بيان بمناسبة الذكرى السابعة على انطلاق الثورة السورية
لا شك أن قيام ثورة في سورية كان معجزة بحد ذاته, بعد عقود من البطش والتصحر والعدم السياسي بفعل السلطة- الطغمة.. وقد كان الأمل أن تقوم الثورة الهادئة السلمية بنقل سورية إلى دولة القانون والمؤسسات, إلى دولة تقطع مع الاستبداد، إلى دولة تقوم على عقد اجتماعي جديد من أجل إدارة الدولة والمجتمع بطريقة ديمقراطية نزيهة, لكن سرعان ما واجهت المرحلة السلمية من الثورة عنف السلطة التي لم تجد طريقة أخرة تتقنها غير العنف, وليجد الشعب الثائر نفسه مدفوعاً لحمل السلاح للدفاع عن نفسه.
وللعسكرة متطلباتها من المال والدماء والولاءات, وهذا ما أباح للدول الإقليمية الباحثة عن نفوذ أن تقوم بتغذية السلطة من جهة, إيران والميليشيا الشيعية العراقية واللبنانية, وقطر وتركيا لفصائل جهادية سنية وبدرجة أقل المملكة العربية السعودية من جهة أخرى. وهنا أصبحت سورية مسرحاً لكل أشكال الصراع الطائفي وتحولت البندقية إلى بندقية مأجورة للمصالح الإقليمية والدولية وخصوصاً بعد التدخل العسكري الروسي المباشر لصالح السلطة الطغمة.
والآن يبقى السؤال الملح, بعد كل هذه المحاولات الحثيثة لتثبيت سلطة الأسد من قبل حلفاءه الروس والإيرانيين, وبعد هذا التخاذل المخزي للمجتمع الدولي في مواجهة السلطة الطغمة وفي تحقيق انتقال سياسي, ووسط هذا التداخل الدولي والإقليمي في الجغرافيا السورية, هل بقي للمعارضة السورية بشقيها السياسي- المدني والعسكري ما تقوم به؟ وهل هناك أفق منظور لتحقيق ما طمحت له الثورة في بداياتها؟
لا شك أن الممكنات دائماً قائمة, لكن شرط تحققها يتقدم أو يتأخر حسب اللاعب نفسه, فعندما تنجرّ الفصائل المسلحة إلى خندق التطرف والجهادية تقضي تماماً على أي إمكانية لدعمها دولياً, بل على العكس ستقدم كل الأسباب المحقة للقوى الدولية لمحاربتها تحت مسمى محاربة التطرف والإرهاب. وعندما تقيم هذه الفصائل في داخل المدن والقرى وتعجز عن حمايتها وعن تقديم الخدمات وأسباب العيش الكريم, ناهيك عن شكل السلطة والحكم المعادي للديمقراطية, فإنها تقدم أكبر خدمة للسلطة- الطغمة وعدا عن مبررات القصف الوحشي والقتل والتدمير فإن سلطة الأمر الواقع-النصرة مثلاً- في إدلب لا تجد سوى الحريات الشخصية للسوريات والسوريين ولتحكمهم بالجلد وتقطيع الرؤوس والأطراف, والأسوأ من ذلك كله أن تتحول الكيانات السياسية القائمة إما إلى بوق لهذه الفصائل أو إلى عدو صريح, وكأن مهمة الكيانات السياسة تبرير أو تجريم هذه القوى وليس قيادتها كما يجب في كل مطلق الأحوال.
ولكي لا يقدم السوريون أثماناً بلا طائل, ولكي لا نكرر هذا المقال في الذكرى الثامنة لانطلاقة الثورة السورية يجب أن نعود إلى برنامجنا السوري- الديموقراطي وأن نخرج التطرف من بيوتنا ومن خطابنا اليومي وأن نطور أساليب العمل السياسي والعسكري خارج مدننا وقرانا فقد تطول المعركة ويجب أن نكون قادرين على استنزاف السلطة- الطغمة وحلفائها وليس العكس.
عاشت سورية وطناً موحداً ديمقراطياً بكل قومياته وأديانه.
تيار مواطنة 18-03-2018