افتتاحية مواطنة:الأمم المتحدة … تفعيل أم إصلاح !

بعد إفلاس “عصبة الأمم” 25 كانون الثاني 1919- 19 نيسان 1946، وفشلها في إدارة المشاكل والخلافات الدولية، طالبت الكثير من الدول الصاعدة حديثا على المسرح العالمي بعد هزيمة دول المحور في الحرب العالمية الثانية عام 1945 وسارعت إلى التوقيع على ميثاق جديد هو ميثاق هيئة الأمم المتحدة في 26 حزيران عام 1945، وكان الهدف المركزي من إنشائها درء الحروب وخاصة العالمية منها، وضبط الصراعات المحلية.

وعلى الرغم من نجاح هيئة الأمم المتحدة في منع قيام حروب عالمية, إلا أنها من جهة أخرى كرست العجز القائم في العلاقات الدولية، القائمة أساساً على علاقات القهر والتبعية وعلى ما يمكن تسميته “تهديد الأمن والسلم العالميين”.
ويعود هذا العجز إلى آلية إنشاء المنظمة الدولية لصالح الدول المنتصرة بعد الحرب العالمية الثانية، كما يعود إلى فكرة استحواذ القرار في أهم مجلس في الهيئة “مجلس الأمن الدولي”، واعتماد مبدأ الفيتو أو حق النقض، فيكفي صوت واحد حتى يضيع القرار مهما كان مهماً, وكم من القرارات المهمة أجهضها فيتو واحد من الدول الخمس دائمة العضوية.

الآن وعلى هامش الدورة الثالثة والسبعين للهيئة العامة للأمم المتحدة تبرز وبقوة الضرورة لإيجاد آلية جديدة تحكم الهيئة الأممية، تمنع الحروب والتدخلات المنفردة للدول في شؤون الدول الأخرى، وتقيم نوعاً من التوازن المبني على احترام حقوق الشعوب وإرادتها في تقرير مصيرها ومستقبل دولها.
• يمكن اعتبار معظم المواثيق والعهود الدولية الصادرة عن الهيئة العامة للأمم المتحدة مبادئ أساسية ومقبولة للعلاقات بين الدول وللعلاقات داخل كل دولة، لكن هذه المواثيق بقيت حبراً على ورق في معظم حالات النزاع التي استقطبت دولاً عظمى كالقضية الفلسطينية ويوغوسلافيا سابقاً وسوريا حالياً والكثير غيرها, مما استدعى في كل الحالات تدخلاً منفرداً من إحدى الدول العظمى لحسم النزاع باتجاه رؤيتها للحل.
ومع وصول العولمة الاقتصادية والثقافية مرحلة متطورة جداً من تشابك المصالح وتحول العالم فعلاً إلى قرية صغيرة, لكن لم يُعكس ذلك التوحد والاندماج على منظومة سياسية واحدة تدير وتحكم هذا العالم بطريقة تحقق مصالح أقطابه ودوله وشعوبه، وتسوي النزاعات، وتمنع هيمنة دولة قوية واحدة على جوارها الإقليمي عبر آليات عقيمة من مخلفات الحرب الباردة.
ولم يعد من المقبول الآن أن يحكم الفيتو الروسي أو الصيني الشعب السوري لسنوات طويلة وأن تبقى الأمم المتحدة على ماهي عليه ، مجرد هيئة معطلة لصالح خمسة دول ، حيث يجب إعادة النظر إلى التوازنات الدولية الجديدة فالدول التي خرجت من الحرب العالمية الثانية خاسرة لم تعد كما كانت سابقا وثمة اقتصادات وقوى ناشئة جديدة ينبغي النظر إليها بطريقة مختلفة ، ولكي تصبح المنظمة الدولية تعبيرا حقيقيا عن مصالح الدول يجب العمل على تنظيم حق النقض وقوننته بطريقة تجعله غير خاضع لإرادة دولة واحدة ، أو أن يتم توسيعه وزيادة الدول التي تمتلك هذا الحق بحيث تصبح قارة مثل افريقيا لها تمثيل دائم في مجلس الأمن وتعديل التمثيل الأسيوي والأوربي ، وكي تتخلص هيئة الأمم المتحدة من عطالتها عليها أن تعيد النظر إلى أدائها خلال السنوات العشر الأخيرة وهي عاجزة عن إيجاد حل يمنع استمرار طغيان السلطة ويمنع دخول التطرف و تدخل الدول الإقليمية لمصالحها المعادية للمصلحة الوطنية للدول ، ولاسيما سوريا .
تحتم بعض الحالات التدخل الدولي لوقف المجازر ومحاكمة مجرمي الحرب وعدم انتقال التوتر إلى الدول المجاورة وهذا ما لم يحصل في سورية، فعندما وقفت الحرب داخل حدودها ولم تعد تهدد جيرانها كف العالم عن التدخل الفاعل مما سمح بتحولها إلى حرب بالوكالة عن دول المنطقة. ونُسي الشعب السوري ومطالب ثورته بانتظار توافق المتحاربين وفق مصالحهم وكفت الأمم المتحدة عن الوجود بالنسبة للسوريين.
• فهل كفت الأمم المتحدة فعلاً عن الوجود أم أنها لم تكن موجودة بشكل فاعل, أم أن مبعوثها الدولي ما يزال ينتظر توقيع الروس وسلطة الأسد على حصته من اللجنة الدستورية، حاله كحال المؤسسات الإنسانية التابعة لهيئة الأمم المتحدة التي كانت على مدى السنوات السبع الماضية خاضعة لابتزاز السلطة السورية في تقديم المساعدات للشعب السوري؟

مواطنة 29.09.2019

 

 

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة