ترامب رئيساً لأمريكا…!
أخيراً انتهى سباق الرئاسة الامريكية ، وفاجأ المرشح الجمهوري دونالد ترامب العالم قبل الامريكيين ، بالفوزعلى منافسته الديمقراطية هيلاري كلنتون ،رغم تقدمها في كل استطلاعات الرأي بعدة نقاط ، لتنتهي بذلك ثمانية اعوام من حكم الديمقراطيين ولتبدأ الفترة الترامبية الجديدة التي خلطت الاوراق ، بقدوم رئيس من خارج دائرة العلاقات السياسية والدولية .
لقد شكل انتخاب دونالد ترامب في الثامن من نوفمبر/ تشرين الثاني مفاجأة وصدمة كبيرة لاستطلاعات الرأي والمحللين السياسين وكل المراقبين والمتابعين لانتخابات الرئاسة الامريكية وكان بمثابة زلزال سياسي هز المجتمع الامريكي واقلق العالم ، لم يكن يتوقع أحد ان تكون الظاهرة الترامبية ،رغم غموضها ،منتشرة بهذا الحجم والاتساع ومتغلغلة داخل وجدان الناخب الامريكي وخاصة الابيض منه .
قد يكون من السابق لأوانه التنبأ بما ستكون عليه السياسة الامريكية بعد فوز ترامب ، لكنها ستشهد بعض التغييرات او التعديلات في الشرق الاوسط ، وقد نشهد محاولات للتوصل الى تفاهمات مع روسيا ، قد تشمل اسرائيل وتركيا وربما ايران ايضا رغم تصريحاته حول الغاء الاتفاق النووي الايراني او تعديله ، وقد تتأثر بعض الملفات مثل اتفاقية التغير المناخي والعلاقات الاقتصادية والتجارية والعلاقة مع حلف الناتو لأنه ينظر اليها كعقد تجاري ، وقد تجلى ذلك في تصريحاته – يجب على الدول ان تدافع عن نفسها –لأنه لا يريد ان تتحول امريكا الى حارس مجاني للعالم، حيث تشكل تيار عريض منذ فترة عبرت عنه الترامبية بسبب طبيعته الاقتصادية والانتهازية التي تدعو الدول الى دفع نفقات حمايتها – لكن هذه المخاوف لا تنسحب على اليمين الاوربي الذي يجد في الظاهرة الترامبية داعماً ونصيرا لسياسته ، وخاصة فيما يتعلق باللاجئين والاسلام وعدد من الملفات الاخرى، وكما نعلم في النظام المؤسساتي الامريكي، فان الرئيس لا يستطيع التاثير كثيراً في مصالح امريكا ، رغم بعض الصلاحيات الممنوحة له ، في الوقت الذي يستطيع الكونغرس ان يصوت ضد القوانين التي يصدرها الرئيس ، فالخوف الكبير يكمن في وجود ترامب الاقتصادي الذي يمكن ان ينظر الى موقع الرئاسة كمنصب لمدير شركة دون التمييز بين العمل الخاص والعمل العام .
ان تصريحات ترامب فيما يخص الاسلام والعالم العربي والاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل مستفزة و مثيرة للقلق وتدعم موقف اليمين الإسرائيلي الذي هلل لفوز ترامب بدرجة كبيرة ، فالأفكار المتشددة والمتطرفة هي ما توحد الطرفين، وهذا تطور مهم يجب الانتباه اليه ،لان ترامب سيكون حليفا وصديقا حقيقيا لإسرائيل .
اما المعارضة السورية المسلحة وغير المسلحة فإنها ستكون الخاسر الاكبر من فوز ترامب ، فكلنتون وعدت بتسليح المعارضة السورية ،واقامة مناطق امنة ، وتسليح الاكراد ، ربما يكون نسبياً الرابح هو بشار الاسد الذي يتمسك بالسلطة ويريد الاستمرار في الحكم ولو على جثث السوريين ، فالبديل كما قال ترامب هو الارهاب وداعش لأنه “حتى لو انتصرت المعارضة في سورية فقد تنتهي بأسوأ من الاسد ”
ربما يسحب ترامب اليد الامريكية من سوريا ويبقيها في العراق وفي اماكن اخرى ، لكي تحسم روسيا وحلفائها الوضع في سوريا ، لكن الامر لن يكون بهذه السهولة لان هناك السعودية وقطر والاردن وتركيا وفرنسا …الخ ، فمصلحة امريكا هي في خروج روسيا والميليشيات الشيعية من سوريا ولذلك سيتقدم الحل السياسي ولا بد ان يقول للروس توقفوا في مكان ما . ربما على ترامب ان يستخدم سياسة اكثر وضوحا واكثر انكشافا في سوريا ، فالسياسة الامريكية السابقة لم تكن الا ظاهرة صوتية ، لكن فيما يتعلق بالموقف من الارهاب وداعش سيكون اكثر حزما من اوباما ، رغم وضع مصالح امريكا اولا، وهو ما قد يدفع بعض حلفاء الولايات المتحدة في اوربا واسيا لعقد صفقات مع الصين وروسيا .
اخيرا كما يبدو فان لدى ترامب خيارات متنوعة وهو كما عهدناه خلال حملته الانتخابية رجل المفاجأت ، ورغم رفض ترامب لأي انخراط خارجي مكلف للولايات المتحدة ، وتركيزه على المصالح الوطنية الامريكية ، فان على المعارضة السورية ان تتعامل مع الخيارات التي تنسجم مع مطالب الشعب السوري في اسقاط نظام الاسد ودحر الارهاب .
تيار مواطنة 14-11-2016