تحرير أم تدمير؟ حرب مفتوحة على الكل ومع الكل.
تحرير ام تدمير؟ حرب مفتوحة على الكل ومع الكل .
هل يجب علينا القول أن الثورة مستمرة وإلى الأمام، لأي تقدم تحرزه الفصائل المعارضة المعتدلة، أو حتى المصنفة إرهابياً، في مواجهة النظام، وهذا ما يفعله أغلب من يمثل المعارضة والهيئة العليا للتفاوض، أم أنه علينا أن نقول الحقيقة ونرفع الصوت عالياً، مطالبين بالوقوف ضد هذه الحرب العبثية التي وقودها البشر والحجر؟
انطلاقاً من شرق دمشق، وقبل بدء مفاوضات جنيف، فاجأت بعض فصائل المعارضة المسلحة و”هيئة تحرير الشام”، النظامَ في عقرداره، وتقدمت عليه في بعض الاحياء، وذلك في رد عسكري ربما غير مدروس جيداً على محاولات النظام السيطرة على مناطق شرق دمشق الخارجة عن سيطرته، مما أربك نظام الأسد وحلفاءه وعلى رأسهم الروس، فبدأوا بالرد بشكل انتقامي وبكل ما أوتوا من قوة، حتى وصل عدد الغارات الجوية في يوم واحد على حي جوبر الى 67 غارة مخلفة دماراً هائلاً، ومجسدة من جديد شعار “الأسد أو نحرق البلد”.
وبنفس التوقيت أو بعده بأيام بدأت معركة “ريف حماة الشمالي” لتحرز الفصائل المشاركة تقدماً كبيراً في مناطق سيطرة النظام، وليفر الشبيحة بشكل جماعي إلى قراهم القريبة في ريف الساحل، وليفسر المراقبون الأمر باعتباره تعزيزاً لموقف المعارضة في جنيف، رغم عدم وجود تنسيق أو تناغم سياسي عسكري بين المقاتلين على الأرض وبين الوفد المفاوض، وهذا السيناريو تكرر أكثر من مرة فهل هو مدروس عسكرياً وسياسياً ليحقق نتائج غير قابلة للإنتكاس؟
وكالعادة يقوم النظام بالرد بقصف جوي غير مسبوق، يطال ريف حماة الشمالي بمجمله، الذي انسحبت قواته منه، وليطال القصف كامل محافطة إدلب مدينةً وريفاً وكذلك ريف حلب، مخلفا دماراً هائلا بالأرواح والممتلكات.
وفي مكان آخر، وعلى جبهة أخرى وهي جبهة مكافحة الإرهاب، تقوم طائرات التحالف بقصف مسجد في قرية “الجينة” بريف حلب الغربي مخلفة العشرات بين قتيل وجريح، ليتبعها بأيام وعلى أصوات قعقعة السلاح، التحضير لمعركة الرقة، والخلاف على من تكون له الحظوة في نيل شرف المشاركة في هذه المعركة، وحصد المكاسب، لتكون النتيجة مجزرة كبرى ب”المنصورة” في ريف الرقة، تكون حصيلتها، هذه المرة، المئات من النازحين الذين فروا من جور النظام وغيره، وفي الرقة تسود حالة من الرعب والضياع والترقب، حيث ازدادت عمليات النزوح بعد أن راجت إشاعات عن إمكانية انهيار سد الفرات.
مجازر عديدة لأناس يموتون بصمت وتدمر بيوتهم ويهجَرون، هذه أمثلة وشواهد بسيطة تكررت على مدى سنوات الحرب في سورية، ويقيننا أن كل هذه الأطراف المتقاتلة، وبدون استثناء، ليس هدفها أن توصلنا إلى دولة المواطنة، ولا أن تكون سورية وطناً لكل مواطنيها، فكل صاحب بندقية يغني على مواله، وليس مستعداً للتفريط ب”تضحياته” من أجل مشروع لا يهمه من قريب أو بعيد.
ورغم جولات “جنيف” المتكررة ومثلها “الإستانة” لم نجد أصواتاً تعلو بقوة، وبشكل جدي وحقيقي، لتحييد المدنيين بأرواحهم وممتلكاتهم ولوقف شلال الدم المهدور، ولا توجد نوايا صادقة من أي طرف كان لوقف حرب المدن.
إننا في “تيار مواطنة”نطالب جميع أطياف المعارضة ورعاة عملية التفاوض والمنظمات العالمية، بالسعي الجدي لتجنيب المدنيين الآثار المدمرة لحرب المدن، وإيجاد الأساليب الكفيلة بتطبيق معاهدات جنيف من أجل تحييد المدنيين والمنشآت الطبية (في الأيام القليلة الماضية تم قصف مشفى اللطامنة في ريف حماة ومشفى أورينت في كفرنبل) والتعليمية والخدمية، والإصرار على أن تكون للملف الإنساني الأولوية على جميع بنود التفاوض، لا محاربة الإرهاب ولا مواجهة نظام الطاغية ولا الحرب الأهلية تبرر قتل أو تهجير أو تهميش أو حصار المدنيين.
“تيار مواطنة”
27.03.2017