السودان.. لا حوار مع النظام-5-6-2019

الثورة السودانية والتي ما تزال مستمرة منذ ما يقارب أربعة أشهر في محاولة لتحقيق أكبر قدر من المكتسبات السياسية والاقتصادية التي قامت لأجلها، الثورة السودانية التي أسقطت حكم البشير الذي امتد ثلاثين عاماً، مازالت إلى الآن تصارع لإسقاط النظام، فلم يكن كافياً رحيل رموز الاستبداد لتتحقق مطالب قوى إعلان الحرية والتغيير والشباب الثائر.
إنحاز العسكر إلى جانب قوى إعلان الحرية والتغيير في بداية الأمر الذي كان له دور كبير في قلب موازيين القوى بسرعة، لصالح الحراك المدني، لكن شيئاً فشيئاً بدأت تتكشف مطامعهم، ومحاولة استلام السلطة، وحصد مكتسبات الثورة لصالحهم. لقد حظي المجلس العسكري الانتقالي بدعم الدول الإقليمية ولاسيما السعودية والإمارات ومصر، كما حاولت هذه الدول التدخل لصالحه وذلك للعلاقة التاريخية التي تربطهما ببعض والمصالح المشتركة من أجل الإبقاء على المقاتلين التابعين له في اليمن لمواجهة الحوثي.
دخل العسكر وتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير بالعديد من المفاوضات والتي تم الاتفاق لاحقاً على عدد من البنود أهمها مرحلة حكم انتقالي مدتها أربع سنوات والدستور، أما البند الآخر الأكثر أهمية فهو تسليم السلطة إلى جهة مدنية حيث ليس من المنطقي أن يستلم العسكر السلطة السياسية كما يرى الثوار، والذي عزز الخلاف بين الطرفين، ودفع بتحالف إعلان الحرية والتغيير إلى استمرار الانتفاض والاعتصام العام في الساحات، الأمر الذي الذي وُوجه بالعنف من قبل قوات التدخل السريع الجنجويده وأدى إلى خسارة العديد من الشهداء المدنيين، مما دفع إلى رفع شعار “لا حوار مع النظام، تسقط وبس!” من قبل الثوار، في مقابل دعوة المجلس العسكري للتفاوض في أقرب وقت ونفي ممارسة العنف في الساحات والشوارع وإلغاء جميع الاتفاقيات السابقة والدعوة لتشكيل حكومة جديدة مؤقتة تتسلم المهام الإدارية وإجراء انتخابات خلال 9 أشهر.
مما لا شك فيه أن العسكر في السودان لا يختلف كثيراً عن أي عسكر في المنطقة العربية من حيث العنف والأساليب، فالمجلس العسكري السوداني الحالي كان شريكاً بحرب دارفور والمجازر التي ارتكبت سابقاً، كما أنه لم يعد بالقوة التي كان عليها سابقاً، حيث هناك الكثير من الميليشيات الموازية له والتي لها تأثير قوي وفاعل في المشهد السوداني.
وبالنظر إلى تعقيدات المشهد السوداني اليوم، وفي ظل محاولات التدخل الإقليمية والدولية إلى تعزيز موقف المجلس العسكري في مقابل دعم خجول للشباب المنتفض، ومع فشل النظام وبقاياه إلى الآن في جر الشباب إلى السلاح والعنف، يبقى الرهان على مدى قدرة القوى السياسية والنقابية على التحالف وتوسيع دائرة المتحالفين ممن يرفضون النظام وقدرتهم على الثبات في الميدان بعيداً عن العنف، والاستمرار في الضغط والمطالبة، وإعلان العصيان المدني كسلاح أخير أمام الشعب السوداني، والأمر الآخر هو اتفاق القوى السياسية على برنامج انتقال ديمقراطي والتفاوض مع العسكر ومحاولة إشراكهم- على مساوئهم- في الحكم، فمن غير المنطقي إقصاؤهم على الأقل في المرحلة الانتقالية، ومحاولة التوصل معهم إلى حكومة ذات ثقة لدى الطرفين تقود المرحلة .

تيار مواطنة

المكتب الإعلامي 04 حزيران 2019

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة