سوتشي والخيارات البديلة …

 

سوتشي والخيارات البديلة …
يأتي مؤتمر سوتشي، والذي من المفترض عقده نهاية الشهر الحالي، تأكيداُ لرغبة روسية بتحويل الانتصارات العسكرية واتفاقات خفض التصعيد الى انتصار سياسي، ومحاولة لإفشال أو على الأقل إرباك أو إضعاف مسار جنيف، ورفض الحل السياسي الدولي وفق القرار 2254، وإبراز الاهتمام بالدستور وبالانتخابات  وبعض الملفات الفرعية الاخرى. وكل ذلك على أرضية استمرارية البنى الاساسية لنظام الأسد والمحافظة على وتوسيع مجالات النفوذ الروسي في سورية.

هذا في حين تشهد مناطق خفض التصعيد، الهشة أصلاً، شبه انهيار تام، وقد اكدت عدة جهات دولية وأممية ادانتها لما يجري من قصف عشوائي يستهدف المدنيين، في جنوب ريف ادلب وشمال شرق حماة والغوطة الشرقية، في سياق محاولة النظام انتزاع مكاسب عسكرية جديدة يستفيد منها في محاولة الحصول على مكاسب سياسية تؤكد تصوره للحل السياسي، الامر الذي يعني تعطل الحوار الحقيقي بين النظام ومختلف مكونات المعارضة التي يسعى الروس الى فرض تصوراتهم للحل عليها في سورية كامر واقع وإظهار هذا الحل امام المجتمع الدولي بصفته الحل الذي يرضي السوريين، وما يشجع الروس في ذلك هو عجز المنظمة الدولي عن اجتراح حلول حقيقية وعدم وجود دور أمريكي وغربي يوازن الثقل الروسي.

يحاول الروس الترويج لسوتشي باعتباره مخرجاً لفشل مسار جنيف، لكن ما هو واضح هو استمرارهم في إعادة تأهيل النظام بعد ان أنجزوا مهمتهم في حمايته من السقوط ومساعدته على استعادة مناطق واسعة. وهم يريدون حشد عدد كبير من المشاركين يقدر ب1500 شخص في محاولة ليست مضمونة النتائج ليكون الكم تعويضاً عن الكيف في حال عدم مشاركة “هيئة التفاوض”  والإئتلاف والكيانات العسكرية الهامة.

إذا كان من الصحيح أن ميزان القوى العسكري وانتصارات النظام وحلفائه أمور لا يمكن تجاهلها، لكن من الصحيح أيضاً عدم إمكانية تثميرها بشكل كامل في ظل الأوضاع الإقليمية والدولية لا في “جنيف” ولا في “سوتشي” مما يمكن المعارضة، حتى وهي تتفاوض بشكل مباشر مع النظام، من التمسك بالقرارات الدولية وبجوهر الحل السياسي في سورية الذي يقوم على أساس هيئة حكم انتقاليه بصلاحيات تنفيذية كاملة، اي بدون الأسد.

رغم الغموض المحيط بالتحضيرات المتعلقة بسوتشي سواء من حيث الموعد او المشاركين ومن حيث الحضور الدولي والأممي، يبدو أن الروس لا يريدونه فرصة للحوار وحل العقد المستعصية بل يريدونه محطة للتذرع بشرعية ما، يحصلونها سريعا خلال مدة عقد المؤتمر القصيرة، من عدد كبير من المشاركين السوريين، الذين لا يهم ان يكونوا معارضين فعلاً، وذلك بالتوقيع على وثائق وبيانات معدة مسبقاً.

في هذا الوضع تبدو المراهنة على التاثير والتفاعل من خلال حضور “سوتشي” شبه خاسرة حتى لو تم رفع الصوت بوجه الروس والنظام ولذلك نرجح خيار عدم المشاركة وفي جميع الاحوال ليس لدى المعارضة ما تخسره في حال قررت عدم الذهاب، لان عدم حضورها يكشف الغطاء ويعرقل المفاعيل السياسية لنتائج سوتشي المحتملة.
وفي ضوء كل ما سبق ذكره على المعارضة السورية ان تعلن عن عدم ذهابها الى سوتشي، وأن تؤكد على تمسكها بجنيف وبدعم العملية السياسية بالاستناد الى بيان جنيف1 وقراري مجلس الأمن 2118 لعام (2013)، و2254 لعام (2015) وان تضع فيه كل ثقلها، فهوعنصر القوة الأساسي.
ان المفاوضات الجدية التي يتمناها الشعب السوري والساعية بالفعل إلى التوصل للحلول، ، تشكل الخيار الأفضل للشعب السوري على لأساس قرارات الشرعية الدولية وتشكيل هيئة حكم انتقالي بإشراف دولي وتحت غطاء الامم المتحدة.

“تيار مواطنة”

13.01.2018

 

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة