افتتاحية تيار مواطنة:التحول الديمقراطي في المنطقة العربية !

يصادف اليوم ، الخامس عشر من سبتمبر، اليوم الدولي للديمقراطية “وهو يشكل فرصة حقيقية للبحث عن سبل لتنشيط الديمقراطية والسعي لإيجاد حلول للتحديات النظامية التي تواجهها. ويشمل ذلك معالجة التفاوت الاقتصادي والسياسي، وجعل الديمقراطيات أكثر شمولية من خلال إشراك الشباب والمهمشين في النظام السياسي، وجعل الديمقراطيات أكثر ابتكارا واستجابة للتحديات الناشئة من مثل الهجرة وتغير المناخ”(الأمم المتحدة).”

وما يهمنا هو واقع الديمقراطية في المنطقة العربية وانعكاس هذه الخطط عليها.
شهد العراق أول عملية تحول ديمقراطي في المنطقة العربية بعد الإطاحة بنظام صدام حسين في 9/4/2003، لكن العراق لم يعرف الحالة الديمقراطية في الشكل الحقيقي لها، وكان لهذا التحول المفاجئ أثره الكبير، فقد فتح البلاد على التدخلات الإقليمية ولاسيما التدخل الإيراني، الذي كان له كبير الأثر في قتل أي مشروع وطني عراقي، من خلال الورقة السياسية الطائفية.
ولعل التحول الديمقراطي الوحيد الذي برز في العراق كان اقرار الفيدرالية كنظام حكم، أما على صعيد الوضع الأمني العام والسياسي والاقتصادي فلم يشهد العراق أي تحسن، وظل هذا التحول في الطور الشكلي للديمقراطية من عملية انتخابية وتمثيل برلماني قائم على المحاصصة الطائفية ومؤخرا بد أ العراق يشهد تبدلا وحراكا ضد هذا الفساد السياسي والاقتصادي.
أما على صعيد لبنان الذي يمثل التحول فيه بعد الحرب الأهلية أسوأ ما يمكن أن تنتجه الحلول الدولية في اتفاق الطائف والذي مازال الشعب اللبناني يرزح تحت عبئه.
شكل الربيع العربي عام 2011، وثوراته أملا كبيرا في التحول من الاستبداد إلى الديمقراطية. وعلى الصعيد المصري فقد شهدت مصر انتقالا للحكم تجلى بتخلي حسني مبارك عن السلطة، تلاه انتخابات بمراقبة دولية آلت إلى فوز الإخوان المسلمين تلاه انقلاب عسكري مصحوبا بخضوع شعبي مطلق -خوفا من تكرار التجربة السورية – واعتراف دولي بشرعية هذا الحكم، وليس دفاعا عن حكم الإخوان فقد كان هذا انقلابا على الديمقراطية المتمثلة بالعملية الانتخابية، ومنذ وصول السيسي إلى الحكم بدأت مصر تعرف تراجعا على جميع الأصعدة الاقتصادية والسياسية وأيضا على صعيد الحريات.
بينما بقيت التجربة التونسية هي الأنجح في عملية التحول الديمقراطي على جميع الأصعدة وليس هذا النجاح متعلقا فقط بالعملية الانتخابية والتمثيل السياسي، بل فيما يخص القرارات التي صدرت والتي تدعم مدنية المجتمع وتعزز الديمقراطية في المجتمع التونسي، وهذا يعود إلى مقومات كانت موجودة سابقا في تونس مثل القانون المدني للأحوال الشخصية ووجود قانون للأحزاب والجمعيات معمول به نسبيا.ّ.
وعلى خلاف هذه التجارب تعيش ليبيا وسوريا وضعا مختلفا تماما، فقد نجحت قوات التحالف في اسقاط حكم القذافي، ولكن إلى الآن ماتزال مساعي المبعوث الاممي إلى ليبيا من أجل الدستور والانتخابات مهددة بالفشل.
أما على صعيد التحول الديمقراطي في سوريا فهو مختلف عن كل ما سبق، فلم تتم الإطاحة بنظام الأسد على غرار بقية الأنظمة، فلم تنجح الثورة السورية في إطاحة النظام على غرار مصر وتونس وذلك نتيجة لتدخل القوى الاقليمية ودعمها للمشروع الإسلامي الذي افضى الى تسليح الثورةوتعميق الشرخ المجتمعي وانحراف الثورة السورية عن مسارها، كذلك المساعي الدولية لم تعمل على إزاحة النظام على غرار العراق وليبيا.
وإلى الآن ماتزال المساعي الدولية فيما يخص الانتقال السياسي حول سوريا غير واضحة وغير متفق عليها، ولم تظهر إلى الآن أية بوادر تشير إلى بدء تحول ديمقراطي، وكل ما يتم الحديث عنه هو تشكيل لجنة دستورية مشتركة، لصياغة دستور جديد لسوريا، تليها انتخابات لاحقة بإشراف أممي.
وبالنظر إلى التحولات الديمقراطية في المنطقة كانت في معظمها ذات طابع دموي نابع من الخارج أو دولي نابع من طبيعة السلطة والمجتمع وطبيعة التحولات داخل البلدان ذاتها.
وبالتأكيد أن حركة التاريخ لا يمكن ان تظل على نفس الديمومة فمعظم دول المنطقة العربية عاشت الاستبداد ولم تخض التجربة السياسية الحديثة كدول مستقلة ولم تعرف مفهوم الجمهورية أو الديمقراطية، إلا منذ عهد قريب جدا وتحديدا بعد الحرب العالمية الثانية، ولابد أن تمر بكل هذا المخاض لتستطيع تحديد هويتها والخروج من الهويات القومية والدينية ذات الطابع الاستبدادي الذي هيمن على السلطة خلال الستين عاما الماضية، الى الهوية الوطنية الديمقراطية والمستندة الى المواطنة المتساوية وشرعة حقوق الانسان. ”

15.09.2018

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة