افتتاحية الموقع : نصر لايرقي الى عتبة التحرير ….!
جاءت خسارة “داعش” لمدينة منبج, لتقطع أوصال التنظيم الجغرافية وتغلق شريان إمداد وصول مقاتلين جدد عبر الحدود التركية, فضلاً عن تعاظم الخسارات المتتالية للتنظيم فمنذ آذار 2015 وفقده ل”تكريت” بالعراق حيث شاركت واشنطن وطهران في عملية القوات العراقية تلك, وتتالت الخسارات في “سنجار” على يد قوات “البيشمركة”, الى “الرمادي” فـ “الفلوجة” بالعراق و”كوباني” ف “تل ابيض” بسورية, تبعها خسارة “تدمر” على يد قوات النظام بدعم الروس, وحتى “سرت” الليبية وأخيراً “منبج” على يد “قوات سورية الديموقراطية”.
ونستطيع القول بعد نصر “منبج” أمست “قوات سورية الديموقراطية” رقماً صعباً في ترتيبات مستقبل سورية المنظور, مؤكدةّ حضورها القوي في مواجهة سياسات “رجب أردوغان” تجاه الكرد ومعاركه معهم في شرق تركيا وفي جنوبها بسورية, ويبقى نقدنا للادارة الذاتية في مناطق سيطرة “PYD” قائما، حيث تفردها بالقرارات وانعدام تعاونها مع غيرها من قوى المعارضة ذات الحضور السياسي وغيرها من حركات التظاهر والاحتجاجات الشعبية الكردية التي خرجت مبكرا بوجه استبداد نظام الاسد, لتكون منصة لقوى الثورة السورية ونستبشر بها أن تكون ساحة نموذجية للعمل المدني, ونغتقد بضرورة بناء المنصة الجاذبة المشجعة للتحرر والانعتاق من الاستبداد, ولتتوقف الممارسات التي لا تقل سلطوية عن سلوك النظام الامني الاسدي, وعليه تتجدد دعوتنا لكل الفصائل والمقاتلين في “منبج” بأن تؤسس لتحرير حقيقي وتسلم أهالي المناطق المحررة إدارة شؤونهم المحلية, وتشجع المنظمات المدنية والاعلام وتسمح له العمل بحرية واستقلالية, مجسدة بذلك قيم ثورة الحرية والكرامة التي انتظرناها مطولاً.
وبالعودة لهزائم “داعش” المتلاحقة, إذ يبقى القاسم المشترك الأعظم لتلك المعارك -عدا استعادة تدمر- هو دور الولايات المتحدة الامريكية البارز بالتغطية والاسناد الجوي المستمر عبر قوات “التحالف الدولي على الارهاب” الذي تشكل عموده الفقري, كما أكد هذا الحدث خروج الحرب على “داعش” من يد الروس والايرانيين والترك، بالطبع إذا فرضنا أن هذه الأطراف أصلاً جادة، حيث لا يخفى على أحد تواطؤ محور (قاسم سليماني – بشار الاسد) ورعايته المباشرة أو غير المباشرة لتقدم تنظيم “داعش” كخط دفاع أولي يعزيز نظرية الهجمة الارهابية والبديل الأسوء, ولهذا لا يقبل عاقل بمنطق ان القضاء على هذا التنظيم سيتم بيد الجهات التي سببت قيامه ورعت نشأته, فهي نفسها صاحبة المصلحة ببقاءه، كبرباغاندا وفزّاعة للتلويح بها بين الحين والآخر, دون ان نغفل بعض المواجهات في بعض المراحل كتدمر وحقول الغاز شرقي حمص.
جاءت ذلك النصر- الهزيمة بالتزامن مع تحقيق فصائل المعارضة العسكرية على رأسها “جبهة فتح الشام” “النصرة” سابقاً إنجازاً عسكرياً من العيار الثقيل تمثل بفك الحصار عن حلب، في “حرب الأيام الستة” الخاطفة, كما يحلو للبعض تسميتها حيث كشفت مدى هشاشة قوات النظام وحلفاءه باندحارها السريع في مجمع الكليات العسكرية قلعة النظام الاهم جنوب مدينة حلب الاستراتيجية. ولكن سرعان ما جاء التصريح الامريكي “بامتناع الحسم العسكري وضرورة المضي بالحل السياسي”، الذي سيترجم تحريكاً لعجلة المفاوضات.
وأظهر ذلك أيضاً تصدع جدار الحسم عند الروسي, فبعدما حدد وزير الدفاع الروسي المعابر الاربعة صباح لخروج المدنيين و”المستسلمين” بعد الاطباق على طريق “الكاستيلو” في اتمام الحصار على أهالي حلب المحررة، جاءت المعركة ونتائجها كضربة موجعة لعنجهية بوتين ومن يحتمي بطيرانه وقواعده… وليس مستغرباً بعدها درجة الاذعان الروسي للحقائق العنيدة بالميدان, والاستجابة لبعض الشروط الأمريكية, كما أشارت تصريحات وزير الخارجية التركي “مولود أوغلو” عقب زيار “أردوغان” الأخيرة لبطرسبورغ – روسيا: “إن الروس طلبوا من تركيا تحديد المناطق التي على الطيران الروسي ألا يقصفها, وذلك استجابةً لطلب تركيا بعدم قصف المنشآت المدنية والفصائل العسكرية المعتدلة” سعياً لنجاة الدب الروسي من الغرق أكثر بالوحل السوري فراح يستعجل جنيف والتفاوض.
لقد أكدت هذه الاحداث مجدداً انسداد أفق نظرية الحسم العسكري, وانحسار أتباعها من الضفتين, فأظهرت مدى خواء هذا الخيار واقعياً وتهاويه, وبالتالي ضرورة العودة لـ”وقف الاعمال القتالية”, والمضي بمفاوضات الانتقال السياسي, للخروج من عنق الزجاجة الذي حصد ويحصد مزيداً من أرواح السوريين والمدنيين العزل وهم يتلقون غارات براميل النظام وحليفه الروسي جواً, أومزيداً من توسع رقعة معارضة اسلامية غير مدنية أرضاً, تمعن في مصادرة القرار المحلي والمدني وهو الحق المختطف في كلا الاستبدادين.
تيار مواطنة 15/08/2016