الرقة – الديمقراطية بين الشعارات والتطبيق..!

منذ 10 آب الجاري، تتوالى أخبار اعتقال نشطاء للعمل المدني في الرقة من قبل دوريات تابعة لقواتقسدحيث اعتقلت الشاب صلاح الكاطع وثلاثة من زملائه، بعد الاعتداء عليهم بالضرب أمام عدد من المدنيين، وعبر سيارات عسكرية تم اقتيادهم إلى مكان مجهول، ومن بين المعتقلين برز اسماء كل من إياس العبو، وأنس حسن العبو، وخالد سعود السلامة وكلهم نشطاء منظمات عمل مدني.

وبعد أيام من اعتقال هؤلاء النشطاء، عاودت قواتقسداعتقال الطبيب حسن قصاب الذي لم يمضِ يوم واحد فقط على زواجه وهو الموظف في مؤسسةكرييتفالامريكية، بعد اقتحام منزله والاعتداء عليه بالضرب والشتم، واقتياده إلى أحد مقراتهم في مدينة الطبقة.

كما داهمت دورية عسكرية تابعة لقواتقسدمكتب منظمةإنماءفي مدينة الرقة، واعتقلت مديرها أحمد الهشلوم ونقلته إلى مكان مجهول.

لاحقا لذلك، نشرت بعض وسائل الإعلام التابعة لل PYD أن النشطاء المدنيين هؤلاء يدعمون ويتبعون لتنظيمداعشفي محافظة الرقة، وزعمت أن الطبيبحسن قصابهو أحد أبرز قياديي داعش في المنطقة، وأنالهشلومهو أحد أبرز قياديي التنظيم في الرقة، حيث اعتاد المستبد بطرح الاتهامات المعلبة الجاهزة دون اصول قانونية وادعاء عام قبل المضي الى الاعتقال.

في الموقف من هذا الانتهاك يمكننا القول عموماً أن آليات تمثيل موضوعي وديمقراطي لمكونات شمال وشرق الفرات في مختلف مؤسسات صنع القرار غير محققة منذ تحرير المنطقة من داعش وحتى الآن، وبالرغم من تفهمنا للضرورات الأمنية، علينا أن لا نسقط من الحسابات أهمية هذا التمثيل في ترسيخ الاستقرار المستدام في المنطقة، وهذا عامل رئيسي في حفظ أمن المنطقة وتحصينها تجاه مختلف المخاطر.

بعد التحرير منداعش” –التحرير الذي انجزه التحالف الغربي وقوات سورية الديمقراطيةوالذي كنا قد حييناه في حينه, شرط التوقف عن الممارسات القمعية والاستبدادية للسلطات الجديدة والمضي بتشاركية عالية أهلية ومدنية للنهوض بالمنطقة من جديد بعد أن حل بها ما حل

إن الدمار الواسع الذي طال مدينة الرقة بشراً وحجراً , دفع عدد من ابناءها بُعيد تحريرها إلى تأسيس بعض منظمات المجتمع المدني التي لعبت دوراً جيداً في إعادة الاستقرار النسبي الذي مايزال هشاً وتتهدده الكثير من المخاطر ومازلنا في تيار مواطنة نحذر منها ونقف بالمرصاد لتعرية كل الانتهاكات التي تعتري سلوك الادارة وسلطات الأمر الواقع.

ولقناعتنا بأن المنظمات المحلية المدنية تساهم فعلياً في ردم الهوةالتي اتسعت مؤخراًبين المكونين العربي والكردي, حيث راح أبناء الرقة (وأغلبهم عرباً كما هو معلوم) يشعرون بتحقق دورهم وتمثيلهم نسبياً عبر هذه المنظمات كمنبر متاح ويسمح بالمزيد من المشاركة, نظراً لغياب تمثيل الأهالي الفاعل بمستويات القرار الأخرى، حيث لازالت معظم المؤسسات السائدة تعبر عن إرادة ومصالح PYD وليس إرادة الأهالي وأبناء المنطقة، وهذا ما يؤكد أهمية وجود تلك المنظمات وضرورة السماح لها بالاستمرار وعدم التضييق عليها عبر مختلف الآليات كالتراخيص قصيرة الأجل المتبعة عادةثلاثة اشهر فقطأو عبر التهديد بالتجنيد الاجباري لكواردها، أو عبر الاعتقال الذي طال مؤخراً بعض أهم كوادرها الرئيسية ودون أي مبرر قانوني ودون عناء اصدار بيان رسمي او تصريح يكشف الأسباب والدوافع.

من المهم اليوم أن يتضامن الجميع مع ناشطي الرقة المدنيين المعتقلين في سجون قسد, وتحريرهم مسؤولية كل المقتنعين بالاهمية السورية الاستراتيجية لشمال وشرق الفرات والرقة بشكل خاص، وعلى كل مقتنع بدور العمل المدني الفريد والمهم كرافعة لمطالب التغيير الديمقراطي والمشاركة المجتمعية أن يناضل لتحرير المعتقلين عموماً ومعتقلي الرقة المدنيين بأسرع وقت.

لقد آثار اعتقالهم لدينا القلق البالغ حول الكثير من الادوار الحالية والمستقبلية السورية والديمقراطية التي مازلنا نأمل أن يحققها شمال وشرق الفرات والتي نراهن عليها ونظن أن تجربة شرق الفرات مؤهلةً لتبنيها واحتضانها, ونؤكد على أهمية الشراكة العربية الكردية لتحقيق مطالب التغيير الديمقراطي في سوريا كلها، ومن هذه الزاوية نوجه نداءاً عاجلاً لمعالجة هذه القضية بأسرع مايمكن وبما يضمن عدم إثارة المزيد من السّخط لدى السّكان المحليين، ويحفّز على المزيد من المشاركة وتحقيق الاستقرار.

يجب وقف كافة أشكال الاعتقال التعسفي، وندعو لتبني آليات قانونية وقضائية يمكن أن يتداعى حقوقيو المنطقة لتشكيلها بحيث تضمن الحقوق والحريات، ويمنع الاعتقال وينحصر بموجب ادعاء عام واجراءات قانونية نزيهة ومستقلة في إطار الحفاظ على الامن والمصلحة العامة.

كما أننا في تيار مواطنة نؤكد أن الحماية الامريكية المستمرة لشرق الفرات يجب ألا تدفع PYD ذات التراث الاستبدادي الشمولي إلى التغول وممارسة سلوك سلطة الأمر الواقع بالتحكم والتعسف على حساب الحوكمة الفعالة, ونطالب التحالف الغربي الداعم بالتدخل لانهاء هذه الممارسات واطلاق المعتقلين المدنيين والدفع باجراءت قانونية ومحاكمات عادلة لكل حالة اعتقال, وبناء الآليات القانونية المستدامة والمستقلة في تجربة شرق الفرات, والسعي الحثيث لمشاركة أوسع شريحة من المجتمع المحلي في الوصول الى تمثيل حقيقي ووازن في مراكز صنع القرارات وادارة شؤون المدن والبلدان,  ففي نهاية المطاف لن يكون الضامن لمستقبل سوري ديمقراطي شعاراتياً, بل المزيد من الديمقراطية واستقلال السلطات القضائية في تجربة شرقي الفرات الواعدة, ونحذر من استمرار هذه الممارسات التي تصب الزيت على النار وتزيد فرص تجدّد الارهاب والعنف بدل التخلي عن الأسباب والذرائع المولدة له

تيار مواطنةمكتب الإعلام

٢٣٨٢٠١٩ 

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة