ادلب معزولة السلاح
نجحت الاتفاقية التي وقعت بين روسيا وتركيا في 17 أيلول 2018، في مدينة سوتشي حول مدينة ادلب في تجنيب المدنيين وتحييدهم عن ويلات العنف والتهجير على غرار بقية المدن كالغوطة، وحلب الشرقية، وقد كان من بين بنود هذا الاتفاق وجود منطقة معزولة السلاح. وكما تبين لاحقا من إجراءات تطبيق الاتفاقية أن هذه المنطقة هي من نصيب مناطق المعارضة، ولاسيما الفصائل المعتدلة، بالتأكيد أن لهذه الاتفاقية على الصعيد الإنساني ايجابياتها ونحن نشيد بها.
أما على الصعيد السياسي تم سحب الأسلحة الثقيلة من الفصائل المعتدلة، وهذا الأمر الذي يضع مدينة ادلب أمام سيناريوهات مختلفة، ولاسيما مع التصريحات الروسية التي تؤكد على أن ادلب هي جزء من سوريا ويجب أن تعود إلى سلطة النظام، وهذا يعني أنه قد يتم تسليمها لاحقا إلى النظام، أو أنها سوف تستمر لفترة أطول تحت الهيمنة التركية والتي لم تعط في مناطق سيطرتها – درع الفرات – نموذجا أفضل من نموذج سلطة المعارضة أو النظام.
كما أن بقاء ادلب تحت الهيمنة التركية قد يترتب عليه لاحقا في ظل غياب الحل السياسي الكثير من المخاوف كالتنازل عن ادلب على غرار لواء إسكندرونة، وذلك نتيجة تخوف الناس من العودة إلى سلطة النظام وما قد يترتب عليها من عمليات انتقامية اتجاه كل المعارضين الذين اختاروا البقاء في ادلب من خلال طرحها للتصويت، ومؤخرا بدأت تركيا بإجراء إحصاء سكاني في ادلب الغاية منه غير معروفة أو واضحة.
التصريحات التركية الأخيرة، إن صحت حول اعتبار ادلب هي مدخل لمواجهة شرق الفرات، هذا يعني نقل الصراع إلى الداخل السوري مجددا، وتحوله إلى صراع شرق الفرات وغرب الفرات، وبالتالي مزيد من دماء السوريين على ايدي السوريين، وبالتالي يصبح النظام أكثر أمانا واستقرارا في مناطقه مما يمهد له لاحقا بسط سيطرته على جميع المناطق مستغلا الدعم الروسي.
لا أحد يستطيع أن ينكر أن المعارضة السورية خسرت قدرتها على اتخاذ قرار بشكل منفرد، كذلك الأمر بالنسبة للنظام، اليوم جميع الأطراف في سوريا قرارها ليس بيدها، وهذا لا يعني الاستسلام لحالة العجز والإحباط التي بدأت تسود داخل القوى السياسية المعارضة، وكذلك الشارع السوري، بل ينبغي البحث عن منافذ جديدة للعمل لإعادة القرار للسوريين، وخلق بيئة مناسبة للعمل السياسي والإنساني، وذلك بخلق تحالفات جديدة، والعودة إلى القضية الأساسية وهي سوريا الموحدة الحرة .
تيار مواطنة 13-10-2018