هواجس شخصية برسم المؤتمر الوطني الرابع للمجلس الوطني الكردي- أكرم حسين

مقالات 0 admin

لا بد من التأكيد في البداية ،بالحفاظ على المجلس الوطني الكردي حتى لو كان جوزا فارغا او قشرا بدون لب ، ربما يكون هذا التأكيد ضرورياً حتى ندخل إلى وضع المجلس الوطني الكردي على أرض من الثبات والوضوح ، وكي لا يصطاد أحد ـ من الاحزاب ـ طرائد وهمية ، اوفي المياه العكرة ،التي يبدع في الاصطياد فيها .
اعود واقتبس هذا النص من مقدمة الوثيقة السياسية للمجلس الوطني الكردي والمقرة بالمؤتمر الثالث 16/6/2015 (( ان المجلس الوطني الكردي في سوريا هو تحالف سياسي يجمع بين الاحزاب الكردية الممثلة فيه والفعاليات الثقافية والاجتماعية والشبابية والنسائية للشعب الكردي ، ويعبر عن اهدافه وطموحاته من اجل وحدة الصف والموقف استجابة للمستجدات التي حصلت على الواقع السياسي ولا سيما بعد اندلاع الثورة السلمية في البلاد، حيث تم التوافق من خلاله على رؤية سياسية مشتركة بين اطراف الحركة السياسية بمعظمها ، والتي غدت الاساس والمنطلق لعموم هذه الحركة في التعاطي والعمل مع الجانب الوطني والاقليمي والدولي …))
بقراءة أولية للنص بعيدة عن التشنج اوالتخندق، نجد المجلس عبارة عن تحالف سياسي بين مجموعتين ،مجموعة “الاحزاب الكردية الممثلة فيه “من جهة ، ومجموعة  “الفعاليات الثقافية والاجتماعية والشبابية والنسائية للشعب الكردي “لاحظ  ” الشعب الكردي ” أي هذه الفعاليات عائديتها للشعب الكردي عبر اليات تمثيلية ، وهي “مستقلة”   لان شرط وجود هذه الفعاليات كفعاليات ان تكون مستقلة أي لا حزبية وغير مؤطرة تنظيميا داخل الاحزاب أوملتزمة سياسيا ببرامجها ، وتمتلك حدا مقبولا من الاستقلالية والحركة ، وهو ما لم تكنه منذ المؤتمر الاول للمجلس وحتى الأن، لان اغلب الفعاليات “المستقلة” الممثلة  هي حزبية ،تخضع معايير القبول الى المزاج الحزبي ، حيث يتم تجميع 50-60 شخص ممن لا علاقة لهم بالشأن العام من قبل الاحزاب ، لتزكية هذا العضو او ذاك ،حتى في الترشح للأمانة العامة يخضع العضو”المستقل” للبازار السياسي أوتقديم الطاعة والولاء، والوقوف الى جانب الجهة السياسية الداعمة ،وهو سلوك لعمري بعيد كل البعد عن الديمقراطية ، ويتطابق مع الانتخابات البعثية التي تجري…!!
أما على صعيد توحيد الصف والموقف فقد  فشل المجلس في توحيد الصف الكردي وخرج منه العديد من الاحزاب  وتشكلت اطر مختلفة ،لكن على صعيد وحدة الموقف تعمقت الخلافات  بين ابناء الشعب الكردي ،ويتصدر المشهد السياسي الكردي الان تياران، لكل منهما مرتكزاته السياسية والايديولوجية والمفاهيمية ، ويتخندقان في محورين اقليميين ودوليين متقابلين، بينما لم تستطع رؤية المجلس كما تدعي الوثيقة ان تصبح ” الاساس والمنطلق لعموم هذه الحركة في التعاطي والعمل مع الجانب الوطني والاقليمي والدولي”
اما حديث الثورة السلمية فهو اضغاث احلام وهراء ما بعده هراء ..!! لأنها تحولت الى صراع مسلح، والى حرب اهلية وطائفية مكشوفة نتيجة التدخل الاقليمي والدولي ..!!
ان احسن تحليل يجسد  واقع المجلس الوطني الكردي،ما جاء على لسان محسن طاهر مسؤول مكتب شؤون المجالس المحلية ، في لقائه مع موقع Rojava News  بتاريخ 9 تموز2016   و تقيمه لأداء المجلس ودبلوماسيته على الصعيد الداخلي والخارجي ((المجلس الوطني الكوردي لم يتحرر بعد من العقلية الحزبية ولا يزال الطابع الفردي مسيطر على ادائه الميداني، بعيدا عن العقل الجماعي والعمل المؤسساتي التخصصي كما انه فشل في تفعيل النصف الاخر المستقل، ولم يعمل على استيعاب واستقطاب الكفاءات الثقافية والمعرفية والعقول المتخصصة المستقلة ذوي الثقل النوعي في المجتمع الكوردي، وما سجل للمجلس من نجاحات هنا اوهناك – إنْ وجد – لا يخرج عن عباءة الشخصنة، لذا لم يُسمَع صدا هذه النجاحات في كواليس الدبلوماسية الخارجية وساحات الداخل، لذلك أخفق المجلس الوطني الكوردي للارتقاء إلى مستوى الحدث السياسي في البلاد.))
بكلمة يمكن تلخيص كل ما سبق بالقول اخفاق المجلس وعدم ارتقائه الى مستوى الحدث السياسي وارتهانه للعمل الفردي والشخصنة والمحسوبيات والابتعاد عن المأسسة وقلة الكوادر والكفاءات ورغم انعقاد الامل على كردستان العراق ، وعلى القيادة البارزانية التاريخية المتمثلة اليوم في شخص الرئيس مسعود البارزاني ،وضرورة التنسيق والمشورة وتلقي الدعم ،الا انه على المجلس الوطني الكردي ان يتحرر من العلاقة شبه الوصائية على بعض القيادات الكردية في المجلس الوطني الكردي ،وبهذا المعنى يتوجب على الكرد أن يعملوا لحسابهم الخاص وحساب الثورة السورية معاً لان  التردد الكردي اليوم ليس في مكانه .؟؟!!                                      يتساءل البعض هل مهمة المجلس الوطني الكردي اليوم باتت توضيب الدموع اورش السكر على الميت ؟ هل ما زال موجودا وحيا ام انه منهك ،يقيم في دار العجزة ، يسعل دما بانتظار لحظة اطباق الجفون؟! ويذهب اخرون الى اكثر من ذلك من أن سماع كلمة المجلس الوطني الكردي باتت استفزازية ومربكة،  اللهم الا من قبل بعض المتنفذين في قيادته ،لأنه لم يعد له حضورودورحقيقي ؟! والسؤال هل مازال المجلس قويا ؟ ما هي مشاريعه واليات عمله، في ظل سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي واطباق سلطته على معظم اراضي كردستان سورية ،واقامة مؤسساته الامنية والمدنية الموازية للدولة ؟ ماذا ينوي المجلس فعله في المستقبل ؟ هل سيبقى عبارة عن صدى لسياسات حزب الاتحاد الديمقراطي، وفعله لا يتجاوز نقده ومعارضته – بعضها صحيح وبعضها مبالغ به – ام ان المجلس اصبح اليوم كمن يستجير من الرمضاء بالنار ، ولايزال على عهده يحارب بسيف الرئيس مسعود البارزاني ، من خلال احزاب نقطية وصوتية في اغلب الاحيان ،وشخصيات تفتقد الى الارث النضالي التاريخي ،والى سجل وطني مشهود لها بالتضحية والفداء ، متكئة ومستفيدة من ارث ونضالات بعض الاحزاب والقوى الرئيس في المجلس،  فالمجلس فشل في بناء مؤسسة وجسم ينتمي الى فضاء الثورة وتداعياتها ،متصالح مع جماهيره ، وعجزعن اقناع الاخرين بالتعايش ضمن حركة وطنية وفضاء جامع لإنقاذ كردستان مما لحق بها من ظلم وحيف على مرالتاريخ ، من نهب لخيراتها وتمتع بنعيمها ومائها،  فالتاريخ لا يرحم احدا حزبا او فردا ،والوقت يمضي سريعا ،والفرصة لا تتكرر؟! وبالتالي ليس للكرد الا العمل والعمل وحده لكي ،يصبح لهم زمان ومكان وكيان ،ويلتحقوا بالأخرين في ظل الثورات التكنولوجية التي لا تتوقف ؟!

مهام امام المؤتمر الرابع ؟

على المؤتمر ان يتحلى بالواقعية السياسية ، وان ينطلق من الوقائع العنيدة التي ينبغي التعامل معها كما هي بحذرشديد ،وان يفتح عقله كما ينبغي ،ويحاول تحقيق توازن حقيقي على الارض ،لان المجلس لم يعد له دور في داخل كردستان سوريا اذا بقيت موازيين القوى على حالها ، فالقوة المسيطرة تفرض منطقها وتلوي عنق الواقع بما يتناسب مع ايديولوجيتها وسياستها، لذلك يجب ان يعي المجلس ،بانه قد اكل يوم اكل الثور الاسود ،عندما تم استبعاد وتصفية الحراك الشبابي وبقي المجلس يتفرج .
المؤتمر القادم يجب ان يقف بمسؤولية كبيرة أمام اخفاقات المجلس الوطني الكردي، وان يدرس اسباب تراجعه ، لا ان يتحول الى مكان للخطابات والانتصارات المزيفة ، عليه  تقديم  قراءة سياسية شاملة للواقع الكردي والثورة السورية ومألات الصراع الجاري الان على الارض السورية ، وكيفية تحقيق مصالح الشعب الكردي في ظل المقتلة القائمة والصراع الطائفي والمذهبي ،عليه ان يجد الوسائل اللازمة لإعادته الى المشهد السياسي الكردي ككيان فاعل ومؤثر، وليس عبر البيانات وردود الافعال ؟ والبحث عن اليات ووسائل  يمكن من خلالها  استقطاب المكونات السياسية، وفعاليات المجتمع  الفكرية والمهنية .
هناك  ضرورة مبدئية وعملية لتوسيع المجلس، والأولوية في هذا التوسيع يجب أن تكون للقوى الفاعلة على الأرض في الداخل ، من خلال  مجالس القرى والبلدات والاحياء ، وإيلاء حضور المرأة أهمية خاصة ، بعيداً عن الاصطناع والديكور التجميلي الذي يجري حاليا ، وفي الإطار نفسه يجب التركيز على الجناح المدني الديمقراطي العلماني في المجتمع ، منظمات أو أشخاصاً. من المهم أن تعطى لهم الحصص المناسبة من المقاعد بما ينسجم مع حضورهم وتاريخهم ووزنهم وأهميتهم في الداخل والخارج بعيداً – وربما بعيداً جداً – عن الحصص الوهمية التي يطالب بها البعض . كما يجب العمل من اجل عقد مؤتمر وطني كردي سوري عام ، مع ضرورة التمييز بينه وبين المجلس الوطني الكردي كما هو الآن أو بعد التوسيع، فالمجلس  كما هو حاليا – هو تحالف لأحزاب وبعض الفعاليات الممثلة  فيه– أما المؤتمر الوطني فإنه تعبيرٌ عن الشعب الكردي  بكل فئاته واتجاهاته السياسية .
ان ما مضى  قد مضى ينبغي رميه ورائنا ،المطلوب اليوم إدارة المجتمع الكردي ،كرديا او وطنيا ، بروح الحكمة والمسؤولية والحصافة العالية، والبحث بصدق وشرف وإخلاص عن اتفاقات قابلة للاستمرار، لا هدنات هشة قابلة للانفجار في كل لحظة ، وهذا يتطلب على قاعدة كل ما ذكر درجة قصوى من المسؤولية وإعلاء الشأن العام ، والشأن الثوري من قبل كل الأطراف..!!

نشرت في صحيفة كردستان العدد (542) تاريخ 15-8-2016

 

 

 

 

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة