أنقذوا حلب قبل فوات الأوان

 

حلب ذاتها التي كانت عاصمة لطريق الحرير، تتعرض منذ فترة طويلة، والآن خصوصاً، إلى واحدة من أبشع الكوارث الإنسانية في العصر الحديث.

استطاع النظام السوري وحلفاؤه من المليشيات الأجنبية والمحلية وبغطاء جوي روسي، في الأسبوع المنصرم، تضييق الحصار على أحياء مدينة حلب الشرقية، والسيطرة على كامل القسم الشمالي الشرقي، وذلك بعد هجمة عنيفة أدت إلى إخراج كامل المرافق الحيوية والمنشآت الطبية عن الخدمة.

وقد بعث تقدم النظام السوري وما رافقه من انسحاب الفصائل المعارضة، انطباعاً عاماً عن حصول هزيمة عسكرية، تمهد لسقوط كامل المدينة التي تتمتع بأهمية استراتيجية، الأمر الذي سيغير واقع موازين القوى ويؤثر على المسارين العسكري والسياسي معاً. إلا أن مثل هذا السقوط يبقى صعباً، في ظل وجود إمكانيات كبيرة للصمود، واستعداد لتدارك الأخطاء التي وقعت، وأدت عملياً إلى هذا الضعف أمام العدو.

وأصبح واضحاً الآن أن النزعة الفصائلية، وسلوك أمراء الحرب، والتساهل مع التطرف والارتهان للقوى الداعمة، والنزاعات الداخلية بين الفصائل؛ كلها أسباب عضوية لما آل إليه الحال في حلب. إذ إن مشكلة وجود جبهة فتح الشام –النصرة، داخل الأحياء المحاصرة، وعدم التعامل الجدي معها من قبل الفصائل العاملة بروح مسؤولة، خلق ثغرة وذريعة استثمرها النظام السوري وروسيا في خرق الهدنة أحادية الجانب. كما أن طبيعة الدعم الإشكالي للفصائل، أدت بشكل كلي، إلى التأثير سلباً في العمليات العسكرية على الأرض، يضاف إلى ذلك عدم وجود تفاعل عسكري بين الفصائل العاملة داخل الأحياء المحاصرة وخارجها، بما في ذلك قوات درع الفرات المدعومة من تركيا.

إن وجود مراقبين دوليين للوضع على الأرض يشكل ضرورة حيوية برأينا، بعد إقرار هدنة حقيقية تتفق عليها جميع القوى المؤثرة بوضوح يخلو من الثغرات التي طالما وضعتها بعض الأطراف لإفراغ الهدنة من مضامينها حتى الآن. كما أننا نرى أن المرحلة الراهنة تتطلب وحدة المستويين السياسي والعسكري للمعارضة ووضع استراتيجيات مدروسة لمواجهة الواقع، إضافة إلى الطلب من الأطراف الإقليمية أن تطور دعمها النوعي العسكري بعد بروز إشارات على استنكاف القوى الدولية التي كانت تتحكم بالموضوع.

وعلى الرغم من أن هذه الحالة السياسية والعسكرية في حلب، بالغة الأهمية على واقع ومستقبل بلادنا، إلا ان الكارثة الإنسانية المحدقة هي التي يجب أن نلفت انتباه العالم إليها فوراً، فالاحتياطات الغذائية والطبية والحيوية قد نفذت، وهنالك أكثر من ربع مليون إنسان مهددين بالموت، جوعاً أو حاجة، أو لانعدام أبسط متطلبات الحياة.

إنه نداء للعالم إقليمياً ودولياً: أنقذوا حلب قبل فوات الأوان.

تيار مواطنة 1/12/2016

 

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة