إدلب ومستقبل الحل في سورية 18-8-2019

كتب مواطن من إدلب وفي هذه الظروف المأساوية المادة التالي، ولقناعتنا الراسخة بأن هكذا مساهمات تغني موقف تيار مواطنة فإننا نرحب بكل مساهمة رصينة كهذه المساهمة.

يرجح الكثير من المحللين أن مستقبل الحل في سوريا مرتبط بشكل كبير بالطريقة والمآل الذي سينتهي إليه الوضع في إدلب. وأن إنهاء موضوع إدلب يقتضي إنهاء مسار أستانة بأحد طريقين؛ أولهما  أن ينتصر الروس ويفرضوا الحل الذي يشاؤون أو ثانيهما أن يجبَروا على التوقف عند حدٍ ما لا يمكنهم تجاوزه وعندئذٍ يضطرون للعودة إلى مسار جنيف والحل الشامل وهذا ما يريده الغرب.

في الوضع الميداني تقاوم الفصائل في ريف حلب الشمالي وإدلب الهجوم الروسي باستماتة كبيرة ولكن خطوط القتال أُنهكت وبدأت تنهار بالتتابع واحدة تلو الأخرى, وللموضوعية يمكن القول أنه مهما استبسل المقاومون في وجه القصف الهمجي المدجج بأعتى الأسلحة المتطورة فلن يفلحوا في صد الهجوم ما لم تتح حرية المناورة وحيوية المواجهة في مناطق اشتباك أخرى تخفف ضغط وتركيز الهجوم وتشتت قوى العدو وتهدد خواصره الرخوة بل وتوجه ضربات موجعة فيها وهم يمتلكون الإمكانية لفعل ذلك ولكنهم ممنوعون بفضل التفاهمات الروسية التركية والحقيقة من المستغرب أن يحاصر حليف (كالأتراك) حليفه (الفصائل) من كل الجوانب ويجبره على القتال في منطقة محددة في معركة خاسرة حتماً.

المعارك الآن تدور حول خان شيخون ويبقى محور انسحاب النقطة التركية في مورك سليماً فهل سينتقل الهجوم إلى مناطق أخرى وتبقى محاور للنقاط التركية لتحل مشكلتها في أستانة (14) وأن يحدث ترسيماً جديداً؟

إن الهدف المعلن للروس في هذه المعركة هو تنفيذ اتفاقات أستانة (13) أي إبعاد الفصائل عن خط الجبهة مسافة (40) كم عشرون منها لتسيير الدوريات التركية الروسية وعشرون كمنطقة خالية من السلاح الثقيل والمتوسط, والغريب أيضاً أن فصائلاً وقعت على هذا الاتفاق وتقاتل الروس الذين يعملون على تنفيذه وفصائلاً أخرى أعلنت أيضاً أنها لا مانع لديها من فتح الطرقات وتقاتل, فإذا تم التوقيع على تسليم المنطقة فلماذا التضحية بهؤلاء الشباب؟! وهل من الممكن أن يكون هدف العمليات هو التهجير لضمان أمن الطرقات؟ أما ما يقال عن رفض بعض الفصائل لتفاهمات الأستانة واستمرارها بالقتال فهو حتى الآن منسجم مع غير الرافضين لأن الجميع في معركة واحدة ولكن حين تنتهي الأمور إلى المآل المتفق عليه سيصبح إصرارها على الرفض انتحاراً حقيقياً.

وفي الوضع العسكري والسياسي, يمكن القول أن كل من يقع من الفصائل تحت مسميات غصن الزيتون ودرع الفرات والجيش الوطني والجبهة الوطنية للتحرير هي تابعة عسكرياً وسياسياً لتركيا بلا أدنى تمايز بينها, بل هي مستعدة لأن تخوض الحروب التي تريدها تركيا وتقبل بالحلول التي تقبل بها تركيا ولا تملك من الاعتراض حصةً,  فقد سلّمت أمورها منذ زمن للأتراك ولم يعد تفكيكها اذا أراد الأتراك أصعب من تفكيك وحدة عسكرية تركية لذلك فان كل النداءات والمناشدات لهذه الفصائل لا معنى لها, بل راحت هذه الفصائل تتأهب بين الفينة والأخرى لخوض معركتها المقدسة ضد قسد ! لماذا؟ لأن لدى تركيا هواجس بخصوص الكرد ولا نعرف إن كانت هذه الهواجس تهم الفصائل أكثر من قتل النظام والروس لأهلهم وذويهم وتهجيرهم, كما ويدعون أن قسد تتفاوض مع النظام وربما ستسلمه المنطقة إذا تخلى الأمريكان عنهم  وهذا ممكن ولكن ضمن شروطها التي تفاوض النظام عليها -اذا كان التفاوض حاصلاً كما يشاع- ولكن هذه الفصائل نفسها مع (ضامنها) تسلم النظام المنطقة تلو الأخرى وليته لو كان التسليم بلا مقابل فحسب وبلا شروط بل يتم ذلك التسليم بعد تهجير أهلها.

الناس في الشمال يشعرون اليوم أنهم وضعوا رقابهم تحت سكين الجزّار وهو النظام المتوحش وأنه لا أمل لهم بنصير إلا ممن باعهم , وضع شبه ميؤوس منه ما لم تحدث مفاجأة ما ليست في الحسبان.

إن التفاهمات الأمريكية التركية -كما يعتقد- لن تصل إلى نتيجة لا لأن الخلاف على عرض المنطقة الآمنة مازال كبيراً وليس فقط لأن الخلاف على الإشراف عليها يصعب حله, بل لأن أحد أهم أهداف الأمريكان كان ومازال دعم التواجد الكردي في المنطقة الشمالية وعدم منح الروس إمكانية الانتصار وأساساً عدم قبول الأمريكان لأي محاصصة روسية تركية تؤدي إلى نظام جديد في سورية له وجه إسلامي سلطوي أسدي, في الوقت الذي يعود فيه الأتراك إلى أستانة ليصححوا ما اختل من علاقتهم بالروس معطلين كل أفق للاتفاق مع الأمريكان والاستفادة من استراتيجيتهم في شمال سورية وشرقها.

مواطن من إدلب 19 آب 2019

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة