ملخص تنفيذي للتقرير السياسي الرابع لتيار مواطنة 11/8/2012
شهدت الثورة خلال الشهور الثلاثة الأخيرة تطورات هامة، بانتقالها من “المرحلة الرمادية” إلى “مرحلة الاستنزاف” وبداية معركة كسر العظم. فعلى على الصعيد السياسي، من المنتظر أن يكون العالم بأكمله في غضون بضعة أسابيع أمام استحقاقات لم يعد من الممكن الالتفاف عليها، بل الالتفاف بدلاً من ذلك على مجلس الأمن ذاته، بعد استعصاء ما يمكن تسميته الحل السياسي-السلمي الأمر الذي قد يقدم ذريعة لشكل نوعي من التدخل العسكري. ومن المؤشرات على ذلك هو ما يشاع عن دعم سرّي أمريكي للمعارضة، والمشروع السعودي العربي الذي تجاوز مجلس الأمن وقدّم للجمعية العامة للأمم المتحدة والذي حصل على ثلاثة أرباع أصوات الحضور، وطرح فكرة حكومة مؤقتة أو انتقالية أو حكومة منفى.
إن تيار مواطنة، إذ يعتقد أن حكومة مؤقتة قد تكون ضرورية من أجل نزع شرعية السلطة-الطغمة بالكامل من خلال شرعية بديلة كاملة. والشرعية المذكورة ضرورية أيضاً من أجل التواصل والدعم من قبل المجتمع الدولي والإقليمي والعربي، ومن أجل كسب شرائح وأطياف اجتماعية أخرى في الداخل لصالح الثورة. بل ربما كانت هذه الحكومة بديلاً لكل الائتلافات القائمة بوصفها الكيان الناطق باسم الشعب السوري وانتفاضته وبوصفها المرجع السياسي المخوّل بأي قرار أو اتفاقات. لكن تلك الإيجابيات تترافق مع بعض السلبيات، مثل تعميق الخلاف الموجود بين أطراف المعارضة وتفاقم النزعات الذاتية. كما أن مشروع الحكومة قد يكون محاولة لسحب البساط من تحت المجلس الوطني السوري ومن القوى الفاعلة على الأرض- السلمية والمسلحة- وتنصيب حكومة قد تكون جيدة ومرضياً عنها عالمياً وعربياً وإقليمياً، ولكنها تفتقر إلى القوة والحضور على الأرض السورية. لذا يعتقد تيار مواطنة أن الحكومة المنشودة ليست مناسبة اليوم، وحسناً فعل المجلس الوطني السوري وغيره من حيث التريث ودراسة الأمر بعمق وبروية.
كما أن التطور الأهم في الأسابيع الأخيرة هو معركة حلب التي ستشكل على صعيد التداعيات بداية مرحلة جديدة وبخاصة على الصعيدين العسكري والسياسي. فمن المرجح أن تبدأ صيرورة الانقسام- لا الانشقاق- الأمر الذي سيكون له آثار إيجابية جداً على صيرورة الثورة وبخاصة على جناحها المسلح. وبالطبع فإن السلطة- الطغمة سوف تستميت حتى لا يولد إقليم محرر في سورية وحتى لا يكون هكذا انقسام.
ومن التطورات تلك التي حدثت في المناطق الكردية في الأسابيع الأخيرة، مما قد يولد قدراً من سوء الفهم المؤسف الذي يمكن أن يؤدي إلى زيادة التطرف عند الشعبين العربي والكردي. ويعتقد تيار مواطنة أن الحقوق المدنية والقومية للشعب الكردي ينبغي أن لا تكون محل مساومات ويجب الاعتراف بها طبقاً لمواثيق الأمم المتحدة وسائر المواثيق السابقة والمرافقة لها والمتعلقة بحقوق الإنسان والشعوب والأقليات من كل نوع، وهذا ضروري وإيجابي أياً يكن موقف الكرد.
كما وضع تيار مواطنة ورقة معايير للتحالف والائتلاف، تؤكد دعم الجناح المسلح للانتفاضة (الجيش الحر) مع الاحتفاظ بموقف نقدي. وصيغة الدعم نفسها تنطبق على المجلس الوطني باعتباره الكيان السياسي الأكثر تمثيلاً للاتجاه العام للثورة ورفض أي تشويش على درجة تمثيله لها أمام القوى الخارجية. وفيما يتعلق بحماية المدنيين والمناطق العازلة والتدخل الخارجي يدعو تيار مواطنة إلى تسريع استخدام شكل نوعي مناسب من التدخل الخارجي والعربي بوصفه الحاجز الأنسب والضمانة النسبية الأفضل في وجه أشكال
الاقتتال الأهلي أو السياسي. أما فيما يتعلق بالحكومات والدول والأطراف الداعمة للسلطة- الطغمة فإن تيار مواطنة وعلى الرغم من إقراره بأن الدولة السورية القادمة ستقيم علاقات متزنة مع الدول الأخرى بما يخدم مصالح الشعب فإنه- أي التيار- يميل بوضوح إلى التركيز على العلاقات مع الشعوب وعلى دعم نضالها في سبيل الحرية والديمقراطية والأهداف المشروعة لها.