التهجير القسري جريمة حرب


اتفاق المدن الأربعة اتفاق العار

استخدم النظام السوري، خلال السنوات الست، الحصار المطبق والتجويع ضد المناطق المتمردة على سلطته، وطال هذا الحصار والتجويع جميع قاطني هذه المناطق من مدنيين أو جماعات مسلحة متمردة، واستُخدِم كسلاح حرب للتركيع والوصول إلى التهجير أو الإبعاد في أغلب الحالات.إن التهجير القسري وفقاً للقانون الدولي هو(ممارسة تنفذها حكومات أو قوى شبه عسكرية أو مجموعات متعصبة تجاه مجموعات عرقية أو دينية أو مذهبية بهدف إخلاء أراضٍ معينة وإحلال مجموعات سكانية أخرى بدلا عنها(.
أما الإبعاد فهو” إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان، أو الاشخاص المعنيين، قسراً من المنطقة التي يوجدون فيها بصفة مشروعة، بالطرد أو بأي فعل قسري آخر دون مبررات قانونية يسمح بها القانون الدولي”.

وقد اعتبرت اتفاقيات جنيف الاربعة المؤرخة في 12أغسطس 1949م والبروتوكولان الملحقان بها لعام 1977م ، أن التهجير القسري يرقى إلى جريمة حرب، وإن المادة 1/ 6 من نظام روما الانساني للمحكمة الجنائية الدولية تجرم عمليات التهجير القسري وتعتبرها جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية.

وفقاً للفقرات السابقة قام النظام السوري بمخالفة القانون الدولي بإبعاد السكان المدنيين من الكثير من المناطق المتمردة (حمص القديمة والزبداني وداريا والآن في الوعر)، ولكنه لم يقم باستبدالهم حتى الآن مما يسمح بتوصيف الحالة باعتبارها جريمة إبعاد، فاستخدام الحصار والتجويع، والتهديد المبطن الذي يخلق مناخاً من عدم ثقة السكان بالنظام، وهم الذين خبروا كذبه وإخلاله بوعوده والتزاماته، سمح للنظام  بإبعاد الجميع بما فيهم المدنيين الذين يختارون القبول بالرحيل خوفاً من العقاب، وهو ما يعتبرفعلاً قسرياً حسب التعريف القانوني الدولي، وقد جرمه اتفاق جنيف الرابع في مادته رقم 49.

هكذا فإن اتفاق المدن الأربعة هو اتفاق تهجير مكتمل الوصف حسب تعريف القانون الدولي (وجرَمه نظام روما في المادة 1/6 منه) فهو يقضي باستبعاد وتهجير متبادل لمجموعات مذهبية بناء على انتمائها المذهبي وقد تم باتفاق الأطراف قطر، إيران، وحزب الله مع جبهة النصرة وأحرار الشام بقبول النظام السوري و تجاهل مصالح الشعب السوري، بل استخدِم هذا الشعب لخدمة مصالح خاصة بكل طرف من أطراف الاتفاق، فاستعاد القطريين أمراءهم المخطوفين، وأمنت إيران منطقة خالية من التمرد على حدود لبنان لمصلحة حزب الله، وقبضت النصرة أموالاً طائلة ثمناً للصفقة، ولكن من دفع الثمن هم سوريون من أطياف متعددة، أبعدوا عن بلداتهم وهجروا قسرياً إلى مناطق أخرى.

حتى الآن من الواضح أن أهالي الزبداني ومضايا هجروا إلى إدلب وريفها ، التي هجر إليها سابقاً كل من تم إبعاده من المناطق المتمردة، ولكن لم يتضح أين سيسكن أهالي الكفريا والفوعة، فقد تضاربت الأنباء عن وجهتهم الاخيرة، هل هي حلب وقد وصل إليها بعضهم، أم اللاذقية التي وصلت تسريبات عن وصول بعضهم إليها أيضاً، أو هي المناطق التي أخليت سابقا في حمص وريفها كما تحدثت بعض وسائل الإعلام، وهل المناطق التي نقلوا إليها في حلب هي المناطق التي أبعد منها أهالي حلب في إتفاق سابق تم بموجبه إفراغ حلب الشرقية أم مناطق أخرى؟ إن الأيام القادمة كفيلة بتوضيح الأمور التي قد تحول جريمة الإبعاد التي قام بها النظام على مدى السنوات الماضية إلى جريمة تهجير قسري، علما أن كلا من الإبعاد والتهجير هما جريمتان بعرف القانون الدولي قد تصلان الى مستوى جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية.

إن “تيار مواطنة” يدين اتفاق العار، اتفاق المدن الأربعة ويعتبره جريمة حرب قام بها كل المتفاوضين الذين أبرموه، كما يدين كل جريمة إبعاد، ويدعو المجتمع الدولي للضغط من أجل عدم استخدام الحصار الذي يؤدي إلى الإبعاد والتهجير كوسيلة حرب من قبل كل الأطراف، وإلى الحرص على حماية المدنيين وتجنيبهم ويلات الحرب من حصار وتجويع وإبعاد وتهجير وقصف عشوائي وعقوبات جماعية بهدف الانتقام، ويطالب المجتمع الدولي بالضغط على كافة الأطراف الدولية المتدخلة بالوضع السوري من أجل عدم استخدام المدنيين مادة لتحقيق المصالح الخاصة لأطراف محلية أو إقليمية أو دولية على حساب مصلحة الشعب السوري.

يرى”تيار مواطنة”  أن استمرار جرائم الإبعاد والتهجير القسري يزيد من شروخ المجتمع السوري، ويرى أن لا إمكانية لإنهاء الحرب والوصول إلى دولة المواطنة دون عودة كل النازحين والمبعدين والمهجرين قسرياً إلى مناطق سكنهم الأصلية، ومحاسبة كل مجرمي الحرب الذين قاموا بانتهاكات وجرائم حرب.

 

” تيار مواطنة”

24.04.2017

 

 

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة