الإرهاب لن ينتهي إلا برحيل الأسد..!
مع الإقرار بالتقدم الحاصل سياسياً وعسكرياً، لا يبدو العالم وكأنه على وشك الخروج الكامل من حالة الاستعصاء في التعامل مع الوضع السوري، رغم استمرار معركة الموصل وتقدمها، ورغم الضربة الأمريكية لمطار” الشعيرات”، التي جاءت رداً على استخدام الأسد للسلاح الكيماوي في مدينة “خان شيخون ” في ريف إدلب الجنوبي، وأيضاً مع الحديث عن المرحلة الرابعة لطرد داعش من الرقة، وانتهاء عملية درع الفرات. لذلك فإن مناخات العلاقات الدولية لا تسمح بوجود تصور لحلول قريبة أو سريعة بعد لقاء وزيري الخارجية الروسي والأمريكي في موسكو، الذي أكد فيه الطرفان على وحدة الأراضي السورية ورفض التقسيم الذي يجري ميدانياً، وعلى أولوية طرد داعش، هذا اللقاء الذي جرى بعد تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة “بأن الوقت قد حان لهزيمة داعش ووقف الحرب الأهلية في سورية ” .
لقد عكست هذه التصريحات واللقاءات مساحة التقاطع، ورغبة الطرفين الكبيرة في التركيز على الحل السياسي، بغض النظر عما يضمره كل طرف، ومساحات الإختلاف لا تزال قائمة. الضربة الامريكية توحي بحضور وفاعلية نوعية للسياسة الأمريكية في سورية – بعد فترة طويلة من المشاركة المحدودة تقترب من سياسة النأي بالنفس، وترك الحل العسكري للروس والإيرانيين – وبالطبع قد ترتبط الضربة بأوضاع داخلية أمريكية فتخدم في تبديد الشكوك حول العلاقة المفترضة بين حملة ترامب الإنتخابية والكرملين، وفي تعديل المزاج الداخلي في كلا البلدين لتقبل التفاهمات الأمريكية الروسية القادمة .
ولاشك أن الضربة الامريكية لمطار “الشعيرات” قد ساعدت في إعادة الثقة بالموقف الأمريكي، وأحيت آمال السوريين في إمكانية رحيل الأسد ومحاسبة النظام السوري عن كل الجرائم التي ارتكبها طيلة السنوات الماضية، مستنداً إلى حماية الفيتو الصيني الروسي “المزدوج ” أو الروسي لوحده كما في الجلسة الأخيرة لمجلس الأمن، التي ناقشت مشروع قرار يقضي بإدانة الأسد وإجراء تحقيق في قضية قصف “خان شيخون” بالكيماوي، هذا الفيتوالروسي نجح هذه المرة أيضاً بتعطيل المجلس ومنعه من إصدار أي قرارأممي يمكن أن يساعد في تخفيف معاناة السوريين و محاكمة الأسد.
بعكس الأجواء السابقة لقصف “خان شيخون”التي كانت توحي بالإطمئنان والاسترخاء للنظام الأسد، فقد سبقت الضربة الأمريكية على “مطار الشعيرات”، مواقف في الإتجاه المعاكس فتصريحات “نيكي هايلي” في مجلس الأمن وحتى تصريحات” ترامب” نفسه كانت توحي بالقيام بعمل ما، وبالطبع لدى ترامب أسبابه الشخصية والحزبية والعامة التي دفعته إلى تنفيذ هذه الضربة، ومن خلالها حاول استعادة قوة الهيبة الأمريكية، وإعادة الثقة بدورها في رسم خريطة السياسة العالمية، ووضع حد للغطرسة الروسية والعربدة الإيرانية.
يتوجب الآن على المعارضة السورية الإستفادة من الأجواء العالمية الجديدة والتلاقي معها، فهذه الأجواء تركز على أولوية محاربة داعش والنصرة، وهذا ما ينسجم تماماً مع المصلحة الاستراتيجية للثورة السورية، ومن ناحية أخرى إن هذه الأولوية تترافق مع خطاب عالمي جديد، يطرح بقوة، مركزاً على رحيل الأسد كضرورة وكأساس متين لأي حل سياسي في سورية، فالأسد لا يمكن له أن يستمر بحكم سوريا إلا بوجود الإرهاب، وبانتهاء الإرهاب لابد أن يقرر الشعب السوري مصيره بشكل يليق بتضحيات السوريين ودماء الشهداء، ولن يقبل بأقل من إقامة دولة وطنية ديمقراطية تعددية، دولة المواطنة المتساوية والحقوق المتساوية.
لقد حان الوقت للدخول على خط الإطار التنفيذي للقرار 2254 لأن الظروف والمناخات الحالية والمسارات المتوازية أو المتقاطعة تدفع بهذا الاتجاه، ولم يعد الأمر مجرد كلام تبشيري أو رغبوي بل حقيقة واقعة وبرامج مطروحة للتنفيذ وإن كانت تحتاج إلى بعض الوقت، وعلى المعارضة أن تحسن التقاط اللحظة الراهنة، والاستفادة من المزاج الدولي وميله العام .
لقد أصبح ثابتا في الخطاب السياسي الإقليمي والدولي، باستثناء الروس والإيرانيين بالطبع، أن النظام السوري “الأسدي” مسؤول عن وجود داعش والنصرة والتطرف عموما في المنطقة، سواء كتأثير مباشر لسياسته القمعية والوحشية والطائفية ، أو عبر مسؤوليته غير المباشرة في رعاية التطرف والإرهاب عموماً، فالأسد هو مغناطيس الإرهاب، وهو مسؤول عن كل ما يجري في سورية من قتل وتشريد وتدمير، ولا يمكن للإرهاب ان ينتهي في سورية خصوصا والمنطقة عموماً، إلا برحيل بشار الأسد وزمرته القاتلة، وتقديمهم للعدالة لينالوا جزائهم العادل جراء ما اقترفوه من جرائم بحق الشعب السوري .
“تيار مواطنة” 17.04.2017