مدافع أردوغان وبشار وجهاً لوجه..!

يراهن كثيرون على دخول الجيش التركي خط المواجهة الساخنة ضد جيش السلطة شمال سورية, إذ بعد مصرع 5 جنود أتراك وجرح آخرين في نقطة مراقبة مطار تفتناز بنيران قصف السلطة, وللمرة الثانية ليصل عدد القتلى الترك الى 13 خلال الاسبوعين الاخيرين, والآن بعد سلسلة خسائر ميدانية بالغة منيت بها فصائل المعارضة خلال الشهرين المنصرمين بدءاً من استرجاع خان شيخون ومروراً بمعرة النعمان وليس انتهاءً بسراقب واطباق قوات النظام على كامل طريق حماة – حلب ( M5 ) والتوجه غرباً للسيطرة أيضاً على ما تبقى من طريق اللاذقية – اريحا ( M4 ) حيث أمست القوات على بعد كيلومترات من مدينة ادلب عاصمة ”الجولاني“ ربيب ”القاعدة“ والمتنصل منها. في حين تستمر معاناة أكثر من مليون مدني تحت سلطة هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً), ومع تصاعد التهديد لخطر توغل المليشيات السلطوية الانتقامية حال اقتحامها المدينة, وما يستتبعه من قتل و تدمير أو تنكيل وتهجير للمزيد من اللاجئين الى الحدود مع تركيا دون توفر أدنى شروط العيش هناك.

لكن الرهان على تورط اردوغان بمواجهات عسكرية مفتوحة لن ينجح -كما يعتقد الكثيرون- ليس بسبب عمق المصالح الاقتصادية والاتفاقات التركية الروسية, وليس بسبب غياب دعم غربي كافي من ”حلف الناتو“ للمضي بهذا الخيار, بل بالنظر لاستمرار مراهنة اردوغان على العودة الى التوافقات الثلاثية التي بدأت منذ سقوط حلب (تسليمها) قبل اربع سنوات وانسحاب مقاتلي المعارضة حينها الى ادلب, ولحق بهم مقاتلو الغوطة ودرعا وريفي حمص وحماة وعائلاتهم, بضمانات أو تواطئ تركي وفق اتفاقات ”خفض التصعيد“ التي لم تشهد واقعياً سوى خفض قدرات المعارضة بالتزامن مع التصعيد الاسدي, وبالتالي استرجاع السلطة لمناطق كانت قد خرجت منها, حيث استغلت تركيا ذلك لتأكيد حضورها على الارض السورية في منطقة ”درع الفرات“ مستبدلة بانتشارها سيطرة ”داعش“ التي كانت هناك, ثم سيطرتها على ”عفرين“ ومحيطها التي شهدت تهجير قسم كبير من الكرد إثر عملية ”غصن الزيتون“, وأخيراً اكملت احتلالها جيب ”تل ابيض“ و”رأس العين“ بعملية ”نبع السلام“ في شمال شرقي سوريا بحجة انشاء ”المنطقة الآمنة“ التي يبتغي منها الاجهاز على الحلم الكردي, ومنع انشاء منصة دعم جديدة لحزب العمال الكردستاني, حيث لم يكن ليتم ذلك بدون التوافقات مع الروسي بعد الأمريكي.

أما شهر العسل التركي والروسي فلن يستمر لأسباب عدة منها الخلافات بالموقف في القرم و ليبيا على خلفية دعم الروس لقوات حفتر ومن خلفهم الامارات والسعودية ومصر خصوم اردوغان في سوريا والمنطقة على حد سواء, كما تعززت الخلافات  بعد فشل لقاء مسؤولي الاستخبارات التركية والسورية برعاية الروس ويضاف اليه عدم مراعاة ما تم التوافق عليه في “أستانة وسوتشي“ كتفكيك ”النصرة“ في ادلب وانتشار الدوريات المشتركة على الطرق M4-M5، فضلاً عن تنقل تركيا البراغماتي بين الارادتين الأميركية والروسية, القائمة على ثقة اردوغان بان الغرب لن يقبل بانتصار الاسد واكتساح ادلب لما يشكله ذلك من موجات لجوء كبيرة قد تهدد أوربا, فضلاً عن انسداد افق التفاوض والانتقال السياسي.

وعليه ستؤكد وقائع الارض على محدودية المواجهات وانضباطها برغم تفاقم عض الأصابع بين الطرفين, حيث سنشهد معارك وظيفية ولغايات أغلبها اعلامي يخوضها ”اردوغان” الذي خسر كثير من شعبيته -انتخابات ”استانبول“- مع تصدّع خندق تنظيمه ومناصريه داخلياً, ففي محاولاته لاستعادة بعضاً من شعبيته المتهافتة أيضاً بين مناصريه من السوريين والفصائل التي حاربت معه في معاركه شمال سوريا وشرق الفرات وليبيا, وبالتالي لن تتعدى المعارك -ان حصلت- استعادة الهيبة الجريحة للتركي واستمرار الضغط على الروس ميدانياً في المواضع التي تعجز الديبلوماسية عن انجازها, ومنها تحقق مطالب تركية المتمثلة بمنع الكرد من التمدد ميدانياً أو سياسياً (سيما بعد تردد الاخبار عن قرب مشاركة ”قسد“ في العملية السياسية بدعم من روسيا والسعودية عبر لقاءات القاهرة)، فضلاً عن حرصهم على ضمان حصتهم من مشاركة الاسلاميين في اي حل سياسي قادم. ولهذا لابد من ترقب نتائج لقاء ”جيمس جيفري” مع القادة الاتراك فضلاً عن الاتصالات الامريكية الروسية التي تؤكد حساسية الموقف وانفتاحه على احتمالات عدة, فالاتراك لن يتخلوا عن ادلب فهي تشكل خندق الدفاع الاول عسكرياً عن مناطق نفوذهم شمال حلب وجرابلس, ولهذا سيضعون حداً للهجوم السلطوي مرحلياً, والا ما تفسير أن يعلن الترك المحور M4 منطقة عسكرية, ويحركوا معدات وقوة ثلاث الوية عسكرية الى داخل الأراضي السورية, ويعتقد أنهم هم من اسقطوا المروحية السورية وقد يثابروا على هذا في الايام القريبة القادمة.

إننا في تيار مواطنة اذ نؤكد على رفضنا اقتحام النظام لادلب -تحت أية ذريعة كانت- وما سيتسبب به من تهجير واسع للمدنيين وخسارات بشرية ومادية جديدة, بالرغم من رفضنا الثابت لوجود وسيطرة ”النصرة“ على ادلب ومحيطها وتأخر تفكيكها حتى الآن, ولهذا نؤكد على ضرورة توفير حماية أممية للمدنيين وفق اتفاق دولي يضمن انهاء ”النصرة“ ويمنع دخول مليشيات السلطة الانتقامية, بحيث يحفظ للمدنيين حق بقائهم في بيوتهم دون تهجير أو تدمير, والمضي بالحل السياسي وفق المقررات الدولية وعلى رأسها القرار 2254.

يبقى الانتقال السياسي خيارالسوريين -المكلومين بسلطة غاشمة وظلاميات تلبس ثوب المعارضة- خياراً يحقق السلام والعدلة الانتقالية ونهاية هيمنة بشار الكيماوي على السلطة ويمنع وصول المتطرفين اليها أيضاً, وهذا يتطلب أولاً انفتاح السوريين على بعضهم البعض بمختلف انتماءاتهم مستفيدين من أثر الحراك الشعبي بلبنان والعراق ومن معطيات الضغط الدولي الغربي على سلطة الاسد وايران, وتوافق العالم على انهاء الارهابيين والمتطرفين في المنطقة.

تيار مواطنة – مكتب الإعلام

12-02-2020

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة