أمريكا مابعد “أوباما”؟

%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%81%d8%aa%d8%aa%d8%a7%d8%ad%d9%8a%d8%a9-300x145_1024x494-1

تتركز العيون إلى سباق الانتخابات الأمريكية الذي يحمي وطيسه مع اقتراب خط النهاية بعد أسابيع, فيزداد الشد العصبي عند حكام المنطقة وربما شعوبها أيضاً, مع تتالي مناظرات المرشحين, الديمقراطية “السيدة” وللمرة الأولى أمريكياً “هيلاري كلينتون” وزيرة الخارجية السابقة, والجمهوري “دونالد ترامب” الذي أثار جدلاً واسعاً حول قلة خبرته السياسية الجلية في تصريحاته الرعناء.
معلوم أن أمريكا خرجت بعد الحرب العالمية الثانية سيدة للعالم, ومازالت تتربع العرش, سيما بعد زوال خصمها التاريخي الاتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية في القرن المنصرم, وبالرغم من ظهور اقطاب متعددة كالصين واليابان وألمانيا, فضلا عن الاتحاد الروسي وتشكل الاتحاد الاوربي, إلا أن امريكا استمرت تفرض نفسها كشرطي العالم الأول, ومديراً لأزماته!! حتى خلال فترة ادارة “اوباما” الانسحابية, حيث واجهت محلياً بإقتدار ملفات الازمة الاقتصادية العالمية وانجزت تقليص الاعباء على الخزينة والمواطن الامريكي, فضلاً عن تحسن معدلات النمو, بالرغم مما شهدناه خارجياً كالانسحاب من العراق والقرار بعدم التدخل العسكري في سورية.
وراح الاوربيون يتفاعلون بحذر مع ظاهرة “ترامب” وهي المتناغمة مع صعود اليمين الاوربي إثر تدفق اللاجئين بكثافة, متمنين بالطبع فوز السيدة المختبرة “هيلاري” والمنسجمة مع الخط الديمقراطي الامريكي حيث ليس من المتوقع أن تشذ بشكل سافر عما خبروه في تقاليد سياسة الولايات المتحدة تجاه المنطقة والعالم. فلقد صرح “ترامب” مراراً, رغبته بالتعاون مع المنافس التقليدي “الاتحاد الروسي” والانفتاح بكل المجالات عليه لطي خلافات الماضي.
ولكن يبقى السؤال الحارق: ما تأثير نتيجة الانتخابات على سياسة الولايات المتحدة العميقة تجاه المنطقة؟
ولماذا هذا التناقض الآني بين تمنيات الأسدي والأيراني حيث يخشى الأخير من ولوج “ترامب” إلى البيت الابيض, لأن الأخير كان قد أبدى تشدداً حيال ايران واتفاقات البرنامج النووي معها, في حين راحت “كلينتون” تجاهر بتأييدها للتسوية مع ايران وللاتفاق ومخرجاته. بينما يراهن صبيهم “بشار الاسد” ونظامه على فوز “ترامب” الذي وعد بتغيير أمريكي نوعي سورياً, فهو غير مبالي بالثورة السورية وارادة الشعب السوري, وهو المقتنع تماماً بالشراكة مع قوات “بوتين” وعسكر “الاسد” بوجه الأرهاب القاعدي المنفلت داعشياً في المنطقة -كما يظن-, حيث لعب “ترامب” خلال سباق الرئاسة كثيراً على معزوفة الارهاب, والحرب على داعش التي كانت قد خدمت نظام “بشار” ومازالت تحجب حقيقة حربه الشعواء على شعبه وتحشد له الجمهور والحلفاء من كل الاصقاع.
من نافل القول أن محددات السياسة الأمريكية لا تختصر بتصريحات المتسابقين إلى البيت الأبيض خلال الحملات الانتخابية المحمومة, اذ تبقى هذه السياسة مستقرة نسبياً وخارج فرص التغيير الجذري حيال مسائل المنطقة, بسبب طبيعة مصالح الولايات المتحدة وتقاطعها مع مصالح حلفاءها, كالاتحاد الاوربي وإسرائيل وتركيا ودول الخليج, وانشغال “العم سام” بالقضايا الكونية كمواجهة تمدد التنين الصيني المتصاعد, والتحديات التي تعصف بالاقتصاد والبيئة العالمية.
بالواقع لقد رسخت ادارة “أوباما” السياسة القائمة على بناء التحالف الدولي ضد الارهاب, لضبط تغول الفكر المتطرف وضبط طموحات إيران بآن واستنزافها هي والروس أيضاً عسكرياً وأخلاقياً, وجعلت في طليعة أولوياتها خلال المرحلة القادمة “دحر داعش” ولهذا كان تحالفها المستقر مع قوات “سورية الديمقراطية” ودعمها للجيش العراقي والبيشمركة في ذلك, الأمر المرشح للاستمرار في المدى القريب والمتوسط, وهي التي لعبت دور حماية “السنّة” المعتدلين, كما فعلت في “كوسوفو” وليبيا يوماً, وتسعى الى الحل السياسي بسورية, ومن يدري فقد تدفعها نتائج عملية تحرير الموصل والرقة القادمة, مع استمرار حماقات النظام وصلافته برفض استحقاق التاريخ والانتقال السياسي في سورية, إلى ضرورة فرض ذلك بالقوة على كل الاطراف التي تمانع الحل سيما نظام الاسد المتوحش, فلا مخرج من عنق الزجاجة الحالي الا بانصياع الجميع قسرياً لضرورة الانتقال السياسي.
تيار مواطنة – 3/10/2016

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة