاولة استرداد حقوقهم بشكل شخصي وفردي ، بل ربما ستدفعهم خيبة الرجاء دفعاً إلى التطرف ، أو إلى الإنتقام وهو ما يشكل خطراً حقيقياً على التعايش والسلم الأهلي.
تعلم تجارب التاريخ الحديث أنه يمكن ،ويجب، السعي الدائم لتحصيل الحقوق المهدورة ،ومن هنا تأتي أهمية عمل المنظمات المعنية بتوثيق الإنتهاكات ، وعليه ،حتى لو تجاهلت المفاوضات الجارية الآن ،ثقافة عقاب المجرمين بغرض الوصول الى السلام المستدام ، ولم يستطع وفد المعارضة المفاوض إدراج تلك الآلية ضمن جدول الأعمال ، فإنه من الممكن ،وبعد الوصول إلى سلام أولي ،العودة للتذكير بالجرائم المرتكبة ،ورفع قضايا في المحاكم الدولية بحق مجرمي الحرب وصولاً الى محاكمتهم محاكمة عادلة ،يدفعون بموجبها ثمن جرائمهم، ليس بدافع الإنتقام، وإنما بدافع التأسيس لمجتمع مستقر ،حريص على حقوقه، وبقصد الوقوف بوجه أية انتهاكات مستقبلية.
وعليه فإننا لا نرى أن أي نتيجة قد تصل إليها هذه المفاوضات (بافتراض أنها ستؤسس لسورية مدنية ديمقراطية بدون الأسد) لن تكون نهاية المطاف، وإنما ستكون بداية جديدة لنضال حقوقي يهدف لاسترداد الحقوق ورفع المظالم ومعاقبة المجرمين.

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة