“مع اللاجئ” في اليوم العالمي للاجئين

“مع اللاجئ” في اليوم العالمي للاجئين
يصادف يوم 20 حزيران اليوم العالمي للاجئين، وقد بلغ عددهم العام الماضي أكثر من     68,5 مليون لاجئ أو نازح داخلياً في مختلف أنحاء العالم، و”إن اللاجئين الذين فروا من بلادهم هرباً من النزاعات والقمع، يشكلون 24.5 مليوناً منهم” وفق تصريح المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
يشكل السوريون، في السنوات الأخيرة، المصدر الأول للاجئين في العالم، فبتأثير التهجير القسري، والإبادة الجماعية، واستحالة توفر الحد الأدنى من مقومات الحياة الطبيعية، بلغ عدد النازحين داخلياً قرابة 6 مليون نازح، بينما تجاوز عدد المهجرين في دول الجوار وباقي دول اللجوء 5 مليون ونصف مهجر، نزوح وتهجير حدثا تحت سمع وبصر دول العالم ومنظماته الأممية.

يعيش السوريون اليوم، سواء في مخيمات الداخل أو في دول اللجوء، ظروفاغيرعادية، فهم يقبعون تحت تأثير الصدمة، ولديهم مشكلاتهم الإنسانية والاجتماعية الجديدة ، ويتعرضون في بعض الدول لتمييزعلى أساس عرقي ولاستغلال اقتصادي واجتماعي مضاعف. فالذين مازالوا في المخيمات يواجهون مختلف الظروف المناخية القاسية في العراء، من برد وحر وانتفاء لأبسط مقومات الحياة الطبيعية، يسكنهم الخوف من العودة إلى مدنهم وبيوتهم المدمرة، مضافاً إلى كل ذلك المخاوف الأمنية على أنفسهم وعلى عائلاتهم التي نزحت إلى أماكن أخرى. وقد اكتملت مأساتهم بصدور القانون رقم 10 الذي يقضي بمصادرة أملاكهم في حال عدم عودتهم السريعة لإثبات حقوقهم في الملكية، تلك العودة المحفوفة بالمخاطر.

هذه المعاناة الإنسانية للاجئين، هي اليوم، واقعة على كافة الفئات العمرية والجندرية، ففي المخيمات أصبحت معاناة النساء مضاعفة، من تقييد وتحرش وتزويج قاصرات وعنف وانتفاء لأبسط الاحتياجات الأساسية.أما ما يخص الأطفال السوريين، فقد بلغ عدد الأطفال الذين هم خارج التعليم 3 مليون طفل، وفقاً لاحصائيات اليونيسيف، فيما انتشرت عمالة الأطفال، بهدف مساعدة ذويهم، سواء بين النازحين داخلياً أو المهجرين في دول الجوار، وهم يعملون ساعات طويلة ويتقاضون أجوراً زهيدة في انتهاك حقيقي لحقوقهم كأطفال وكعمال.

وفي دول اللجوء المجاورة، يضاف إلى ما سبق استغلال قضية اللاجئين السورين في الابتزاز السياسي والاقتصادي واستخدامهم كأوراق ضغط سواء داخل هذه الدول أو مع دول الاتحاد الأوربي، كما حدث في تركيا سابقاً من خلال الهجرة غير الشرعية عبر البحر، أو كما يحدث اليوم في لبنان من اعتبارهم وسيلة لابتزاز الاتحاد الأوربي لدفع أموال طائلة لا يحصل منها السوريون إلا على النذراليسير، أو من التحريض ضد اللاجئين من قبل بعض القوى السياسية والمطالبة بإعادتهم إلى سورية دون وجود أية ضمانات حقيقية لأمنهم، أو استخدامهم كورقة انتخابية، كما يحدث في تركيا الآن، وتاثير ذلك على الحالة النفسية للاجئ السوري الذي لا ينتظر  حلاً سيا سياً سريعاً أوعودة آمنة، وعلى الرغم من ذلك يعتبر وضع اللاجئين في تركيا أحسن حالاً من باقي دول الجوار.

وفي الأردن ليس وضع المخيمات أحسن حالاً من مخيمات لبنان، حيث تشبه هذه المخيمات معسكرات الإعتقال، فهي لا تبيح للسوريين حرية التنقل. بالتأكيد إن عدم توقيع هذه الدول على اتفاقية جنيف المتعلقة بحقوق اللاجئين، يخلي عنها المسؤولية ويبيح لها أي نوع من التجاوزات، ويسقط عن اللاجئ حقوقه الإنسانية المقرة في الاتفاقيات الدولية، كحق التعليم والعمل والتنقل، ولذلك تعتبر هذه الدول غير ملزمة بتنفيذ هذه البنود.
“مع اللاجئ” وثيقة أطلقتها هيئة الأمم المتحدة للتضامن العالمي مع اللاجئين ودعمهم، ولكن في الحقيقة ثمة تراجع في قبول اللاجئ ومساعدته على تخطي أزمته، بل ثمة شعور بالكراهية والعداء تعززه بعض الأحزاب السياسية تجاه اللاجئين، على سبيل المثال اليمين المتطرف في أوربا، الذي يستخدم موضوع اللاجئين ورقة ضغط على الحكومات، فيحولها غلى قضية سياسية بدل ان تكون قضية إنسانية.

في اليوم العالمي للاجئ ما يحتاجه اللاجئون السوريون، وكل اللاجئين في العالم، ليس فقط الدعم من أجل الاندماج والعيش في مجتمعات غريبة عنهم، بل مساعدتهم لإنهاء النزاعات في دولهم، ومساعدتهم على بدء التحولات السياسية الكفيلة بخلق حد أدنى من مناخات الاستقرار وتوفرالحريات الأساسية وخلق بيئة آمنة تمكنهم من العودة إلى بلدانهم. فلا أحد يترك بيته طوعاً ولا أحد يرغب بأن يسمى لاجئاً، ولا أن يشار له بتمييز سلبي، الجميع يرغبون في العيش بكرامة.

“تيار مواطنة”

23.06.2018

 

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة