افتتاحية مواطنة :سوريا.. وأوهام التقسيم
لم تغب تهمة تقسيم سورية ، أو لعنة التقسيم التي لاحقت الأقليات ، يوماً عن الذهنية السورية منذ الاستقلال وحتى الآن ، بل تكاد تكون المعادل الآخر لفكرة الوحدة العربية ،الفكرة الشعبية في المشرق العربي، والتي تم الترويج لها بقوة من قبل البعثيين والقوميين في سوريا والعراق ، الجديد في الامر أن تهمة التقسيم أصبح لها بعد 2011 مضمون أخر، فصارت التقسيم على أساس طائفي ،واتهم بها النظام باعتبار التقسيم وسيلة لإنقاذه وإنقاذ الطائفة العلوية من الإنتقام في حال فشل في الاستمرار بحكم سورية موحدة .
وهذه التهمة لاحقت المكونات الأخرى أيضاً ،حتى قبل انطلاقة الإنتفاضة الشعبية، واستخدمت كأداة من أدوات النظام الأساسية في تعبئة الشارع السوري، المشبع بالمشاعر القومية العربية، ضد التهديد الخارجي المفترض، ومن أجل دعم آليات القمع في مواجهة الكرد .
وبدخول الانتفاضة السورية نفق الحرب الأهلية، وتقدم قوات المعارضة ،وإعلان الإدارة الذاتية ومن بعدها فدرالية روجافا- شمال سورية، صارت تهمة التقسيم أكثر رواجاً في أوساط المعارضة وأوساط النظام على حد سواء . وقد اكتسب هوس الاتهام بالتقسيم قوة جديدة بعد حدوث وقائع مميزة منها : مضمون خطاب رأس النظام عن سورية المفيدة و التدخل الروسي الذي أقام قواعده على الساحل السوري وتقدم وتمدد قوات الحماية الشعبية المكون الأساسي في قوات سوريا الديمقراطية ، وعاد الكرد الى دائرة الاستهداف والاتهام المباشر، وأصبح التأكيد على وحدة سورية لازمة لكل تصريح أو بيان بمناسبة وبدونها رغم عدم وجود أية مشاريع انفصالية معلنة أو غير معلنة . .
لاشك أن السنوات الخمس الماضية وما شهدته من قتل وتدمير، أحدثت جراحات عميقة على صعيدي الجغرافيا والديموغرافيا، فتحولت سورية بحكم الأمر الواقع إلى كيانات متنافرة ، يقتطع كل منها قسماً من الأرض يتناسب مع إمكاناته العسكرية، ويقيم عليها ما يشبه الكيان المستقل بأمنه واقتصاده وعلاقاته الإقليمية ويفرض النمط السياسي والاجتماعي الذي يناسبه ، لكن هذا التقسيم الواقعي لا يعني بأن هذه الكيانات رسمت وضعاً نهائياً للحدود الجغرافية والسياسية ، وبسبب خضوعها لموازين القوى العسكرية وامتثالها لحالة الكر والفر، فإنها تتمدد وتتقلص بين ليلة وضحايا ، وهي بالنهاية ليست أكثر من مناطق نفوذ تسمح للقوى التي تسيطر عليها بأن يكون لها موقع أو حصة في التسوية المحتملة ، وليست بأي شكل من الأشكال صورة لما ستكون عليه سورية المستقبل.
والسؤال الذي يتبادر الى الذهن مباشرة ، هل هناك إمكانية لتقسيم سوريا فعلياً، أم أن حديث التقسيم مجرد” فزاعة” لزيادة السعير القومي و الطائفي ، ومشجب تعلق عليها الأطراف المتحاربة فشلها وأخطاءها ؟
ورغم أن الكرد – أول المتهمين بالرغبة بالانفصال – يشكلون شريطا بشرياً متقطع الجغرافيا في الشمال السوري فهو يفتقد إلى مقومات الحياة ككيان أو كدولة قائمة بذاتها ، لأسباب عديدة لا مجال لبحثها هنا منها تحديات الجغرافية أولا، و تحدي الجار التركي الرافض لإقامة أي كيان كردي الى جواره . ولا تشكل المناطق الشرقية أو الشمالية في سورية، دير الزور والرقة خصوصية قومية تسمح لها بالتفكير بأي حالة انفصالية ،وهي بالتالي غير مؤهلة لتكوين كيان سياسي مستقل .
قد تداعب فكرة التقسيم مخيلة الكثيرين ، لكن وقائع الجغرافيا والديموغرافيا العنيدة والمحيط الدولي والإقليمي ، تجعل هذا الطرح طوباوياَ وبعيداً عن الواقع ، الأمر الذي يثير الكثير من التساؤلات حول جدوى إثارة الخوف من التقسيم . وأغلب الظن أن الخلط المتعمد بين الفيدرالية والانفصال يأتي في سياق الهروب من الاستحقاقات السياسية المطلوبة في مواجهة قضية الكرد في سورية.
أما تعميم الخوف المتعلق بانفصال العلويين أو تقسيمهم لسوريا فهو ليس إلا استحضاراً لأدوات النظام نفسها في محاربة خصومه ، فالساحل السوري ليس كياناً طائفياً متجانساً ، ورغم امتلاكه لميزة الحدود البحرية ،فلاتزال محددات التوازن الدولي والإقليمي هي المقررة ، كما يبدو شبه مستحيل إقامة كيان علوي خالص ذي لون طائفي واحد في الساحل ، إلا إذا قام النظام بعمليات تهجير ممنهجة ، وهي لم تحدث حتى الان ، بل العكس تماما استقبل الساحل يقارب النصف مليون من السنة .
إن لغة التجييش الطائفي والتخويف بالتقسيم، التي أمتهنها البعض، و باتت تشكل لاحقات شبه دائمة للخطاب الإعلامي المعارض والمؤيد ، ليست إلا محاولة بائسة للهروب إلى الأمام .
إن حالة الكيانات المشرذمة ،وخاصة في حال استمرارها لفترة طويلة، وما تفرضه من أوضاع خاصة بكل كيان تشكل بالمعنى الواقعي عقبة أمام إعادة دمج وتوحيد الكيان السوري الذي سيكون عملية صعبة ومعقدة لكن ما يدعو إلى التفاؤل هو ان جميع المكونات الدينية والقومية والطائفية لا تزال رغم كل التوظيف السياسي للأطراف المتحاربة كلها او بعضها لا تزال تحلم بسورية موحدة وقابلية هذا الحلم للتحقق تتعلق بوجود رؤية مستقبلية تعطي المكونات القومية حقوقها المشروعة وتقيم نظاماً أساسه المواطنة التي تحفظ حقوق الجميع كسوريين بغض النظر عن أديانهم وطوائفهم.
غير معروف
مساء الخير
بالحقيقة عندي ثلاث اسئلة متعلقة بسلوك القوى الكردية وبشكل خاص حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي
الاول لماذا تم قمع التظاهرات في المناطق الكردية والحراك السلمي المنفتح والمتفاعل مع حراك الوطن السوري وطبق شبه هدنه وتفاهم من تحت الطاولة مع النظام في بداية الثورة وتهجير العرب والكرد المعارضين لذلك النهج
؟
والثاني لماذا اتخذ قرار باعلان الفيدرالية من جانب واحد وبدون النظر الى ما يريده السوريين برغم ان قانون الادارة اذاتية نص وكذلك ادبيات الحزب على رفض نظام الفيدرالية بمجرد ما تغير التواز ن العسكري على الارض؟
الثالث لماذا سمح باقتطاع ارض سورية واعطائها للامريكان لبناء قواعد عسكرية عليها في مطار رميلان وغيره وبالتالي وضع كامل البيض بسلة هؤلاء مع ادارة الظهر للمعارضة السورية بالداخل والخارج؟
ثم لماذا الامتداد العسكري في المتاطق الجغرافية المتواجد فيها اكراد والمشاركة في محاصرة حلب في منبج وغيرها بالمشاركة مع قوات النظام والمليشيات
الطائفية ؟
الم يعطي ذلك التمدد العسكري ذريعة للتدخل العسكري التركي بالشمال وبالتالي ادخال الاكراد بمغامرة غير محسوبة العواقب ؟