نقاط استناد للحوار واستطلاع المواقف والآفاق والتنسيق والتعاون المؤقت أو التحالف المرحلي أو الاستراتيجيِ
ملاحظات عامة :
1ـ يقسم السياق التاريخي الذي يتم فيه التواصل والحوار والتفاعل إلى المراحل التالية وسيكون لكل مرحلة بالطبع نقاط استنادها وتحالفاتها
أ ـ ماقبل المرحلة الانتقالية
ب ـ أثناء المرحلة الانتقالية
جـ ـ مابعد المرحلة الانتقالية وإعادة تأسيس الدولة السورية والمجتمع والوطن
ـ تقسم المرحلة الانتقالية نفسها إلى الفترات التالية وسيكون لكل فترة مقتضاها 2
أ ـ فترة تأسيس هيئة الحكم الانتقالي
ب ـ فترة صياغة الدستور وإقراره
جـ ـ فترة الانتخابات التشريعية والرئاسية
أولا : فيما يخص المرحلة ما قبل الانتقالية : من المفهوم بالتأكيد أن تكون لهذه المرحلة أولويتها وأهدافها التي تتباين أو تتقاطع أو تتطابق مع بعض المراحل الأخرى , ومن المفهوم أيضاً أن يكون الحقل السياسي ووضع نهاية للصراع الدامي هو مركز الحوار والفعل والتحالفات فيها , ومن المفهوم أيضاً أن تكون دائرة الحوار والتحالفات أوسع ما يمكن وأن تكون النقاط التي يستند إليها أقل ما يمكن على قاعدة المبدأـ الفلسفي المنطقي الذي يقول : “كلما قل التضمين زاد الشمول” بمعنى كلما قلت النقاط المتضمنة في البرامج كلما زاد المشاركون واتسعت الدائرة الأمر الذي يعني أن النقاط التالية يمكن أن تكون مقدمة لهذه الدائرة التي نسميها الدائرة الأولى العريضة والتي يمكن- بل يجب – أن تضم قوى مختلفة في ايديولوجياتها وانتمائها الطبقي و ….. إلخ و برامجها الاجتماعية والاقتصادية من اليمين إلى اليسار إلى الوسط , و من المكونات كافة ومن هذه النقاط على سبيل المثال – لا الحصر- –
1ـ التأكيد على أولوية الدولة العمومية غير الطائفية وغير الاستبدادية وغير الاسلامية – المتطرفة بشكل خاص – ومن حسن الحظ أن جميع القرارات الأممية تنص على ذلك بشكل أو بآخر , ومثل هذه الدولة تحتاج بالطبع إلى المزيد من دعم المجتمع الدولي والإقليمي والعربي والقطاع الأوسع من المجتمع المحلي بقواه كافة الاجتماعية والسياسية والعسكرية والثقافية , مثلما هي بحاجة للطبع إلى وضع حد للصراع العسكري الدامي بكافة أشكاله وأطرافه .
2ـ التأكيد على وحدة سورية أرضاً وشعباً ومصيراً بصرف النظر عن شكل الدولة – المركزي – أو –اللامركزي – وطبيعة النظام السياسي وشكل الحكم وطبيعة الحكومة .
3ـ ومن نافل القول أن ذلك يحتاج ولا يمكن أن يتأسس إلا على الأمرين التاليين وهما لب المشكلة والحل
أ ـ الرفض الحازم لاستمرار النظام القائم بأي شكل من الأشكال كلياً أو جزئياً خارج نطاق الفترة الأولى والثانية من المرحلة الانتقالية مع بقائه بالطبع بوصفه قوى وأشخاصاً ومؤسسات يُعمل على إضمحلالها بأسرع وقت وبشكل جذري في نهاية الفترة الثالثة من المرحلة الانتقالية وفيما بعدها , في مرحلة إعادة تأسيس سوريا الجديدة وطناً وشعباً ودولةً ونظاماً سياسياً وحكومة .
وفي نطاق هذا الرفض من المهم الاستمرار في التأكيد على رفض السلطة الأسدية – صانعة القرار والدائرة الضيقة الأولى – بكامل شخوصها وبنيتها وارتباطاتها.
ب- الرفض الجذري وبالقدر السابق نفسه لأي دولة اسلامية مفروضة بقوة البندقية أو بدعم بعض الدول والقوى الإقليمية العربية وغير العربية – وهذا من المرجح أنه لم يعد ممكناً بعد الآن وبخاصة بعد الاستدارة التركية والموقف الدولي بشكل عام – ليس هذا فحسب بل و رفض الدولة الإسلامية في نطاق أي حل سياسي متوقع ونقصد بالدولة الإسلامية دولة الدستور الإسلامي وحكم الشريعة الإسلامية الكلي أو الجزئي وهذا أيضاً غير مرجح لحسن الحظ لأن المجتمع الدولي بشكل عام والإقليمي أيضاً إلى حد كبير هو ضد ذلك – مثلما أن أوساطاً واسعة من الشعب السوري – نجرؤ على القول الأغلبية منه – لا تؤيد ذلك أيضاً وتشمل هذه الأغلبية الأطراف المتخندقة والمستقطبة على ضفتي الخندق اليوم , إلى هذه الدرجة أو تلك بصرف النظر عن النسبة هنا أو هناك ومن حسن الحظ أيضاً أن القرارات الأممية وحتى قرار (2254) ينص على دولة لا طائفية ذات مصداقية وهذا يعني حكماً دولة لا دينية اسلامية أكانت أم غير ذلك
جـ ـ وفي نطاق الأمرين السابقين المركزيين يصبح من مفهوم الاستغناء عن لفظة ( مدنية ) فيما يخص وصف الدولة لأنه لفظ مخادع جرى التواطؤ عليه من قبل جميع الأطراف تقريباً وبشكل خاص الأطراف الإسلامية بمواجهة الصفات الحقيقية للدولة , إذ لا معنى للقول : إن المقصود بالدولة المدنية هي اللاعسكرية واللادينية … إلخ
ومن الأصوب وصفها بأنها دولة ديمقراطية قائمة على مبدأ المواطنة المتساوية بين جميع المكونات الإثنية والدينية والطائفية والمذهبية وبالقدر نفسه بين الرجل والمرأة هذا حتى لانقول في هذه المرحلة أنها علمانية وهي بهذا المعنى مدنية فعلاً وبدرجة أو بأخرى تتبنى بعض مكونات العلمانية – وبخاصة فيما يتعلق بمبدأ المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات وفي كل الحقول من رئاسة الدولة وحتى أصغر وظيفة عمومية , وهي في هذه الحال دولة مدنية بالتأكيد بمعنى دولة دنيوية بحق . وعند هذا الحد ينبغي التمييز بين مثل هكذا دولة في جوهرها وشكلها وبين حكومة إسلامية وهذا أمر ممكن على القاعدة السابقة المذكورة وليس على قاعدة دستور إسلامي وحكم الشريعة وهناك أمثلة على ذلك في العالم .
4- ومن أجل ماسبق يجب التأكيد على أولوية الحل السياسي القابل للحياة – ونؤكد القابل للحياة – لأن أي حل سياسي غير ذلك مفروض بالقوة بشكل أو بآخر , خارجياً أو اقليمياً أو داخلياً سيكون وصفة مجربة لجولة لاحقة من القتال ,و الحل سياسي القابل للحياة هو ما ذكرناه في الخلاص من الدولة الأسدية وقطع الطريق على الدولة الإسلامية , ومن الضروري الإخلاص لهذا المبدأ في السلوك العملي وفي كل الحقول والعمل بكل نزاهة وجدية ومسؤولية وحرص شديد .
5- بالانطلاق مما سبق يجب رفض الحلول العسكرية – لا لأنها غير ممكنة فحسب – حتى لو كانت ممكنة لأن انتصار أي من الطرفين – السلطة الطغمة الأسدية , والقوى الإسلامية المتطرفة – لأنه في الحل العسكري لا مجال لانتصار قوة معتدلة سواء أكانت إسلامية أو غير ذلك في الوضع الراهن والأفق المنظور – نقول لأن انتصار أي من الطرفين هو كارثة حقيقية على سورية أرضاً وشعباً ومصيراً , الأمر الذي يعني ضرورة إعلان ذلك بشكل صريح وواضح وعلني والعمل في سبيله بكل الوسائل الممكنة ومن جميع الأطراف .
6- يجب التأكيد مع كل ماسبق على أن كل شيئ قابل للتغيير طبقاً لتطور الأحداث وتغير المواقف وموازين القوى ومسار المعركة مع داعش وقضايا أخرى بما في ذلك مستقبل مفاوضات جنيف الأمر الذي يوجب اليقظة التامة للتكيف مع التطورات الإيجابية والسلبية فيما يخص الحل السياسي القابل للحياة أو نقيضه أو انفتاح صيرورة أخرى غير منظورة اليوم في الصراع المعقد في سوريا .
7- القبول النظري – المبدئي والعملي بمكافحة الارهاب كما نصت عليه قرارات الأمم المتحدة – داعش والنصرة – وبمكافحة الإرهاب السلطوي الغاشم المستمر دون توقف منذ سنوات وبأشكال مختلفة وبحجوم فاقت كل توقع متشائم , وهذا الإرهاب ليس من اختراع المعارضة , بل هو واضح وضوح الشمس بدءاً من تدمير المدن وحتى المدارس والمشافي والمخابز وصولاً حتى الموت في المعتقلات وخارجها مروراً بكل أشكال القمع والتعذيب المادي والمعنوي الذي وثقته كل المنظمات الإنسانية الموثوقة وحتى المجالس التابعة للأمم المتحدة , وفي هذا الصدد ينبغي حث كل أطراف المعارضة وعلى رأسها الهيئة العليا للمفاوضات عدم التردد في هذا المجال أو الاختباء وراء العموميات أو التلطي وراء ذرائع تافهة والعمل بدلاً من ذلك على الإدانة الواضحة والحازمة للأرهابين بين المذكوريين لأن ذلك في صالح الشعب السوري والمعارضة في نهاية المطاف .
8- تأسيس خطاب فكري – سياسي وطني – ديمقراطي جامع يقوم على ماسبق بما يطمئن جميع مكونات الشعب السوري , ويقلص المخاوف المتبادلة – الحقيقية منها والوهمية – ويطفئ أو يضعف الاستعداد للقتال لإلغاء الآخر أو إقصائه أو تهميشه أو التسّيد عليه ويذوب –أو يبهت على الأقل – الموروث التاريخي البعيد والوسيط والقريب والراهن القائم على رفض الآخر والشك فيه وفقدان الثقة المتبادل والسرديات المظلومية البعيدة والراهنة وتفكيك العوامل التي أدت ويمكن أن تؤدي الى ذلك والابتعاد عن كل مايؤدي إلى الكراهية والعنصرية والطائفية والحقد والإلغاء والانتقام .
9- التأكيد على الرفض الحازم للوجود الإيراني بأشكاله كافة وبخاصة منه العسكري واعتباره الخرق الأخطر على الشعوب العربية وبخاصة منها الشعب السوري بصرف النظر عن الوضع القانوني – السلطوي له وإدانه المليشيات الشيعية التابعة لإيران وبخاصة منها حزب الله واعتبار معركتها ضد الشعب السوري بصرف النظر عن الموقف الأممي هي الأخطر من نوعها وبخاصة لاستثارتها وتأجيجها للصراع على قاعدة الشقاق السني – الشيعي والمطالبة الدائمة باعتبارها ارهابية بشكل أو بآخر والتأكيد على ضرورة رحيلها بأسرع مايمكن أسوة بباقي المنظمات الإرهابية المتفق عليها من قبل الجميع مثل داعش والنصرة .
10- التعامل البراغماتي مع الوجود الروسي العسكري والسياسي والاستراتيجي – القواعد – مع حرية تسميته من قبل كل طرف – وجود , احتلال , عدوان … إلخ . –
والقيام بكل ما من شأنه توسيع التفارق بينه وبين إيران أولاً والسلطة ثانياً , لما في ذلك من فائدة واضحة إن يكن في خلخلة الحلف المضاد وإضعافه , أو التقليص الفعلي للنفوذ الإيراني – والمليشيا التابعة – باعتبار ذلك النفوذ هو الأخطر بكل المعاني راهناً وفي المستقبل لتوفر الأرضية المناسبة بخلاف الأمر مع الوجود الروسي .
11- وبطريقة نفسها – بل بأفضل – التعامل مع الوجود التركي في كل الحقول, مع ترك تسميته أيضاً بكل طرف على الرغم من الدور المأساوي الذي لعبته الحكومة التركية في سوريا , ومن الضروري أن يكون مفهوماً من قبل كل المتحاورين السبب أو الأسباب التي تدعو إلى ذلك .
12- وعلى الرغم من كل ما ذكرناه أو بالاتساق معه وبخاصة مع طبيعة الدولة والبند رقم 8 لابد من التأكيد منذ اليوم على الحقوق القومية – وليس المدنية والسياسية والمواطنية فحسب – للأثنيات طبقاً لحقيقة وجودها كماً ونوعاً , وطبقاً لحجم المشكلة بما يتفق مع المواثيق الدولية المتعلقة بحق الشعوب والأقليات المجتمعية وبخاصة القومية منها , وينطبق هذا الحق بشكل خاص على الكرد – كماً ونوعاً وتاريخاً ووجوداً وقضيةً . –
13- رفض انطباق المبدأ السابق على التجمعات – وإن شئتم الأقليات – ديموغرافياً – الدينية والطائفية والمذهبية مع الانفتاح على كل مايمكن أن يطمئنها وبخاصة على قاعدة البند رقم 8 وسائر البنود الأولى المتعلقة بطبيعة الدولة .
14- من نافل القول بعد كل ماذكر إن مسألة التقسيم غير مطروحة أبداً – بل من حسن الحظ – وعلى النقيض مما تضخه وسائل إعلام المعارضة وبعض الوسائل الأخرى – أنه ليست هناك مشاريع فعلية في هذا الإتجاه – لا محلياً ولا إقليمياً ولا دولياً – مع الانتباه التام للمخططات الإيرانية بهذا الصدد وما دمنا بصدد إيران من المفيد جدا الاستفادة من الموقف الأميركي الجديد الحازم في مواجهة الوجود الإيراني في كل مكان من المنطقة العربية وربما الإسلامية أيضا .ً
15- التأكيد على – والعمل مع الإسلاميين المعتدلين بشكل خاص في الحقلين العسكري والسياسي – وحدة البندقية المعارضة إن لم تكن التامة فعلى الأقل وحدتان – وحدة مايمكن أن يشكل جيشاً حراً – وطنياً فعلاً حتى لو كانت هناك بعض الميول الإسلامية – ووحدة الإسلاميين الواضحين في برنامجهم وطبيعتهم الأسلامية المعتدلة , وضرورة وجود غرفة عمل واحدة مركزية على كامل الأرض السورية باستراتيجية سياسية واحدة , وباستراتيجية عسكرية كذلك عندما يقتضي الأمر ذلك – وبخاصة في الصراع مع العدوين السلطة الطغمة والإرهاب المكشوف وستكون هذه الوحدة والاستراتيجية المركزية أمر حياة أو موت في حال اتخذت الأحداث مجرى مغايراً لجنيف , بل إنها ضرورية جداً حتى في حال أقلعت جنيف أو استدامت أو تعثرت أو تباطأت أو ….. إلخ .
وفي هذه الخصوص يجب أن تكون العين مفتوجة على جميع الفصائل الموجودة اليوم أو التي توجد في رحم الأحداث أو التي يمكن أن توجد مستقبلاً دون أية مواقف قبلية رافضة أو مؤيدة سلفا .ً
16- وفي الحقل السياسي والفعل المباشرين ينبغي القبول – وقد قبل الأمر كما يبدو – بأولوية مكافحة الإرهاب – داعش والنصرة – لأن دحر هذين الفصيلين ستكون له آثار هامة في المجتمع والسياسة والاصطفافات وبخاصة في الخندق الآخر , وعلى النقيض مما كانت تقوله المعارضة – ومما يزال بعضها يقوله – سيكون الرابح الحقيقي في نهاية المطاف هو الشعب السوري والمعارضة والتطلعات المشروعة , لأنه إذا كان من الصحيح أن النظام سوف يستفيد من ذلك راهناً وتكتيكياً إلا أنه سيكون الخاسر الفعلي في نهاية المطاف نظراً لسقوط ورقة الإرهاب الإسلامي التي غزل عليها طويلاً جداً والتي أوصلت إلى ما أوصلت إليه من مواقف دولية وإقليمية وعربية مؤيدة له أو خجولة أو مائعة او خائفة من المواجهة الفعليه معه خوفاً من البديل الأسوأ القادم .
17- وفي نطاق المعركة الدائرة اليوم ضد داعش يجب الإنطلاق من موقف الدعم النقدي للاستراتيجية الأميريكية وبخاصة في معركة الرقة بما في ذلك إبداع موقف براغماتي قادر على خلق علاقة غير عدائية مع قوات – قسد – والدفع بزيادة دور العنصر العربي فيها ليس على قاعدة الكم فقط بل قاعدة القيادة والتسليح والتمويل والإمداد اللوجستي الأمريكي لها بما يجعلها فعلاً وليس قولاً قوات سورية حقيقية من الناحية الرئيسية , ليس كما هو الحال اليوم قوات كردية على جميع الأصعدة من القيادة حتى الخبز مروربالسلاح افي الكم فقط كما يجب التفكير بشكل هادئ موضوعي ومسؤول في طبيعة العلاقة مع وحدات الحمااية الشعبية YPG. وفي كل الأحوال فإن موقف القسم الأعظم من المعارضة اليوم منها خاطئ في جوهره .
18- إيلاء الأهمية الكبرى لمعركة الرقة والدفع باتجاه أن تكون تحت السيطرة العربية في حال تحريرها وعند عدم توفر العوامل الضرورية لذلك الدفع باتجاه السيطرة الأممية – الأمم المتحدة – أو التحالف الدولي بقيادة أمريكا لأن ذلك هو ما يمكن أن يجعل من محافظة الرقة ولاحقاً دير الزور وشمال شرقي حلب – منبج بخاصة – مناطق يمكن استعادة زمام المبادرة السياسية والمدنية فيها بما يجعلها منطلقاً لسوريا المستقبل وإن يكن بالكثير من العثرات والصراعات .
19- وفي النطاق نفسه ينبغي النظر إلى مايطرح حول المناطق الآمنة في الشمال والشمال الشرقي وربما في الجنوب , ليس على قاعدة عودة اللاجئين فحسب – وهي مهمة جداً في كل الحقول – بل على قاعدة العمل السياسي والمدني بشكل خاص , وعند هذه النقطة يجب التأكيد على أن السيطرة التركية أو الفصائل الإسلامية المتطرفة منها والمعتدلة او القوى العشائرية لن يكون من شأنها تحقيق المراد وبخاصة عندما يتعلق الأمر بسيطرة الفصائل العسكرية التي لايبشر تاريخها وواقعها بأي خير على هذا الصعيد الأمر الذي يعني الدفع باتجاه السيطرة الأممية – الأمم المتحدة أو أوروبا أو التحالف الدولي بقيادة أمريكا أو قوة من الجامعة العربية لإدارة المناطق المذكورة حتى إشعار آخر .
20-وفي كل الأحوال فإن الدفع لاستنهاض المجتمع المدني – في كل حقوله المتنوعة – سيكون بمثابة الماء للأرض العطشى الأمر الذي يجب دعمه والتحالف معه على طول الخط وفي كل المراحل .
21- التأكيد على الدعم النقدى لوفد المعارضة المفاوض وبخاصة وفد الهيئة العليا للمفاوضات , ولأن مسألة الدعم ليست بحاجة إلى جهد , فإنما ينبغي التركيز عليه هو الطابع والمضمون النقدي لهذا الدعم الذي يجب أن يكون موضوعياً ومسؤولاً ومهنياً وقائماً على الممكنات الموضوعية والذاتية للمعارضة السورية , وليس على الرغبات والأحلام والمواقف القبلية البعيدة عن الممكنات والواقع العنيد والمعقد على كل الأصعدة .
22- التأكيد على أن السير في المهام السابقة بالكيفية المقترحة لايمكن أن يتم إلا على قاعدة الاستقلال السياسي – النسبي على الأقل – لأن الاستقلال التام أمر محال في الوضع السوري وبخاصة نتاجاً للعسكرة – نقول: إذن الاستقلال النسبي عن جميع الأطراف الدولية والإقليمية والعربية وبعض الأطراف المحلية التي يمكن أن تؤثر سلباً على ما سبق حتى لو كانت مؤيدة ومخلصة النوايا , إن الاستقلال السياسي المذكور – السياسي على الأقل إن لم نقل على جميع الأصعدة – ضرورة حقيقية بعد كل الذي حصل خلال السنوات الست من الالتحاق شبه التام بسياسات خارجية أو داخلية نافعة كانت أو ضارة , إن مصالح الشعب السوري العليا والقدر الضروري من الاستقلال هما بوصلة العلاقة مع أي طرف أو أية مبادرة أو أي حل .
23- ترك التقدم في صياغة اشكال التعاون او التنسيق او التحالف المؤقت او الجبهوي الى مسار الاحداث و تطور الحوار مع الاصرار الدائم على اولوية التيار العريض و الدائرة الاولى بغض النظر عن الشكل التنظيمي في المرحلة ما قبل الانتقالية .
24- انضاج المؤتمر الوطني السوري العام بشكل هادئ مع الدفع الضروري بحيث يكون هذا المؤتمر بمثابة الضمير المعبر عن الارادة الشعبية العامة , و بحيث يكون بمثابة السلطة التشريعية و الأستشارية لوفد المعارضة المفاوض ما دام يقود المفاوضات بشكل صائب , و ما دامت هذه المفاوضات تتقدم , كما يمكنه ان يكون البديل في غير هذين الحالين , اي في حال عدم القيادة الصائبة او عند انسداد افق جنيف أو العودة الى صيرورة أخرى للصراع السوري , و من الواضح إذن أن تقدم المؤتمر المذكور مرتبط بالعوامل المذكورة أعلاه من مثل تقدم أو تراجع الحل السياسي , و مستقبل معركة الرقة و دير الزور , و مستقبل المعارضة العسكرية و السياسية و المدنية فيهما , و كذلك الامرفي ادلب و الجنوب , و بدرجة ما في مناطق سيطرة السلطة و مدى تقدم الدور الامريكي , و التمدد التركي جنبا الى جنب مع حضور الدور الروسي , و مستقبل الدور الايراني ….الخ , و العلاقة المعقدة في الوضع الكردي , بدءا من علاقته بالسلطة السورية مرورا بكل الاطراف المذكورة بما في ذلك بالطبع العلاقة مع المعارضة السورية العسكرية و السياسية , بل ووضع القوى الكردية السياسية و العسكرية المتآلفة و المتناحرة داخل سوريا و خارجها و بخاصة في العراق و تركيا , ووضع الخندق الآخر –الموالي كليا او جزئيا – ووضع الاوساط الصامتة و المآلات التي ستجد نفسها فيها في حال تقدمت المعركة ضد داعش و لاحقا النصرة نحو النصر النهائي بصرف النظر عن الأشكال و الأزمان الضرورية ،و هي كما يبدو لم تعد طويلة فيما يتعلق بدحر داعش .
25- أخيرا , لا بد أن هنالك نقاط استناد أخرى استنادية إضافية أو بديلة يتم استكشافها بالحوار العميق , و أيا يكن الأمر فإن من المتوقع – بل قد يكون من المرجح – أن تجد هذه الدائرة الواسعة نفسها التي جئنا على ذكرها في حال قيامها على مفرق طرق في الفترة الثانية من المرحلة الانتقالبة – مرحلة صياغة الدستور – بل ربما حتى في الفترة الأولى منها , و هي بالتأكيد لن تكون موجودة بالاتساع نفسه في الفترة الثالة من المرحلة الانتقالية المذكورة .
ثانياً :
و في نطاق المرحلة ما قبل الأنتقالية و أثنائها يمكن العمل من أجل دائرة صغرى – و متوسطة سيأتي ذكرها لاحقاً – يمكن أن تشكل _أي الصغرى – النواة الصلبة للتنسيق أو التحالف المتعدد الأشكال و الأطوال الزمنية و من الصائب التركيز على النقاط التالية فيما يخص هذه النواة .
أ – الانطلاق في الحقل السياسي المباشر للصراع الدائر و الأشكال المطروحة لحله من المحصلة المركزية للنقاط الخمس و العشرين السابقة .
ب – فيما خص النقاط الخاصة بها و التي هي في جوهرها متعلقة بطبيعة الدولة و شكلها و بعض القضايا الأخرى , يمكن التركيز على ما يلي:
1- التأكيد على أن جوهر هذه النواة هو المثلث الليبرالي – الديمقراطي – العلماني . دون الالتفات إلى أية برامج اقتصادية – اجتماعية و بخاصة في المرحلة ما قبل الانتقالية و في الفترتين الأولى و الثانية من المرحلة الانتقالية , في حين يمكن التطرق الى ذلك في الفترة الثالثة من المرحلة الأنتقالية و فيما بعد في مرحلة إعادة تأسيس سورية وطنا و شعبا و دولة .و بهذا المعنى يمكن لكل طرف في هذه الدائرة الصغرى الأحتفاظ ببرنامجه الأقتصادي – الأجتماعي ، لأن المركزي في هذه النواة الصلبة – بعد مسألة الحل السياسي – هو طبيعة الدولة و شكلها ،ويمكن التطرق الى شكل مختصر من العدالة الأجتماعية فقط .
2- التأكيد على الطبيعة العلمانية للدولة , و لكن أيضا على قاعدتي الليبرالية و الديمقراطية لأنه إذا كانت الليبرالية هي الحريات العامة , و السياسية و الشخصية و بخاصة في الحقلين المدني و السياسي , و هي الحريات التي يشكل الفرد الحر المواطن الكريم المتساوي مركزها فإن الديمقراطية هي نمط الوجود الاجتماعي و السياسي العام , بمعنى حضور الشعب في التاريخ و قيام النمط الديمقراطي في الحكم بغض النظر عن أشكاله المتعددة , التي جوهرها – و مبادئها المؤسسة – واحد في نهاية المطاف – بل في الأصل – و تأخذ العلمانية مكانها في هذا المثلث من أنها القاعدة الصلبة الثالثة التي يصعب – إن لم نقل يستحيل – تصور الدولة الحديثة بدونها , و في كل الأحوال نعود إلى التأكيد على هذا المثلث في تعريف الدولة الحديثة , و لا نجد معنى حقيقياً للدولة المذكورة بدونها .
3- الأولوية المطلقة في هذه الحال للمبادئ المؤسسة لأي دستور و التي تسمى المبادئ فوق الدستورية أو المبادئ المعطلة بمعنى أن غيابها ينسف الدستور , أو قائمة الحقوق كما جاء في بعض الدساتير و بخاصة الدستور الأمريكي , و هي المبادئ الأحدى عشرة الأولى , و يمكن للجميع مراجعتها و هي التي تبدأ , مثلها في ذلك مثل إعلان حقوق الإنسان و المواطن في فرنسا في (26 آب 1789) و التي مركزها الجملة التالية : يولد الناس أحراراً متساوين في الحقوق و الكرامة .
4ـ مما سبق يتضح أن مبدأ المواطنة المتساوية بإطلاق هو المبدأ المقرر بصرف النظر عن الجنس و الدين و القومية و الجهوية أو أي انتماء عمودي أو أفقي آخر .
5ـ و من الطبيعي في هذه الحال أن لا مكان على الإطلاق لأي دولة بدستور إسلامي كلي أو جزئي و لا مكان للشريعة الإسلامية أو لأية شريعة دينية أخرى في الدستور و القوانين , و لا مكان لدين رئيس الدولة أو ما شابه .
6- طبيعة الدولة المذكورة و مبدأ المواطنة المتساوية يسري على جميع الحقول بما في ذلك تكافؤ الفرصة في كل الوظائف العمومية من رئيس الدولة حتى أصغر موظف عمومي بين المواطنين كافة و بين المرأة و الرجل على حد سواء .
7- يجب التأكيد لا على المبادئ فحسب بل على الضمانات الدستورية و القانونية لما سبق و بخاصة فيما يتعلق بالمرأة من خلال الالتزام بالمواثيق الدولية ذات العلاقة بهذا الميدان , و من خلال تعديل كل القوانين الداخلية بدءأ من قانون الجنسية وصولا الى قانون العمل مرورا بقوانين العقوبات و القوانين الأخرى و بخاصة قانون الأحوال الشخصية , و النص في الدستور , أو في قانون الانتخاب أو قوانين الأحزاب و الجمعيات المدنية أو فيها جميعا على / كوتا / نسائية لزمن محدود و محدد لضمان حضور المرأة في مواقع صنع القرار السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي و القانوني …….الخ . و في كل الأحوال يجب أن يكون هناك قانون للأسرة و الطفل و الأحوال الشخصية مدني بالمعنى الفعلي للعبارة .
النص بوضوح على الأولوية للمواثيق الأممية و القانون الدولي لحقوق الأنسان و القانون الدولي الأنساني على القوانين الوطنية .*1 8-
9- ضمان حقوق القوميات غير العربية دستوريا و سياسيا و قانونيا و بخاصة المكون القومي الكردي طبقا للمواثيق الدولية بهذا الخصوص .
10-فيما يتعلق بشكل الدولة : الانفتاح التام على المركزية و اللامركزية دون أي عقد من أي نوع كان ما دام الشكل المختار يتيح إزالة عقابيل الصراع و يلبي المطامح المشروعة للمكونات القومية طبقا لوضعها الملموس و حضورها و تاريخها و بروز قضيتها القومية .
11-التأكيد على الحقوق المذكورة بصرف النظر عن شكل الدولة بمعنى ضرورة وجود شكل متناسب مع القضية القومية المطروحة بما في ذلك أشكال الإدارة الذاتية المعروفة .
12- رفض اللامركزية الطائفية من أي نوع كانت و الانفتاح على مجلس تشريعي مكون من غرفتين , تكون الغرفة الأولى منهما بالقتراع العام الحر المباشر المتساوي السري , و تكون هذه الغرفة هي السلطة التشريعية الفعلية , في حين تكون الغرفة الأخرى شكلا من أشكال السلطة الرديفة التي من شأنها خلق و تعزيز الاطمئنان العام .و بخاصة بعد الوضع الناشئ في سوريا , كما يجب التأكيد على الصلاحيات المحددة و المحدودة لها بالقياس إلى الغرفة الأولى , و يمكن أن يتفق لاحقا على طبيعة و شكل و قانون إنشاء هذه الغرفة و صلاحياتها – اتخاذ , تعيين , دمج بين الشكلين …الخ .
13- الاكتفاء في المرحلة الانتقالية و حتى نفاذ الدستور الجديد عبر الأنتخابات الشاملة بإعلان دستوري فقط مع تجميد العمل بدستور 2012
14- استلهام مشروع دستور عام 1928 و دستور 1950 م و عدم الوقوف عندهما أبداً , بل تجاوزهما طبقا لما ذكرناه قبل قليل فيما يتعلق بصلب الدستور .
15- كل المبادئ المتعلقة بالدولة لاحقاً :السيادة , اللغة , الاسم , الاقليم …الخ , تكون لاحقة للمبادئ المؤسسة للدستور و خاضعة له.
16- شكل الحكم – النظام السياسي – يفضل أن يكون مزيجاً من الرئاسي و البرلماني التمثيلي , حيث يكون الرئيس منتخبا من السلطة التشريعية , و مع ذلك يتقاسم السلطة الفعلية مع مجلس رئاسة الوزراء و بالتحديد مع رئيس هذا المجلس و يكون البرلمان مخولا بنزع الثقة من الرئيس , و رئيس مجلس الوزراء.
17- التأكيد على أن الأفضل بالنسبة لسوريا في وضعها الراهن و المستقبل القريب و ربما البعيد هو النظام الانتخابي النسبي بحيث تكون سوريا بأكملها دائرة انتخابية واحدة و أن تكون عتبة دخول المجلس التشريعي منخفضة لا تتجاوز ( 2 % ) حتى إشعار آخر.
18- من الواضح أن مثل النواظم السابقة , و مثل النواة المذكورة و التي كما قلنا سوف تشكل الدائرة الثانية يمكن – بل يجب – أن توجد ما قبل المرحلة الانتقالية , و سوف تستمر في الفترتين الأولى و الثانية في المرحلة الانتقالية حتى الانتهاء من صياغة الدستور الدائم , و كما يمكن أن تستمر كليا أو جزئيا في الفترة الثالثة و حتى في مرحلة ما بعد الانتقالية , مرحلة إعادة تأسيس سوريا وطنا و شعبا و نظاما.
ًو أنطلاقاً من بنية هذه النواة و مهمتها المركزية فيما يتعلق بطبيعة الدولة يصعب – أن لم نقل يستحيل – وجود قوة أسلامية وازنة فيها و أقصى ما يمكن أن تضم بعض الشخصيات الأسلامية المتنورة و بشكل أستثنائي بعض المجموعات الصغيرة .
19- من المرجح – بل ربما كان من الضروري – أن تنشأ دائرة ثالثة تبدأ في الفترة الأولى من المرحلة الانتقالية و تستمر حتى نهايتها و ربما بعد ذلك , و هي الدائرة التي سوف تتألف من الدائرة الثانية – النواة الصلبة – و القوى و التجمعات المدنية و السياسية و الأشخاص من كافة الأطراف السياسية – ليس من المعارضة فقط كما هو الحال حتى المرحلة الانتقالية – و سوف تجعل الاصطفافات التي سوف تتغير سريعاً أو بطيئا بدءاً من لحظة الدخول في المرحلة الأنتقالية – و ربما قبلها بقليل – إذا بدى أن الحل السياسي على الأبواب فعلا لا قولاً , وسوف تُرفد النواة الصلبة التي سوف تنفك عنها أجزاء كبرى من الدائرة الأولى , بفئات واسعة من الموالاة ذات طابع علماني ديمقراطي ليبرالي إلى حد ما يصغر أو يكبر حسب كل فئة , و بهذا المعنى سوف تكون الدائرة الثالثة التي سوف تنشأ في الظروف المذكورة هي قاعدة الاستقطاب الجديدة ضد دولة الماضي الطغمة الأسدية , و ضد خطر إمكان نشوء دولة استبدادية جديدة على قاعدة دينية , و سوف تصبح الاصطفافت الماضية من التاريخ , و سيكون للاصطفاف الجديد دور ممتد حتى ما بعد المرحلة الانتقالية .
20-ها كله في حال تقدم الحل السياسي , و في غير هذا الحال فإن الكلام الأخير سوف يكون حبراً على ورق و ضرباً من الرجم في الغيب و الأمل و الحلم لا أكثر*.
*1 القانون الدولي لحقوق الإنسان : هو الشرعة العالمية لحقوق الإنسان بدءا من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 10-12-1948 و انتهاءا بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية , مرورا بالاتفاقات الخاصة بحقوق بعض الجماعات و الأفراد .
القانون الدولي الإنساني : هو اتفاقيات جنيف الأربعة و يتعلق بواجبات الأطراف أثناء الحروب و النزاعات .