طبول حرب أم عض أصابع ما بين أمريكا وإيران 20-5-2019

 


بعد إعلان أمريكا عن بدء العقوبات الاقتصادية المشددة على ايران، والتي هي صفر صادرات نفطية، أبدت إيران اعتراضاً شديداً، مهددة أن ذلك لن ينعكس عليها وحدها، بل سينعكس على كامل أمن الخليج والصادرات النفطية فيه، وأنه إذا لم تستطع نقل نفطها عبره فلن يستطع الآخرون أيضاً.
عاجلت أمريكا بنقل بوارجها الحربية للمنطقة، رافعة من مستوى التهديد لإيران رداً على تصريحاتها تلك، وهي تفتح الباب موارباً بالوقت ذاته للحوار وفق شروطها، إذ أعلن ترامب عن رقم هاتف سويسري يمكن لإيران الاتصال به من اجل بدء الحوار. ولكن إيران لم تستكن، وبدلاً من الاتصال بالرقم المعطى، أرسلت قاسم سليماني الى العراق، ليعلن من هناك أن كل مصالح أمريكا في العراق ستضرب إذا اقتضى الأمر، كما أوعزت لوكلائها في المنطقة ببدء ضرب المصالح النفطية لحلفاء أمريكا، فكان تخريب السفن الأربع، اثنتان سعوديتان وإماراتية ونرويجية، وكان القصف على المنشآت النفطية السعودية، فهل قرعت طبول الحرب إذاً؟
لفترة قصيرة سُمعت طبول الحرب في المنطقة، وتسائل الجميع هل هناك حرب خليجية ثالثة، ولكن سرعان ما عاد الطرفان للتهدئة، فأعاد ترامب التذكير برقم الهاتف السويسري، وأعلنت أمريكا أنها مستعدة للحوار ولبحث شروط جديدة للاتفاق النووي مع إيران، كما وصرح رئيس لجنة الأمن القومي الإيراني أنهم لن يتجهوا للحرب، وربما تدخلت دول العالم بذلك سواء الأوربية منها أو دول المنطقة، أو روسيا التي أعلن منها بوتين أن روسيا ليست فرقة إطفاء ولن تستطيع إنقاذ الاتفاق النووي، هذا التصريح يفهم كمحاولة ضغط على إيران حليفة روسيا للتنازل قليلاً والقبول بالحوار مع أمربكا للوصول الى اتفاق جديد.
من كل ما سبق، نستطيع أن نقول أن ما جرى كان لعباً على حافة الحرب، أريد منه من قبل الطرف الامريكي، الوصول الي اتفاق جديد يحد من هيمنة إيران الإقليمية، ويعيدها الي حجمها السابق إقليمياً والذي تجاوزته كثيراً، ويحد من قدرتها النووية، وذلك خدمة لحضور حلفاء امريكا في المنطقة، سواء العرب منهم كالسعودية والإمارات، أو إسرائيل، وأريد منه من قبل الإيرانين الحفاظ ما أمكن على المكتسبات التي استطاعت الحصول عليها في الحقبة الأوبامية، من الاتفاق النووي الذي أبرم، الى وجود وهيمنة في المنطقة تتجلى في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن.
يمكن للمرء أن يعتقد، أنه وإن تكون طبول الحرب قد هدأت، لكن لعبة عض الأصابع لن تكون لصالح إيران، فإن الامريكان جادون في الوصول لما أرادوه من اتفاق جديد يحجم دور إيران في المنطقة، و إن العالم بأجمعه أعلن أنه لن يستطيع مواجهة هذه الرغبة الامريكية أكثر من ذلك، فانصاع لتنفيذ العقوبات الاقتصادية الجدية على ايران من جهة، وأعلن في بعض الاحيان أنه لن يستطيع حماية إيران أكثر كما فعل بوتين. إذاً لن تندلع الحرب، والطرفان وإن يكونا متهورين في كثير من الأحيان، يلتزمان حدود الصواب عندما يلزم.
إن استطاعت أمريكا الوصول الى أهدافها بدون حرب مكلفة للمنطقة، سيكون ذلك في مصلحة شعوب هذه المنطقة، فإن أي حد من النفوذ الايرانيين سينعكس استقراراً اقتصادياً وسياسياً في المنطقة، وسيخفف من ويلات الحروب المشتعلة فيها، إذ سيدفع إيران ووكلائها والنظم السياسية المحلية التي تتلقى الدعم منها إلى القبول بتسويات سياسية تنهي هذه الحروب. وهو ما سينعكس بقوة على حالتنا السورية.
إننا في تيار مواطنة نرى أن انكفاء الهيمنة الإيرانية، سيؤدي الى خروجها من سوريا وهو ما تسعى إليه أمريكا وما تطلبه حليفتها اسرائيل، أو الى تقليص حضورها، وهو ما سينعكس إيجابياً على الحالة السورية، وسيدفع النظام لتقديم تنازلات على طريق الحل السياسي، وعليه نرى أن في الضغط الأمريكي على إيران مصلحة للشعب السوري ولكننا نتمنى أن يكون ذلك بدون حرب جديدة تدفع ثمنها شعوب المنطقة والمدنيين فيها. فقد نالهم التعب ولن يستطيعوا تحمل ويلات حروب جديدة.

تيار مواطنة

المكتب الإعلامي 20 أيار 2019

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة