جولة أفق..
في الوقت الذي تطغى فيه أخبار فايروس كورونا COVID19 على جميع الأخبار في العالم إعلامياً، كما أنها تشغل جميع الدول سياسياً واقتصادياً على جميع المستويات، لكن هذا لن يعني توقف الأحداث السياسية في العالم،
فمنها مثلا استقبال رأس السلطة أمس لوزير الخارجية الإيراني “جواد ظريف” في زيارةٍ مفاجئةٍ، حيث ذكرت وزارة الخارجية الإيرانية في بيانها أن زيارة ظريف ستستغرق يوماً كاملاً لمناقشة “العلاقات الثنائية الإيرانية – السورية” و“آخر التطورات في المنطقة” و“التقدم الميداني بمحاربة الإرهاب في سوريا”.، ولكن هذه الزيارة جاءت لتأكيد الدعم الإيراني لرأس السلطة في فترة تبدو فيها العلاقة حرجةً بينه وبين الروس، فعلى الرغم من إعلان الروس سابقاً عدم تمسكهم برأس السلطة، إلا أنها ولأول مرة ومنذ التدخل الروسي لدعم النظام تقوم الصحافة الروسية بانتقاد رأس السلطة ومهاجمته، فهذا ما فعلته صحيفتا البرافدا، والوكالة الفديرالية الروسية، حيث يبدو توقيت هذه التصريحات متناسباً مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في حزيران 2021، ما يعكس أسلوباً جديداً بالتعاطي مع النظام السوري، و يوصل رسائل مبطنة إلى رأس السلطة تشي بأن الأمور لن تعود إلى ما كانت عليه قبل 2011م، وتعبر عن قلق الروس من عدم المحافظة على المكتسبات التي حققوها وأن ثمة خسائر حقيقية قد لحقت بهم في سوريا وقد تستمر ولاسيما مع عودة الاضطرابات إلى درعا.
ولكن ما الذي يمكن أن يقدمه ظريف أو بوتين لرأس السلطة؟
فإيران تئن تحت وطئة جائحة كورونا، وتعلن عن عدم قدرتها على مكافحته يوماً بعد يوم في ظل الوضع السّيء والحصار الاقتصادي، وهذا ما يصرح به مسؤولوها، كما أن وجودها في سوريا والمنطقة بات يواجه برفض أمريكي وإسرائيلي، وعلى مدى السنوات الماضية الثلاث لا يكاد يمضي شهر دون أن تتعرض مراكز ومواقع تابعة لها للاستهداف الإسرائيلي في سوريا ولعل أبرزها كان الاستهداف الأمريكي لقاسم سليماني في العراق.
بينما يتعرض اقتصاد روسيا لصفعة قوية بعد إغراق السعودية السوق العالمي بالنفط من جهة، وإغلاق الحدود الدولية بفعل الجائحة من جهة أخرى, الامر الذي جعل الوضع أكثر تأزماً دون أن ننسى أثر العقوبات الاقتصادية, أما في سوريّا فما تزال إدلب ومناطق الشمال ورقة مناورة بيد المعارضة وحليفها التركي -على الصعيدين المحلي والدولي- و بدأت مؤخراً بتسيير دوريات مشتركة بينها وبين تركيا على طريق M4 ما يعكس تقدماً في الاتفاق الروسي/التركي في إدلب، ومازال الوجود الأمريكي في شرق الفرات وهيمنته على حقول النفط والمنطقة عثرة كبرى أمام الروس والنظام معاً، ولاسيما مع استمرار الولايات المتحدة بتعزيز قواتها في المنطقة على عكس ما صرّحت به سابقاً ملوحةً بالانسحاب وتخفيض قواتها في سوريا، وهذا ما حدث الأسبوع المنصرم، الأمر الذي استنكره الروس بالعودة إلى التصريح أن الوجود الأمريكي غير شرعي في سوريا، مما يؤكد أن الأمريكان لم يدخلوا لأجل هزيمة داعش فحسب ولن يتركوا الساحة للروس والسلطة السورية دون مقابل.
فهل تستطيع هاتان الدولتان -في ظل كل ذلك- تحمل تبعيات الحفاظ على رأس السلطة ورفضه الدائم للحل السياسي أو تقديم التنازلات، وهل تستطيعان الاستمرار بالحل على طريقتيهما في سوتشي وأستانا فقط؟ ولاسيما أنه في شهر حزيران سيبدأ تطبيق قانون سيزر، الأمر الذي يدفع إلى مزيد من تضييق الخناق على السلطة، وقد ينعكس أثره سلباُ على فئات من الشعب السوري بدون شك، وبما إنه ليس ضمن اعتبار تلك القوى مصالح الشعب السوري وهمومه الانسانية، فقد يمضون بتحقيق مصالحهم فوق أي اعتبارات إنسانية.
واقعياً بات زمن الحلول العسكرية التي اتبعتها السلطة الطغمة و داعميها الروسي والإيراني على مشارف الانتهاء، وسيبقى ما بعده هو الأصعب وهو إعادة الإعمار وموضوع اللاجئين، الأمر الذي تدرك فيه روسيا -على الأقل- أهمية الدور الأوربي والأمريكي، وكلاهما -الأوربيون والأمريكان- متفقان في المسألة السورية حول ضرورة الانتقال السياسي، الأمر الذي يفرض على الروس تغييراً في قواعد اللعبة بالمرحلة القادمة وممارسة ضغوط جدية على السلطة كي تذهب إلى طاولة التفاوض والحوار بجدية أكبر ومرونة أعلى والمضي قدماً بالتالي في موضوع اللجنة الدستورية وإجراء الانتخابات وكذلك معالجة ملف المعتقلين.
تيار مواطنة – مكتب الاعلام
٢٢-٤-٢٠٢٠